23 ديسمبر، 2024 1:53 ص

الشهرة في زمن العولمة

الشهرة في زمن العولمة

…اذا اردت ان تكون مثل الشمس فأحترق مثلها…
اختلف مفهوم الشهرة في الاوانة الاخيرة عن ما كان في السابق فقد كان للشهرة مفهوم مفعم بالحياة والامل ، أما اليوم فنشاهد كثرة المشاهير الغير هادفين والغير مؤهلين الذين ترى لديهم جمهور كبير يؤيدهم ويدافع عنهم في مواقع التواصل الاجتماعي وحتى في الشارع ، يا ترى بماذا اشتهروا ؟ وما هي مواهبهم ؟

في السابق عندما كان يفكر الشخص في ان يصبح مشهوراً في أمر فلابد ان يكون له سبب ما اما لطموحهُ لإن يعيل نفسه أو أهله بسبب كونهم من طبقة فقيرة وهنالك من يقول أنني سأصبح مشهوراً لكوني تعايشتُ مع الفقراء ورأيت كيف هي حياتهم وأردت ان اساعدهم بشهرتي ، امور جيده تدعوا للامل خاصةً عندما ترى بعض المشاهير لديهم تأثير على جماهيرهم ينصحونهم ويشجعونهم على الكثير من الامور. لكن في وقتنا هذا اصبحت الاغلبية لمفهوم الشهرة ليست كما رأينا في السابق . حيث أصبح الطموح الى الشهرة في عقول بعض الافراد كشهوة حيوان مسجون داخل قفص وللأسف قد فتح باب هذا القفص قبل ان تروض شهوة الحيوان ويسيطر عليها.

وقد اختلفت اسباب الشهرة في الماضي عنها في الحاضر

ففي الماضي كانت الاسباب سوء الاوضاع المعيشية او من لديه هدف في تحقيق شيء ما او من لديه موهبة كالرياضة مثلاً او التمثيل او من لديه القاء جيد او علم ينتفع به ، اما الان فقد أصبحت اسباب الشهرة لدى اغلب المشاهير غير مجدية نوعاً ما وقد تعتبر سخافة فمنهم من يقول لدي منزل جميل فيه حوض سباحة ، اصور نفسي وانا العب او اضع تحديات لي في السباحة وانشر لجمهوري والامر يعجبهم !! واخر يعمل فيديوهات مع زوجته او شقيقته وهم يتكلمون ويتصرفون بطرق تحرك عاطفة المشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي فيرى الجمهور هذهِ الفيديوهات وهنا يكون جواب التساؤل الذي طرح مسبقا، بماذا اشتهروا ..؟ وللأسف هم لم يشتهروا بشي سوى قلة وعيهم وسذاجتهم اما مواهبهم منعدمة تقريباً. ولكن هناك شيء مشترك في شهرة الماضي والحاضر وهو خطورة الشهرة .

والخطورة في الشهرة أنها تشكّلك وتكوّنك دون أن تعلم، خاصة إذا كان وعيك قليلاً، وقد التفتت إلى هذه النقطة المذيعة الناجحة أوبرا وينفري، حيث تقول: (إذا اشتهرت دون أن تعرف نفسك، فسوف تتكفّل الشهرة بتكوينك)

ونجد ان الشاب العربي مندفع الى تحقيق الشهرة وبأي ثمن وذلك بسبب عوامل عديدة ، واهم عامل منها” يكون اطلاع العرب على تقاليد الغرب بصورة خاطئة فعندما انفتح العالم ودخلت التكنلوجيا وانتشرت مواقع التواصل الاجتماعي انفتحت العين العربية الى الغرب بنظرة تعجب غافلين عن تقاليدهم العربية وبالطبع ليس كل العرب انجرفوا نحو الغرب فما زال العرب محافظين على تقاليدهم الى هذهِ اللحظة بفضل بعضهم البعض.

ومن بعض العوامل التي جعلت الشاب العربي مندفع هكذا قد تكون حب المال او حب الترفع والتميز او حب الارقام في المواقع الافتراضية كما في مواقع الانستغرام او الفيس بوك او اليوتيوب، نرى الشاب يفعل ما هو ليس لائق بعادات بلدهُ او تقاليدهُ من اجل رقم وهمي في الانستغرام كـ رقم المتابعين لديه او رقم تفاعل الجمهور في فيديوهات مشاهير فارغين من المحتوى الهادف ,وبدون تأثير ايجابي على جماهيرهم ودون اضافة لرصيد جماهيرهم لا بمعرفة ولا علم ولا وقت للاستفادة.

وقد كانت ولا زالت الشهرة لها اهمية في المجتمعات كافة فالمشاهير هم وسيلة تأثير مهمة ونقطة تواصل وترابط بين الجمهور فأنا كـ احد جماهير كذا شخصية مشهورة لم اكن اعلم بحال بعض المواطنين لو لا التقاء هذهِ الشخصية المشهورة بهم او التكلم عنهم وعن دعمهُ إياهم وبذلك انا متأثر بهذا الشخص المشهور وتسهيلاً لهؤلاء المواطنين اقف داعماً لفكرة هذا الشخص. لكن مع هكذا مشاهير ليس لهم دور فعال في المجتمع ليس هناك اهمية لشهرتهم .

إن كل ما قيل هو ليس لجميع المشاهير فهناك مشاهير عرب مجتهدين دائماً في ايصال الخير ونشر المحبة وأداء واجباتهم بأفضل صورة ممكنة. ودعونا نختم هذه الأفكار حول الشهرة بعبارة للأستاذ كريم الشاذلي يقول فيها: (الفارق بين طالب الشهرة وطالب المجد أن طالب الشهرة معه ترمومتر يقيس به مستوى الثناء الذي قيل في حقه ، بينما طالب المجد لا يهمه مديح الناس له، فهو عارف لنفسه واقف على حقيقتها، لا يغلب جهل الناس به علمه بحقيقته.!)