بعض الشعوب عجينة يصنع منها الآخرون ما يشتهون من الحالات , التي يستمرؤنها ويرسمونها لتأمين مصالحهم وتحقيق أطماعهم.
ويبدو أن مجتمعات الأمة عجينة الطباع , وما أكثر المتسابقين على خبزها في تنانير مصالحهم الأجّاجة , والعمل على إخراج مسرحيات من ثيمات الفوضى الخلاقة.
فما يحصل يجب أن يكون لصالح المفترس , والضحية عليها أن ترقص كالديك المذبوح من الألم.
وشعوب الأمة عجين تصنع منه الكراسي وأصحاب الوكالات السلطوية , ما يرغبونه من الفطائر والمعجنات اللذيذة الطعم , وما أكثر صمون الشعوب وخبزها الحار من شدة اللهيب.
فلماذا تكون شعوب الأمة عجينا؟!!
والجواب ببساطة لأنها توارثت مفهوم “السمع والطاعة” , وعبَّرت عنه بأشكال متنوعة , ذات هدف واحد , وهو التخنع والتركيع وتأمين التبعية , وإلغاء العقل , وإعتبار إعماله في أي موضوع جريمة كبرى يحاسب عليها القانون بقسوة , وكم من الآلاف من ذوي الرأي والبصيرة , إلتفت حول أعناقهم حبال المشانق , وتهمتهم أنهم أصحاب رأي يتم تفسيرة على أنه ضد الكرسي الحاكم بإرادة الآخرين.
ومضت أمة العرب بملايينها وهي لا تساوي في نظر الطامعين بها سوى عشرين كرسي أو يزيد بقليل؟
فصوت الشعب مغيَّب , وما تنطق به الكراسي هو الدستور والقانون , وتحقق في بلدان الأمة منع ثقافة الدستور وحقوق الإنسان , وترسّخ في الوعي الجمعي أن البشر أرقام.
وبهذه الآليات تم تسويغ الحرمان والجوع والفقر والقهر والعدوان على المواطنين , وإعتبار الكرسي هو الوطن والعنوان , ومن لا يتبارك بالكرسي خائن وجبان.
أما العلم فحرام , لأنه سيزعزع السلطان , ويجعل البشر يشعر بإنسانيته ويعيش في عصره , ويشارك بالإبداع والإبتكار والإختراع الفتان.
وهذا ممنوع , فالمطلوب عجينة هامدة في أوعية الأوطان!