يبدو ان الكتل السياسية تحاول (سرقة) الشرعية من الشعب.. لانها تقر ان الشعب هو مصدر السلطات.. لكنها اليوم تحاول ان تنصب نفسها فوق الشعب..!
وهي بذلك تقفز على حقيقة مفادها: ان ما تدعيه من شرعية ، قد فقدته، بعد ان نزل الشعب الى الشارع..
وبالرغم من كون (الاحزاب والكتل) تحاول اعلاميا، ان تبدو بلباس (الدولة) وتتمسك كلاميا ب (الشرعية)..الا ان هذا الادعاء، عليه ملاحظات اهمها:
اولا: ان نزول الشعب الى الشارع، يعني، تلقائيا، سحب ثقته من العناوين التي تدعي تمثيله وخاصة البرلمان. لانهم فشلوا في حفظ الامانة وايصال صوت الشعب، وانشغلوا في مهاترات بعيدة عن مطالب الشعب.
ثانيا: ان الاحزاب مارست السلطة لاكثر من 13 عام.. لم تنتج الا الفشل في الواقع.. وهذا ما شخصه الشارع، ويرفضه حاليا.
ثالثا: ان نزول الملايين للشارع، يؤشر قرار جمعي، شعبي، ضد الطبقة السياسية، كافية عدديا للتغيير.. بل ان اقل من هذا الكم، قد انتج تغييرا في بلدان اخرى..
وهذا يمكن ان يرد عليه –من قبل الاحزاب- بالتالي:
اولا: ان الاحزاب تمثل عناوين معينة ولها قواعدها..
ثانيا: ان التظاهرات تمثل جهة معينة.. وبالرغم من صحة هذا الادعاء –نسبيا- الا ان هذا لا يلغي صفتها، كونها شعبية، ومليونية.. تمثل ارادة العقل الجمعي الوطني ضد الاحزاب وفسادها وفشلها..
ويمكن الرد على (احزاب السلطة) بالاتي:
اولا: ان الشرعية التي يدعيها (احزاب السلطة) هي اعلامية ليس لها سند شعبي، وتمثيلهم في الدولة هو بسبب استخدامهم للدعم الخارجي والمال السياسي..
والتظاهرات اثبتت ان احزاب السلطة لا يمثلون الشعب.. وليس لهم قواعد شعبية يمثلونها.. وقد حاولت جهة واحدة ان تجمع قواعدها، وبطرق غير مشروعة، ولم تتمكن ان تثبت ثقلها في الشارع..
وكل ما تستطيعه الاحزاب ، هو استخدام المال في مجال الاعلام، لفرض وجودها السياسي.
ثانيا: انهم لم يصلوا للسلطة بسبب الكفاءة والنزاهة او تمثيل حقيقي.. بل ان علة وصولهم للسلطة هو الدعم الخارجي، وان سبب تنصيبهم هو وجود السفير بريمر ..ليس الا..
أي ان السلطة ا-ليوم- هي بيد اشخاص ، اغلبهم نصبه (بريمر) .. استنادا لمقدار الولاء له او للخارج.. وليس على اساس الكفاءة والنزاهة والوطنية.
وهذا الوضع الخطأ يرفضه الشعب حاليا..
ثالثا: ان الاصل في منح الشرعية هو الشعب، والشعب هو مصدر السلطات، والكم الشعبي الغالبي السائد ، هو رافض لاستمرار هذه الطبقة، وقد طالب بالتغيير والاصلاح منذ سنوات، ولازالت التظاهرات تتصاعد وتتعاظم..
رابعا: ان احزاب السلطة، كانت مصرة على (الاستهانة) بالشعب والاصرار على تجاهل ما يعانيه الشعب، لتمرير مصالحهم الفاسدة والمخالفة للدستور ولهيبة الدولة.. وخاصة ما صدر منهم مؤخرا من ميثاق محاصصة .. وفيه خيانة للدولة وللشعب.
اما الاشكال حول جهة التظاهر ، وتصدي الصدر لقيادتها، ومشروعه، يمكن مناقشته كالتالي:
اولا: ان الجموع الشعبية، ومنها التيار الصدر والمدني، هم (عراقيون) .. لهم حق المواطنة، فضلا عن كونهم امتازوا بالوعي الوطني والحرص على سلامة البلاد، وهذا هو السبب الاساس لهذا الحراك الوطني المستقل الرائع..
ثانيا: ان الصدر ، له صوت لتاجيج الناس نحو التغيير والاصلاح، كأي مصلح او ثائر، وقد التزم بالسلمية .. ولم يستخدم اية وسيلة غير قانونية، مقارنة مع الجهات الاخرى التي استخدمت المال السياسي والرشى وغيرها..
ثالثا: ان الصدر لم يجبر الناس على التظاهر.. بل بالعكس.. القواعد الشعبية هي التي طالبته بالتظاهرات.. وخاصة التيار المدني وغيره.. الذين طالبوا الصدر بالمشاركة في الضغط الشعبي على احزاب السلطة..
رابعا: ان الصدر يتحرك تبعا لاستقراءات ، وقراءات للمطالب الشعبية.. وهو لم ينطلق في خطابه ومشروعه من مزاج شخصي.. بل ان مطلب (التكنوقراط) ليس خاصا به.. بل هو، كان ولا يزال، يمارس عملية (مكبر الصوت) لايصال صوت التيارات الشعبية.. ليس اكثر..
خامسا: ان مشروع الصدر الاصلاحي الذي اعلنه، كان (جامعا) للمطالبات الشعبية والجهوية المعلنة.. ليس الا..
وهذا ما نحتاجه لاجل انقاذ العراق من الكارثة التي سببتها احزاب السلطة.
سادسا: ان الشعب في تماس مع مؤسسات الدولة، أي مع السلطة التنفيذية، وبالتالي، تكون الاولوية لاصلاح الجهة التنفيذية، بمستوياتها كافة. لذلك كانت المطالبة بحكومة كفاءات مستقلة (تكنوقراط).. الا ان احزاب السلطة عرقلت ذلك..
اما ما يثار ضد الصدر.. ومواقفه السابقة من السلطة.. هي قضايا غير موضوعية.. والمتابع المنصف، يمكن له ان يتلمس (وحدة) الخطاب الصدري منذ 2003 الى اليوم.. ويمكن القول:
اولا: ان خطاب الصدر ينص على وحدة العراق وسيادته واستقلاله وخدمة شعبه.. وكانت الكتل السياسية كافة تؤيده في لقاءاتها وتتفق معه.. الا ان الواقع اثبت حالة (ازدواجية) عندهم.. ما دفعه لمقاطعتها مؤخرا..
ثانيا: ان مشاركة الصدر في العملية السياسية، كانت لها ظروفها.. ومطالبات من اكثر من جهة وطنية.
ثالثا: ان الصدر، اليوم، يتحمل مسؤولية شرعية واخلاقية، تجاه الملايين من القواعد الشعبية، التي تتمسك به.. وليس العكس..
لان البعض، يحاول ان يصور المشهد بشكل مقلوب.. لذلك اعتقد التالي:
اولا: الصدر يستخدم اسلوب (الدفع) مع الجماهير وليس اسلوب (الجذب).. فهو من النوع الشديد مع اتباعه، فضلا عن ممارسة (الاعتكاف) و (الاحتجاب) .. !
ثانيا: اعتقد ان الصدر يتعمد الانسحاب من الواجهة، لبيان معادلة العلاقة بينه وبين القواعد الشعبية..
وبعبارة اوضح: ان القواعد الشعبية هي التي تطالب الصدر بتولي (القيادة).. وليس العكس.. فضلا عن فرض الصدر لشروط والتزامات على القواعد الشعبية، بشكل دوري، ودون مجاملة او ملاينة..!
ثالثا: ان انسجام التيار المدني مع الصدر، هو دليل واضح على موضوعية ووطنية الصدر ومشروعه وحراكه.. ويسد الباب امام الشبهات التي تثار ضد الصدر من قبل اعلام السلطة واحزابها واسيادهم..
ان احزاب السلطة فقدت شرعيتها.. وستجد نفسها امام ثورة كبرى تطيح بها .. وسيمنح الشعب (الشرعية) لمن يثق به، لانه وحده مصدر السلطات.. الى من يثق به لانقاذ العراق من الخطر القادم.. الذي سببته احزاب السلطة..