23 ديسمبر، 2024 10:25 ص

الشعب يبحث عن دكتاتور للقيادة !

الشعب يبحث عن دكتاتور للقيادة !

في أمسية من أماسي رواد المجالس الثقافية البغدادية ألقى الأستاذ العميد المتقاعــد (كاظم هلال البدري) محاضرة حملت عنوان (القائد ومفهوم القيادة)      وذلك في  ملتقى الدكتورة امال كاشف الغطاء  وبحضور  نخبة من رواد المجالس الثقافية والفكرية البغدادية ، ما شدني في تلك المحاضرة هو علامة التغيير في فكر وتوجه الشعب اذ بدء يفضل الدكتاتورية على الديمقراطية للأسباب التالية  الترهل والفوضى في القيادة ،نهب البلاد والعباد بحجة تقاسم السلطة والتوازن في المناصب ،  دخول البلاد في دوامة القتل والعنف ، تسليم البلاد بيد عصابات تنظيم داعش الإرهابي  ،استفحال  مافيا الفساد ،  استغلال البعض من العشائر وتأجيج الصراعات وابتزاز الشركات وإضعاف هيبة الدولة ، عدم خضوع البنك المركزي العراقي للمراقبة وتهريب العملة الصعبة وربما تصل الى التجمعات لإرهابية .  ندون ماجاء في محاضرة الباحث لغرض تعميم الفائدة والاستفادة من تلك المعلومات الهامة.  تطرق الباحث  الى  موضوع القائد والقيادة اذ قال  هو شائك ومتنوع ومتشعب الأطراف وان القيادة انوع منها سياسية وعسكرية ودينية وإدارية وانا لا أتكلم عن بقية القيادات ، نتكلم عن القيادة السياسية حتى لا تختلط الأمور علينا ، نستعرض من أين جاءت  كلمة القائد مشتقة من كلمة قائد الفرس وسار امام القوم ، ولا بد للقائد من ان يكون في المقدمة ، والمصدر هو المثال الشائع بان الخيل تقاد ولا تركب وكثير من المعاني الأخرى، وهناك مرادفات كثيرة للقائد الرئيس الحاكم الوالي والعديد من الأسماء والألقاب بهذا الشأن ، وأقدم اعتذاري للنسوة بسبب عدم العثور على قائده في البحث الذي تابعته ، وحين عملت الاستبيان الخاص بفن وحكمة القيادة من زمن الملكية الى الآن وجدت ان نسبة 40 % تؤيد عدم  أصلاح وعدالة ونزاهة تلك القادة باستثناء بعض الآراء التي تؤيد حقبة القائد عبد الكريم قاسم ، أما ألان فيتم النضر الى القائد من خلال القناعة  الدينية  ولا ينظر له من خلال مصلحة الوطن والشعب ومستقبل الأجيال القادمة ، وألان ينتخب القائد على مبدأ الدين وهذه كارثة يمر بها العراق ويتم الاختيار على أساس الدين والمذهب والطائفة ، وهذه مأساتنا الكبرى مع كل الأسف ، وهناك عوامل منها الخلفية الفكرية التي تترسخ عند الإنسان من اجتماعي وسياسي وعلمي فضلا عن حملت الشهادات العليا وطبقة المثقفين وتلك القراءات تختلف عن بقية طبقات المجتمع ومن يتبع الاحتياجات الخاصة للإنسان فتلك تعد قصورا في الرؤية وعملية الانتقاء مرض ومن يفكر في بقية احتياجات الناس وتحقيق عوامل التنمية والعدالة والبناء والأعمار، ويجب أن يكون الاختيار على أسس الكفاءة والنزاهة والسيرة الوضاءة من اجل إنجاح عملية القيادة والنهوض في البلد أسوة ببقية دول العالم . ومن صفات القائد وأول من كتب بهذا الموضوع هو عبد الله بن المفقع المتوفى سنة 42 هجرية ، وبتلك الكتابات أصبحت متوارثة ومألوفة أحكام القيادة وخاصة كتبه في الأدب الكبير والصغير وبدأ يخاطب الحكماء والرؤساء بهذا الوعي الذي يمتلكه . ان أول صفة للقائد هي الشجاعة وإذا لم يتحلى القائد بهذه الصفة لم يطلق عليه صفة القائد ، وهناك بعد شاسع للقادة في الدول العربية عن شعوبهم بسبب الخوف ، وهم يشعرون  بالخوف وارتكاب الأخطاء ويعتبرون مقصرين  تجاه الشعب  وآلامه . كما أن الذكاء والتفكير السليم يعدان من صفات القائد الجيد فضلا عن الثقافة الفكرية والاجتماعية وغيرها من الصفات التي تؤهله أن يكون قائد ومميز عن الآخرين وحتى المستشارين وأعمالهم  لا تغني عن حنكة وإدارة القائد للشعب كما يجب ان يكون القائد صادقا وأمينا ، ولا يبقى احترام وتقدير للقائد عندما يعتاد على الكذب والتدليس  وتسقط هيبته واحترامه ويصبح لا يطاع من قبل الشعب وعموم الناس ،وان يكون قوي العزيمة والحزم وجازما وبدون تلك العوامل يصبح القائد لا يقود.  ويعرف القائد في اللحظة الحاسمة ويتخذ القرار عن قناعة ويتم حسم المواقف وان يكون أبي  النفس وغير طماع ، ونحن الان عراق بلا قيادة ويحكمه مجموعة من الأشخاص ، وهل يصح ان يسرق القائد شعبه ويحرق سبائك الذهب في فندق ليلة احتفالية وتلك أموال وممتلكات الشعب ، ولا يوجد لدينا قائد لديه سبق نظر في الأمور الاقتصادية وتغيرات السوق وانخفاض أسعار النفط  وتلك القراءات المستقبلية من اجل إسعاد الشعب وإصلاح شانه بشتى المجالات . ومن الصفات الأخرى للقائد هي ان يتحمل المسؤولية ولا يرمى بالإخفاق والإهمال على غيره ، ويجب ان يتحلى بالصدق والنبل والشهامة حتى يقتدي به المجتمع وان يكون قدوة للجميع وهو المرشح والمنتخب من قبل الشعب لشتى الأمور ولجميع القضايا ، وحتى عندما يواجه المشاكل والأزمات تكون لديه عدة حلول سريعة ومنطقية وتكون الطرق لديه سالكة ومعبدة، وان يكون حكيما بمعرفة شتى الأشياء والعلوم للاستفادة منها وتكريسها لخدمة الشعب ، كما ان المهارات والسمات للقادة هي في صميم عملهم وحتى السمات الجسمية تلعب دورا كبيرا ويجب ان تكون متكاملة ودون عاهة او عوق وقد ذكر الباري عز وجل في محكم كتابه المجيد  بقوله  ، إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ، ويجب ان لا يتأثر القائد بردة الفعل وان يكون ذو تفكير سليم ومطلع على كافة الامور الاجتماعية والحياتية ، اما المهارات الفنية للقائد فيمكن إدخال المهارات العلمية وان يكون قريب من التجديد لشتى مجالات الحياة ، وهناك فقرة صنع القرار وتحمل المسؤولية ومعالجة الأزمات قريبا من موقع الحدث اذ تصل الرسالة إلى الشعب من صاحب القرار في الزمان والمكان ، ولا ينبغي على القائد ان يكون متكبرا ويصاب بالغرور والنرجسية وإلغاء الأخر ويعتبر نفسه انه الشخص الوحيد القادر على الإدارة  والتحكم بكل شئ دون إشراك الآخرين ، وهناك مسألة مهمة وهي اختيار الحاشية اذ سقطت إمبراطوريات ودول كثيرة و كبيرة بسبب عدم اختيارا لعناصر الجيدة لهذه المهمة الصعبة لان البطانة والحاشية تكون فاسدة ويجب ان تعمل تلك الصفات والمستشارين بصدق وأمانة بأيصال الرسالة وعرض الاستشارة أمام المختصين ، وتقديم مصلحة الناس على مصالحهم الشخصية ، ويمكن للمشورة ان تذهب بالملك او الرئيس اذا كانت كاذبة او مضللة , ومن واجبات القائد خلق روح التماسك الاجتماعي والتعايش السلمي بين أطياف المجتمع و إشاعة الحكم الرشيد  بعدالة ومساواة وإشاعة اللحمة الوطنية ، وان مفهوم القيادة هي المسؤولية والعمل مع بقية المسؤولين لتلبية الأهداف وتحقيق الرفاهية وبناء المجتمع مع قادة النخبة في البلاد ، اما نظريات القيادة ومفهوم الاكتساب للقيادة  وهل هم يولدون ام يصنعون ؟ ويقال ان الدارسة والتجربة والعمل والخبرة والتدرج  تصنع القائد ، فيما يذهب البعض إلى القول بضرورة وجود موروثات تولد مع الإنسان وتصقل مع العمل ، وهناك مواقف للقادة مع النخبة وحسم الموقف وتدل تلك الأفعال والإعمال على نجاح القائد ، وتوجد ثلاث قيادات ديمقراطية ، واستبدادية ، وفوضوية ، وتختلف القيادة الاستبدادية عن الديكتاتورية ، وهناك شعوب هي تبحث عن الديكتاتور ويتم التعاقد معه وتعطى له امتيازات لا توصف من اجل ان يتسلم زمام الأمور في القيادة لكي يتخلصون من الكوارث والأزمات وادعوا ان يكون في العراق دكتاتور ويجب على العراقيين البحث عن دكتاتور لتسلميه السلطة وإنقاذ البلد ، وهناك أكثرية توافقنا على هذا الطرح ، ولا نريد أن يأتي قائد استبدادي مجرم ليتسلم السلطة ، وان الديكتاتورية ليست إجرام وهي تعني تنفيذ الأمور والواجبات بأسرع وقت بدون روتين وبيروقراطية ، اما الاستبداد فهو طغيان وتسلط وتفرد بالسلطة ، اما القيادة  الفوضوية فقد تنطبق علينا الان وما يحدث هو خير دليل على ان القيادة في العراق هي فوضوية ، والشعب يبحث عن دكتاتور للقيادة لغرض الخلاص من الأزمات والحروب  والعيش بسلام وأمان .

[email protected]