“أنا حمورابي , الملك الكامل , لم أكن مهملا , ولا مزعجا للشعب”
هذا ما كتبه حمورابي في مسلته الخالدة المتباهية في متاحف الدنيا , التي صانتها من توحشنا وعدوانيتنا على آثارنا.
وقد إختصر معنى القائد بكلمتين , أن لا يهمل شعبه ولا يزعجه!!
فالقيادة الناجحة هي التي تحارب إهمال وإزعاج الشعب , وقيمة القائد أيا كان توصيفه تتحدد بقدرته على الفوز بهذه الحرب المتعددة المعارك والميادين.
فكم من قادتنا فكروا في عدم إهمال الشعب وإزعاجه؟
هاتان الكلمتان الملخِصتان للقيادة الناجحة لا تخطران على بال قادتنا , وإن حضرتا فأنهما من وسائل الحكم المعاصرة , التي تعني على الشعب أن يعالج تداعيات إهماله وما حوله من المنغصات والمزعجات , لكي تتفرغ الحكومات لسرقة البلاد والعباد , بعيدا عن أعين الشعب , أو في غفلة من أمره , وتسجل جرائمها , وإهمالاتها وإزعاجاتها ضد مجهول , تعرفه ولا تصرح بإسمه!!
فالسمات الأساسية للقيادة معروفة في مسيرتنا الحضارية منذ آلاف السنين , وتجدنا أمام قادة يجهلون حتى النطق السليم بالعربية , ويدّعون بأنهم يعرفون , ويستحقون التبجيل والتقدير والطاعة المطلقة , وهم بلا قدرة على قيادة نعجتين!!
ذات يوم عصيب , إقترب مني راعي مدينتنا أيام زمان , وقالها بالحرف الواحد , أن صاحبكم لا يصلح لقيادة نعجة واحدة , وليس شعبا , كيف يفعل كذا وكذا؟!!
تأملته مستغربا , وبعد أن دارت الويلات على ظهر السنين العجاف تبين أنه كان مصيبا في تقييمه , والجميع كانوا يعيشون في خدعة , وبرمجة نفسية تؤهلهم لإسترخاص حياتهم , وبذل الغالي والنفيس من أجل السراب المأمول.
وكثيرا ما أتساءل لماذا قادة دولنا لا يقرؤون التأريخ , ويطلعون على جهابذة الأمة , وما سطروه من أفكار وحِكَم وإرشادات للحكم الصالح الرشيد , وأحتار في الجواب!!
ولايزال قادة الأمة يعيشون في جهل قيادي وخيم , فلا يعرفون شيئا عن مسيرة أمتهم , وأفكار القيادة المتمخضة من تجاربها الطويلة العسيرة واليسيرة.
فهل من عودة إلى ذات الأمة وإدراك جوهر لبِّها ومنطلقات رشدها؟!!