23 ديسمبر، 2024 10:00 ص

الشـعارات السـياسـية .. و واقـعيـتها

الشـعارات السـياسـية .. و واقـعيـتها

فـي السـياســة العـربية عموما ، والعـراق بوجـه الخصوص ، لا تعبر الشــعارات السـياسية تعبيراً أمينـاً عن الواقع .. ففي عالمنا وواقعنـا لا لزوم للبحث عن موضع الشعار في عالم السياسة ، فمعظم الشعارات هي عالم الانفصـال التـام بين الواقــع وبين الشـعار .
والـذين يرفــعون الشــعارات ليسـوا أغبــيـاء طبعــاً ، وان رفـع شـعار ما قـد يحـجـب شـكاً ولو الى حين ، وقد يخفـي عيبـاً ، وقـد يفـصح عن شهوة أو طموح أو نيـة حسـنة ، وقـد يكون رواجـه من أجل ايصال افكاره الى الناس البسطاء . أو يكون من يرفع الشعار كانـت له تجربـة سياسـية سابقة .. فيعـرف ما فائدتها ووقعها عند الناس .
ولا يعني وجـود شعار كما قلنا وجود علاقـة حقيقيـة بين واضعه وبينـه ، فقد لا تتوفـر هذه العلاقة حتى لو توفرت هذه القرائن ، فانها تكون قرائن غير كافيـة أو قابلة للتصديق . أو المّـعّول عليه في ذلك ليس أخذ القرار بالشعار … بل جملة المواقـف والممارسات الواقـعية .. وهذا شيء آخر .
ولو سألتـني عن اي سياسي تحب شعاراته ، فبلا تردد أقـول .. الذي أحب اقواله وشـعاراتـه هو الذي يقول او يرفـع شعارات صريحـة وبسيطة وممكنة التطبيق وقريبـة من الناس وبلا تـصّنـع وبلا حذلقـة . .. قد يكون الشعار أحيـاناً قريبــاً من الحيـاة ، وقد يكون احياناً اخرى بعيـداً منها .. والمشكلة قـد تكون هي اضطرار صاحب الشعار للدفاع عنه حتى لو جـفت الحياة فيه ويفقـد تواصله مع الواقــع .
فلكل وقـت خصوصيتـه المتميزة ، وقد يكون أجدى من متابعة الشـعار وشـرحه وتقديم فروض القبول فيـه .. ومن أجل ذلك كانت الحياة بخصبهـا وعـفويتهـا وبساطتها وصدقهـا ، هي الأجدر بأن تكون الشـعار الأول والأخـير .
لا يُـغـنيْ الاخلاص للحياة رفض العلـم والنظـريات والتجارب السـياسية وما اليها .. بل يعني وضع ذلك كله في خـدمـة الحياة نفسـها .. .. فالنظريات والتجارب وما اليها وجدت من اجل الحياة وليس العكـس .. ونهـــر الحياة الذي تتغــير مجـرى ميـاهـه في كل لحظـة هــو وحـده الذي يبقــى .
وإذا أخـذنـا بعض الشـعارات ( مثـلا ) من تلك الشــعارات السـياسـية التي رفعــت من بعض ( السياسـيين ) بعـد الاحتـلال في 2003/4/9 ولحـد الآن ، يمكننـا ان نظفـر بكافـة المعاني التي قدمنا الاشـارة اليها .. مضافا اليها الـعُـقـدْ والمركبـّات السيكولوجيــة .
وهكذا لا يعمـل الشـعار حسـب اصوله المقررة له في كل مكان وفي كل زمان . والمشكلة هي ليست في الشـعارات بحد ذاتهـا بـل في الالتبـاس الذي يولـده عنـد الناس ، إذ يظن هؤلاء ان الشعار غير ملائم وغير حقيقي . أما عمليـة كشـف الزيف او الحقيقـة من الشعارات التي ترفع ..فقـد تحتاج الى فتـرة من الزمـن . ومن اجل هـذا لا أحـب الشـعارات ..
لأن الشـعارات هي ليست الهدف .. بل هي الوسـيلة لتمريـر مشـروع سياسي غـير معلن .