انشغل الإعلام و تسابقت الفضائيات و صار حديث الشارع هو مصطلح (شلع قلع ) الذي تبناه مقتدى الصدر في بياناته و خطاباته الأخيرة . و تفنن المحللون السياسيون في وضع تفاسير لهذا المصطلح لكنهم أجمعوا على أن الصدر يعني به شلع و قلع السياسيين و أحزابهم من السلطة , و على هذا الأساس راهن الكثيرون و علقوا الأمل به من أجل التغيير الذي يرقبه الشارع العراقي . المشكلة في هؤلاء أنهم لم يقرأوا تأريخ الرجل و هو تأريخ ليس ببعيد و ليس بطويل فهو بدأ مع دخول الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 م و امتاز هذا التأريخ بمشاهد الأكشن الكثيرة . فكثيرة هي التهديدات التي يطلقها الصدر لكن قليلة هي الأفعال أو معدومة حتى عُرف عنه بأنه رجل اللحظة الأخيرة في التراجع عن القرارات . و لعل أقسى و أبشع ما في مشاهد الاكشن المقتدائية المتكررة هو توريطه لأتباعه في مواجهات مع السلطة و من ثم الانسحاب و الاختفاء و دائماً ما يكون محل الاختفاء و مقر الاختباء هو إيران . بالأمس القريب ورط أتباعه في عام 2008 م ليتركهم لقمة سائغة أما ترسانة المالكي العسكرية في عملية صولة الفرسان و التي أودت بالآلاف منهم إلى السجون حتى يومنا هذا ليفاجئهم الصدر برحيله لإيران و إعلانه التجميد بعد أن قُتل منهم من قُتل و سٌجن من سٌجن . اليوم عاد الصدر ليكرر المشهد من جديد و بنفس لمسات الأكشن بالنسبة لأتباعه و للشارع العراقي ككل .فبعد أن بدأ بتوريطهم بالتظاهرات ثم الاعتصامات و اعتصم هو معهم ثم أمر كتلته السياسية بالاعتصام البرلماني ليفاجئهم بالانسحاب من الخضراء و سحب الكتلة من الاعتصام . ثم عاد ليأمرهم باقتحام البرلمان و مهاجمة إيران و قيادتها و الفصائل المسلحة المرتبطة بها كبدر و العصائب و الخراساني و حزب الدعوة ثم بعدها يعلن عن انسحابه و اعتكافه الذي ما لبث بعده يوم واحد حتى أقلته الطائرة الإيرانية إلى طهران و ترك أتباعه يواجهون مصيرهم أمام الشحن الذي تصاعد ضدهم لدى الفصائل المسلحة و القوى السياسية التي هاجموها في شعاراتهم . ليس بجديد ما فعله الصدر في اللحظة الحرجة لأنه هو الوحيد من أعطى التفسير الحقيقي لمعنى الشلع و القلع لينهي بذلك تكهنات السياسيين و المحللين و عامة الشعب و خاصة أتباعه . فالشلع عند الصدر هو الشلع بمعناه الحقيقي في اللهجة العراقية و هو (الفلتة أو الشردة )من تهديدات بدر و العصائب و النجباء و الخراساني و أما القلع فهو يعني الإقلاع إلى ايران لطلب الصفح و العفو و المغفرة و الحماية من بطش المالكي و العامري و الخزعلي , و معه سيكون أتباعه أمام صولة فرسان ثانية ربما أقسى و أشد من الأولى بمرات كثيرة على يد فصائل الحشد المسلحة .