23 ديسمبر، 2024 5:36 ص

الشفاعة في القرآن الكريم والسنة النبوية وأسباب نيلها

الشفاعة في القرآن الكريم والسنة النبوية وأسباب نيلها

الشفاعة هي التوسُّطُ للغيرِ بِجَلْبِ منفعةٍ أو دَفْعِ مضرّةٍ.
ومن الأدلة القرآنية: في ثبوت الشفاعة لأهلها ونفيها عمن عداهم:
1 ـ قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: 255].
2 ـ وقال تعالى: ﴿مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ﴾ [يونس: 3].
3 ـ وقال تعالى: ﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: 28]
4 ـ وقال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ لاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً *﴾ [طـه: 109].
5 ـ وقال تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ﴾ [النجم: 26] .
6 ـ وقال تعالى: ﴿وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ *﴾ [الزخرف: 86] وفي قوله تعالى: أي الأصنام والأوثان أي ﴿وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ﴾ يقدرون على الشفاعة لهم هـذا استثناء ﴿إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ *﴾، أي: لكنْ مَنْ شهدَ بالحقِّ على بصيرةٍ وعلمٍ فإنّه تنفع شفاعته عند الله بإذنه له، فهـذه الآيات تدلُّ على الشفاعة المثبتة بشروطها.
وأما الآيات الدالة على نفي الشفاعة عن غير أهلها وهم الكفار، فمنها :
1 ـ قال تعالى: ﴿لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ﴾ [الأنعام: 51] .
2 ـ وقال تعالى: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ *﴾ [غافر: 18] .
والمرادُ بالظالمين هنا الكافرون، ويشهدُ لذلك مُفْتَتَحُ الآية إذ هي في ذكر الكافرين.
3 ـ وقال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر: 44] .
ومن الأحاديث النبوية:
لقد ورد ذكر الشفاعة كثيراً في الأحاديث النبوية الشريفة في كتب السنة الصحاح منها اليوم الآخر (القيامة الكبرى، ص 166):
1 ـ قال رسول الله (ﷺ): « لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ دعا بها في أمته فاستجيبَ له، وإنّي أريد أنْ أُؤَخِّرَ دعوتي شفاعةً لأمتي يومَ القيامةِ ».
2 ـ قال رسول الله (ﷺ): « أُعطيتُ خمساً لمْ يُعْطَهُنَّ أحدٌ قبلي (وذكر منها) وأُعطيتُ الشفاعةَ ».
3 ـ وقال رسول الله (ﷺ): « أنا سيّدُ وِلْدِ ادمَ يَومَ القيامةِ … وأوَّلُ شافعٍ وأوَّل مُشَفَّعٍ».
أسباب الشفاعة:
تعدّدتِ الأحاديثُ الواردةُ في ذكر أسباب الشفاعة منها:
1 ـ التوحيد وإخلاص العبادة لله:
جاء في الحديثِ قولُ النبيِّ (ﷺ) لما سُئِلَ: مَنْ أسعدُ الناسِ بشفاعتِكَ يومَ القيامةِ ؟ قال: « أسعدُ النَّاسِ بشفاعتي يومَ القيامةِ مَنْ قالَ: لا إلهَ إلاّ اللهَ خالصاً مِنْ قلبِهِ أو نفسِهِ »، وقال رسولُ اللهِ (ﷺ): « لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مُسْتَجَابةٌ، فَتَعَجَّلَ كلُّ نبيٍّ دعوتَهُ، وإنِّي اختبأتُ دَعْوَتِي شفاعةً لأُمّتي يومَ القيامةِ، فهيَ نائلُةُ إنْ شاءَ اللهِ مَنْ ماتَ مِنْ أُمّتي لا يشرِكُ باللهِ شيئاً ».
2 ـ الصيام:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ (ﷺ) قال: « الصيامُ والقرآن يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقول الصيامُ: أيْ ربِّ منعتُه الطعامَ والشرابَ بالنهارِ فشفّعني فيه، ويقولُ القرآن: ربِّ منعتُه النومَ بالليلِ فشفّعني فيه فيشفّعانِ ».
3 ـ الدُّعاءُ بما وردَ عند الأذان:
قال رسول الله (ﷺ): « مَنْ قالَ حِيْنَ يسمعُ النِّدَاءَ: اللهمَّ رَبَّ هذِهِ الدعوةِ التامَّةِ، والصّلاةِ القائمةِ، اتِ محمّداً الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْهُ مقاماً مَحْمُوْداً الذي وَعدْتَهُ، حلّتْ له شفاعتي يومَ القيامة ».
4 ـ سُكنى المدينةِ، والصبرُ على لأوائها:
قال رسولُ اللهِ (ﷺ): « لا يصبرُ أحدٌ على لأوائها إلا كنتُ له شفيعاً أو شهيداً يومَ القيامةِ إذا كان مُسْلِماً ».
5 ـ الصلاةُ على النبيِّ (ﷺ):
قال رسولُ الله (ﷺ): « مَنْ صلَّى عليَّ حينَ يُصْبِحُ عَشْراً، وحِيْنَ يُمْسِي عَشْراً، أدركتْهُ شفاعتي يومَ القيامةِ».
6 ـ صلاةُ جماعةٍ من المسلمين على الميّتِ المسلم:
قال (ﷺ): « ما مِنْ مَيِّتٍ تصلِّي عليه أمةٌ من المسلمينَ يَبْلُغُوْنَ مئةً، كلُّهم يشفعونَ له، إلاّ شُفِّعُوا فيهِ »، وقال رسول الله (ﷺ): « ما مِنْ رجلٍ مُسْلِمٍ يموتُ، فيقومُ على جنازته أربعونَ رَجُلاً، لا يُشْرِكُونَ باللهِ شَيْئاً، إلاّ شفّعهم الله فيه».
7 ـ كثرةُ السجودِ:
عن ربيعةَ بن كعبٍ الأسلمي أنّه قال: كنتُ أَبِيْتُ مع رسولِ اللهِ (ﷺ)، فأتيتُه بِوَضُوْئه وحاجَتِهِ، فقال لي: «سَلْ» فقلتُ: أسألُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجنَّةِ، قال: «أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ »، قلت: هُوَ ذاكَ، قال: «فأعنِّي على نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُوْدِ ».

المصدر:
د. علي محمد الصلابي، أركان الإيمان: الإيمان باليوم الآخر، ص 182-185.