23 ديسمبر، 2024 4:15 م

شعار جميل مطروح في الساحات العامة والخاصة العراقية والمجالس العائلية الضيقة وأحاديث الفضائيات ونقاشات المسئولين العلنية كما يطرح ربما في مجالسهم الخاصة فالشعب ومعه بدعم كبير المرجعيات الدينية له مطلب مهم يحاول من خلاله إصلاح كل الأوضاع العراقية السياسية والاقتصادية والثقافية وعلاقاته الاجتماعية وإعادة دمج أطيافه ومكوناته وهكذا في كل الاتجاهات كما يطالب بإلغاء المحاصصة الطائفية والسياسية ذلك على الصعيد الشعبي أما من جانب القادة السياسيين فلم نسمع عن أحدا ما عارض هذا المطلب بالمطلق وكل عبر عن هذا التأيد بطريقته الخاصة وحسب الأداء السياسي ومتبناه العقائدي وما يعتنق من أهداف ومبادئ لان الجميع يدرك أن من يقول بغير ذلك معناه انتحاره سياسيا واجتماعيا وربما ستكون خاتمته السياسية بلا جدال وللبحث في هذا الشعار من بعيد دون الخوض في التفاصيل على أهميتها خشية من أن يكون القول جارح للقسم منا يمكن طرح بعض الأسئلة فربما توضح الصورة وتكشف زيف ادعاءات المدعين دون قناعتهم وتماشيا مع حالة الغليان الشعبي العامة مثلا لا حصرا :-
إذا كان أهل الحل والعقد فعلا يقولون بالوطنية العراقية أولا كما يدعون هل يسمح أصحاب الشأن أن تتبدل زعامات المناصب الحكومية الحالية مثلا أن يكون رئيس الجمهورية صابئي ورئيس مجلس الوزراء مسيحي وكذلك رئيس مجلس النواب من أشقائنا في الوطن الايزيدين وهل يسمح الأخوان في الكتل السياسية المشاركة في الحكومة بالتنازل عن مناصب مرشحيهم والاكتفاء بمراقبة عمل أجهزة الحكومة التنفيذية وتوجيهها في حالة انحرافها وتماشيا مع القانون العراقي السائد وذلك لا بشكل أي خرقا دستوريا حيث لا نجد فيه تحديدا لانتماء أي مسئول في الدولة العراقية ولم يتطرق لهويته أو انتمائه؟بالتأكيد سيكون الجواب فعلا لا قولا بعدم الموافقة والنفي وهذا عكس ما يتمناه الشعب لأنه يريد من يخدمه لا من ينتفع على حسابه مع ملاحظة إن كل مسئول يتحدث في أجهزة الإعلام المحلية وغير المحلية يتهم الآخرين بالفساد وسرقة المال العام وربما لا ينزه نفسه أو كتلته واخطر ما طرحه أي شخص ما قاله عضو مجلس النواب السيد مشعان الجبوري بتقاضيه الرشوة بملايين الدولارات للتغطية على فساد احد المسئولين والأغرب من ذلك سكوت القضاء عن مثل هذا الاعتراف وليس هناك أي تبرير.
إن الأحداث الأخيرة التي حصلت في المنطقة الخضراء ودخول أعداد غفيرة من الشعب بمختلف الأعمار ومن كلا الجنسين من كل الشرائح الاجتماعية العراقية بصبغة التيار الصدري كانت مؤشر جدي جديد مختلف ويدعو للتساؤل فهل كانت تحصينات المنطقة الخضراء هشة إلى هذا الحد وهل كانت تحصينات مجلس النواب الأكثر هشاشة أم إن الكيل قد طفح وان الغليان الشعبي كان اكبر منها أم إن هناك اتفاقات كانت قد جرت خلف الكواليس أم إن تعاون من نوع ما كان بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية المكلفة بحراسة المنطقة الخضراء أم إن الجميع ينصاع باقتياد أعمى لجهة معينة أم إن الجميع قد أدرك انه من شعب واحد وأهدافه مشتركة أم ماذا كانت دلائل ذلك المشهد ؟
ما تبع ما جرى والانسحاب وبعد انتهاء مراسيم زيارة الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام ونزول أعداد كبيرة من الحشد الشعبي ومن فصائل متعددة مذهبها واحد وقوميتها واحدة إلى شوارع بغداد وبتجهيزاتهم العسكرية ماذا كانت تعني ؟ هل نحن إزاء نهج اقتتال داخلي بيني أم تحدي جديد أم مساندة لحكومة السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر ألعبادي التي طالب هو بإقالة وزرائها أم مساندة للحكومة الجديدة التي لم يكتمل التصويت على وزرائها المقترحين أم طي لصفحة التظاهر السلمي التي امتدت لسنوات أم ماذا ؟
ليس من المهم أن يدمر صبي عن قصد او غير قصد آثاث بناية وليس من المهم أن يعلو صوت هذا أو ذاك بإقالة وزير أو إبعاد مدير وليس من المهم أن نحصن هذا المبنى أو تلك الوزارة  من اقتحام شعب غاضب يشعر بالإهمال بقدر ما نحن بأمس الحاجة إلى حفظ دماء أبنائنا من غدر أعدائنا المتأسلمين ومن عصابات داعش الإرهابية … نحن بحاجة إلى احترام وجودنا وتنظيف ذاتنا من أنانيتنا وطمعنا ليحترمنا غيرنا … نحن بحاجة إلى توحيد جهودنا ورص صفوفنا واحتواء بعضنا وبعقول ناضجة ونبعد عنا ما يفرقنا ليحترمنا من في الخارج ومد يد العون لنا … نحن بحاجة لنتعاون لبناء بلدنا ولان نعيش بسلام .
إن في أعماق رجال السياسة في بلدنا هاجس المؤامرة وانعدام ثقة بعضهم في البعض الآخر وربما هذا موجود في داخل الكتلة الواحدة وبين أعضائها وهو ما يحركهم بعدوانية ومن خلاله يضعون آليات عملهم وهو أهم أسباب فشلهم إضافة إلى تعدد وتعالي أصواتهم وانعدام الرؤى القيادية الموحدة المسئولة بينهم فتجاهلوا الرجوع إلى من يحكم بينهم في نزاعاتهم بحكمة الرجل الرشيد لو أطاعوه لحافظوا على تواجدهم في جادة الصواب … فالكل يدعي انتمائه للمرجعية الحكيمة وهي تنفي هذا فلماذا لا يحتمون بها جميعا ويهتدون بهديها ولماذا يضعونها خلف ظهورهم ويهملون توجيهاتها وهي لا تبغي لشعبنا إلا الخير ودون مقابل إلا رضوان الله .
حمى الله شعبنا وسدد خطواته وجنبه كل مكروه .