23 ديسمبر، 2024 3:47 م

الشعب يريد إصلاح النظام الشعب يريد إصلاح النظام

الشعب يريد إصلاح النظام الشعب يريد إصلاح النظام

“ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ، ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ،وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد”.

كل المعطيات والدلائل تشير وتدل على أن الفاسدين والسراق الذين أرتضوا لأن يضعوا انفسهم في هذا الموقف الشائن والمأزق المخزي، بجريرة التصعلك والاعتياش الغير مشروع من أجل الثراء الفاحش وبأموال سحت سرقت من بيت المال العام بخطيئة الفساد المالي والأداري والسياسي والاجتماعي مقابل الأثرة بمستقبلهم السياسي وتاريخهم الاجتماعي والوطني، وبتبديد ثروة العراق الهائلة لمنافعهم الشخصية واشباعا لنهمهم وجشعهم، مستغلون بذلك الظروف الشائكة التي يمر بها البلد، واستغلالهم للمناصب والدرجات الرفيعة التي حازوا عليها وبلغوها بدون وجه حق، بينما يرضخ معظم العراقيين للعيش تحت وطأة الفقر المدقع، بأنهم-أي الفاسدون ومن كان على شاكلتهم- لن يألوا جهدا من تبني صراع ومعركة ضد الحكومة والشعب قد يفوقا في حيثياتهما ونتائجهما حيثيات ونتائج معركة شرسة على غرار المعارك الكلاسيكية بما تسمى بوفق المصطلح العسكري بحرب العصابات، إن صح الوصف، وقد تصطف عدة أجندات ومخططات دولية ومنظماتية وراء تلك المافيات، وقد تكون تلك الأجندة هي نفسها التي وقفت في وقت ماض وراء عصابات داعش الأرهابية بنفس المستوى من الدعم والاصطفاف وان اختلفت الطرق والأواني فالهدف واحد من ناحية مستواه وسقفه ومن ناحية حجم الاضرار التي سيلحقها الفساد بالبلد كتوأم ونظير للارهاب لأنهما من سنخ واحد، مصداق نظرية أرخميدس لطريقة الأواني المستطرقة في السوائل، من حيث ان الفساد والارهاب يأخذان مستوى واحد في ترتيب الاضرار، كالسائل الذي إذا وضع في الأواني المستطرقة “المتصلة بعضها ببعض ومختلفة في سعتها وشكلها” فانه يأخذ مستوى افقي واحد في جميع تلك الأواني انى يحل واينما يوضع.

وفي هذه الحالة سيصطف الشعب كله وبكافة شرائحه ومكوناته لمكافحة هذا المد القذر والقضاء على هذه الآفة المزمنة ليشكل طرفا رئيسيا من طرفي الصراع والنزاع، ليقابل ذلك الطرف من الفاسدين والمقصرين والسراق ومع من يقف ورائهم ومعهم، وسيصر الشعب في هذه المعركة على تحقيق ارادته في الاصلاح والتغيير والانجاز والانتصار المبين، بينما تتمسك تلك العصابات بمكاسب السحت التي سرقوها في الأيام المنصرمة عندما كان العراق نهبا مباحا مستباحا خلال الاثني عشر عاما المنصرمة بفضل خيمة العملية السياسية الخائرة المخفقة وحكومات المحاصصة والشراكة المقسطة وهيمنة الكتل على جو وفضاء البرلمان.

وسوف يذهل الشعب العراقي الابي العالم كله ويفاجيء الجميع من انه شعب واع يريد الحياة والاصلاح، ويذهل الطغمة السياسية الحاكمة من انه شعب صابر وحليم ولكنه غضب فقام ولا يقعد الا بتفيذ جميع مطالبه المشروعة وتحقيق كافة الإصلاحات التي تظاهر من أجلها والتي تعهد بها السيد العبادي على اثر توجيهات المرجعية الرشيدة من اليوم السابع من شهر آب 2015 المؤيدة لوثبة الشعب العراقي المظلوم لتحقيق الإصلاحات وارجاع العراق إلى سابق عهده ومكانته التي تناوب الحكام على إنحالها وإذابتها، والقضاء المبرم كذلك على الارهاب الذي يمثل الوجه الثاني للفساد، وسيكون يوم الحادي والثلاثين من تموز 2015 يوم خالد في تاريخ العراقيين، وهو اليوم الذي شهد انبلاج الحشد الشعبي المدني لمكافحة الفساد والانقضاض على المحاصصة والطائفية وتفعيل دور الحكومة ودور القضاء من أجل الاصلاح والتغيير الجذريين وعدم القبول بانصاف الحلول أو الحلول الترقيعية والاحتوائية.

وفي هذا بات من الضروري أنه ليس للسيد العبادي بد من انجاز الإصلاحات سوى الالتزام بتعهداته التي قطعها على نفسه للشعب وللمرجعية بالسير قدما لتحقيقها خلال ظرف زمني معقول وإن كلفه ذلك حياته و”وعد الحر دين”، وأن يكون الاصلاح جذريا وحقيقيا وأن ينجز بكل جرأة وتفان وأن لايدع هذه الفرصة أن تفوت أبدا أو أن تمر مر الكرام دون إقتطافها، وعليه الايفاء بالعقود والوعود، إذا أراد أن يدخل التاريخ من أوسع ابوابه. ذلك لأن انبثاق حكومة اصلاحية مهنية كفوءة مرهون بحجم مجموع حزم الإصلاحات وبانواعها التي يتبناها السيد العبادي بنفسه، وبقوة إرادة الشعب وإصراره على تنفيذها حرفيا.

بيد أن هناك تجاوب واستجابة واضحة لمطالب المتظاهرين من قبل السيد العبادي، لأن مطالب المتظاهرين بدى عليها انها مطالب مشروعة، ويدور محورها في أغلب مناطق العراق على القضاء المبرم على الترهل التي تعاني منها مؤسسات الدولة، وعلى تحسين الاداء الحكومي لتوفير الخدمات الانسانية لجميع العراقيين بدون استثناء، واولى المطالب مكافحة الارهاب والفساد واسترداد أموال الدولة المسروقة والمنهوبة، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فضلا عن تنفيذ خطوات التغيير والاصلاح، وكان جل شعارات المتظاهرين تتمحور على تنفيذ مطلب الاصلاح، فأقتبست واحدا من تلك الشعارات وجعلته عنوانا لمقالي هذا الا وهو:”الشعب يريد إصلاح النظام” وهناك الكثير من الشعارات التي رفعها المتظاهرون أكتفي بذكر واحدة منها في سبيل الاعتبار هو:”باسم الدين باكونا الحرامية” يقصدون بذلك أن بعض من المفسدين قد ارتدوا عباءة الدين للتغطية على فسادهم، تماما كالذي تقوم به عصابات داعش بل وزادوا على ذلك برفع شعارات ورايات واناشيد دينية، والدين منهم براء.
هذا وأن استجابة السيد رئيس الوزراء لنداء المرجعية الرشيدة التي أيدت مطالب المتظاهرين ودفعت باتجاه الاشارة على الخلل وتشخيصه، ساهمت في تشكيل “المثلث المحوري” المنسجم تماما مع تطلعات الشعب العراقي، بما يصح القول افتراضا أن نطلق عليه ب”مثلث القاسم المشترك” الذي استطاع وبشكل غير متوقع أن يعطي للعراق نقلة ذات علامة فارقة تدفع بالوطن لأن يغادر مستنقع التداعيات والانضمام لركاب الاستقرار والازدهار ولتحقيق العدالة الاجتماعية لجميع المستويات، والاستفادة من ثرواته الطبيعية والصناعية والزراعية المهدورة بعد القضاء التام والناجز على آفتي الارهاب والفساد.
 
ولايقتصر الاصلاح على المفاصل التي أقرت بحزم الإصلاحات المعلنة والتي ستعلن فحسب، بل الأهم من ذلك أن تمتد رؤى الاصلاح إلى إصلاح القضاء ليتسنى تطبيق العدالة في محاسبة جميع المقصرين بكل حزم، وأدلها القصاص العادل والحازم بحق المفسدين والسراق والارهابيين وجميع من سولت وتسول له نفسه بخيانة العراق والعراقيين من جميع النواحي، وان يتم القصاص على وفق “المواطنة” ومبدأ “من أين لك هذا”.

هذا وأن الشعب مصر وجاد هذه المرة في تحقيق الإصلاحات في حراك يرضح الحكومة لتحقيق مطالب المتظاهرين التي أعلنت وستعلن في كل جمعة، وبمسعى جاد من قبل المرجعية الرشيدة لمراقبة الأداء الحكومي في تنفيذ باقي حزم الإصلاحات دون أي تردد أو تباطؤ أو تلكؤ أو تسويف، وكلاهما سيساهم في تحقيق النقلة الاصلاحية وانجاز المكاسب العظيمة للبلد نحو الرقي والتحرر من ربقة سيطرة الاقطاع السياسي والاجتماعي الذي ركب موجته الارهابيون والمفسدون والانتهازيون والزمكانيون، وسيساهما في اسناد أدامة زخم الحكومة في الاصلاح ومعالجة أخطاء نظم الشراكة والمحاصصة السياسية السابقة.
والله ولي التوفيق.
“ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها”