23 ديسمبر، 2024 5:40 ص

الشعوب لكي تتفاعل بإرادة جامعة وقوة ضامنة للمصالح المشتركة عليها أن تتحرك في وعاء وطني سليم غير مشروخ أو مثقوب , وأن يكون الوطن خط أحمر لا يمكن تجاوزه , وبموجبه تتقرر الرؤى والتصورات والمنطلقات.
وعندما يغيب هذا المفهوم , فلا معنى لإرادة الشعوب , ولا قيمة إيجابية لها , بل على العكس ستفضي إلى تداعيات تدميرية صاخبة.
وفي بعض المجتمعات العربية إن لم نقل كلها , مفهوم الوطن غير واضح أو يكاد يكون مجهولا وضبابيا , فمعظمها تقرنه بشخص أو نظام حكم , وتتجاهل وجوده وأهميته لحياتها ومستقبل الأجيال , ويترتب على ذلك أنها تنتقم من الوطن حالما تواجه النظام الحاكم فيه , وتنحرف رؤاها وتوجهاتها فتصيب الوطن بمقتل وإنهيارات مروعة.
ففي بلدٍ تجسد في نظام حكم قامت ثورة عليه , أدخلت الجماهير في دوامة حراكية لا تعرف الهدف العملي الواضح وتتخبط بلا قيادات متآلفة , مما سيدفع إلى التناحرات والتصاراعات المفضية إلى دمار وطني كبير.
فما هو الوطن؟
وأين حرمته وقيمته وسلامته؟
هذه الأسئلة لا تحضر لأن العواطف ملتهبة والمشاعر متأججة والتحرك الجماهيري صاخب ومدوي , مما يعني أن الحركة عشوائية , وهذا يستوجب إعادة النظام , أي أن العسكر لا بد له أن يتقدم ويمسك بزمام الأمور قبل أن يتحقق الإنفلات العظيم والصراع الدامي الوخيم.
وإذا إرتخت قبضة العسكر وتفاقمت العشوائية , فأن الواقع الوطني سيكون أمام مصير خطير , وستستمر فيه الويلات إلى وقت طويل , وسيتفتت وتذهب ريح البلاد والعباد.
ويبدو أن الحال ربما سينطبق على البلدان العربية الثائرة , أو التي هي على قائمة الثورات والإنفجارات.
فهل أدركت الأنظمة أن التغيير أمر محتوم؟!!
وهل من حكمة ويقظة وبصيرة وطنية ذات وعي جمعي مأمون؟!!