يتوهم البعض بأن المجازر التي حصلت صبيحة 14 تموز وما تلاها لم تكن بعلم من عبد الكريم قاسم
وهنا كانت الخديعة الكبرى في تصرفات عبد الكريم قاسم
صحيح أنه في الظاهر لم يتورط بها شخصياً ولكنه أطلق العنان وفتح الضوء الاخضر لارتكاب تلك الجرائم وكان بالامكان منع حصولها
إن الشعوب تُضطهد وتُصادر حرياتها وتُمتهن كراماتها عند تسلّط الانظمة الجائرة المُتعسفة التي تستهين بالقانون ولم تحترم إرادة الانسان ولم تحفظ كرامته وهي تحكم بالحديد والنار
ولهذا لم تجني الشعوب العربية وعلى مدى عقود سابقة وعقود حالية غير الفوضى والتخلف والخراب واستلاب عقول الناس وتحجير تفكيرهم وبث الفرقة بين صفوفهم
ويقف المواطن حائراً مذهولاً وهو يعيش الضبابية في كل شيء ولم يعد قادراً على الفرز بين توجهات الاحزاب السليمة وغير السليمة بعد أن تلاقفته تلك الأحزاب وتلاعبت بأفكاره التيارات السياسية التي لم تفكر يوماً واحداً بخدمة مصالح البلاد
إن عبد الكريم قاسم لم يكن شيوعيا أو قوميا أو إسلاميا في أفكاره فلماذا كل هذا الاهتمام بهذه الشخصية من قِبل الحزب الشيوعي
والجواب على ذلك هو بسبب عقدة النقص لديهم وإحتضانه لهم لفترة ليرضوا بها غرورهم ويتسلطوا على مناوئيهم من الاطراف السياسية الاخرى ويبطشوا بهم وكذلك بسبب عدم وقوف غرمائهم القوميين الى جانبه ومناصرته بل أنهم ذهبوا الى الاطاحة به
لم نعهد إهتماما للشيوعيين بشخصية أكثر من إهتمامهم بعبد الكريم قاسم حتى أن إهتمامهم به زاد على إهتمامهم بمؤسس الحزب الشيوعي
والجواب جاهز لديهم في جعبتهم بأنه شخصية وطنية
فهل يمتلكون تعريفا دقيقا لمفهوم الوطنية
وهل ان تلك الوطنية المختمرة في أذهانهم قد خدمت الوطن وأبناء الوطن
أم أنهم إعتادوا أن يكونوا دائما ذيلاً لغيرهم
اليوم نرى ان الكتلة السياسية الاكبر المتمثلة بـ(سائرون) والمتحالفين معها هي التي تقود مسيرة العراق
وستمضي مدة الدورة الانتخابية ولم تحقق هذه الكتلة أدنى قدر مما وعدت به وتعهدت لناخبيها وجمهور الشعب العراقي
بل ان الوضع العراقي قد إزداد سوءاً
فما هو تبرير هؤلاء (المناضلين) الشيوعيين الذين قاموا بالأمس بتخوين حتى رفاقهم حينما ذهب أولئك الرفاق الى مقاطعة الانتخابات بسبب معرفتهم بما يحصل من تزوير وتزييف والجميع يعرف أنه لم يكن هنالك أية مصداقية في طريقة وآلية وقوانين إجراء الانتخابات
وهل ان حمل الكاميرات والآيفونات والتقاط بعض الصور او نشر بعض الاحتفاليات او الرقصات او تعليق صور عبد الكريم قاسم على مقرات الحزب الشيوعي بذكرى
انقلاب تموز هو تحقيق لآمال الشعب العراقي وماكان يرجوه
أم أنهم يكتفون بتحقيق أهدافهم ومنافعهم الشخصية بعد تأمينها لهم ويبقون يرقصون على جراح الفقراء والمسحوقين من أبناء الشعب ويطربون لمعاناتهم
وهل يفكر هؤلاء الوصوليون والأقزام السفلة من بعض الشيوعيين بموقفهم الرديء والانتهازي في الانتخابات القادمة ماذا سيقولون للشعب العراقي
أم أنهم أسوأ من القحبة لأن القحبة تمتلك بعض الحياء