في عام 2005 جرى التهريج لدستور جمهورية العراق لعام 2005، الذي طرح للإستفتاء عليه، على أنه سينقل العراق إلى مصاف الدول المتقدمة الديمقراطية، و على الشعب العراقي أن يخرج بقوة للتصويت بنعم على إقراره حتى يفوتوا الفرصة على الإرهابيين لإعادة العراق إلى العصور المظلمة، و بالفعل صوّت العراقيون بنعم للدستور. و الآن بعد خمسة عشر سنة أصبح الحال العراقي في وضع مزري، و على جميع الأصعدة، و أخذ المهرجون للدستور يلقون اللوم على الدستور بأنه سبب الخراب و أنه كتب على عجل و أنه مليء بالألغام.
في عام 2009 جرى التهريج، من قِبَل الذين هرجوا للدستور، لجولات التراخيص النفطية التي وقعها العراق مع الشركات الاجنبية و وصفوها بأنها من أكبر الإنجازات التي حققتها وزارة النفط والحكومة العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921، و أنها ستزيد الدخل القومي العراقي مما سينعكس إيجابا ً على مستوى دخل الفرد و أنه سوف لن تبقى بطالة و جوع و مرض. و الآن أخذ المهرجون لجولات التراخيص النفطية يعيبون عليها بأنها تستنزف ما يقارب ١٢ ترليون دينار عراقي (أي ما يساوي 10 مليار دولار أمريكي) سنويا ً من الدخل القومي العراقي.
في عام 2019 جرى و لا زال يجري التهريج، من قِبَل الذين هرجوا للدستور و لجولات التراخيص، لما يسمى بإتفاقية النفط مقابل الإعمار التي وقعها العراق مع الصين، و أن هذه الإتفاقية ستوفر للعراق جميع البنى التحتية من مدارس و جامعات و مستشفيات و طرق نقل و شقق سكنية … إلخ بحيث سيكون العراق بمستوى الدول المتقدمة. و لكن هل يا ترى سوف لن نشاهد المهرجين بعد سنوات و هم يعيبون على إتفاقية النفط مقابل الإعمار، كما يعيبون على الدستور و جولات التراخيص، بأنها السبب في ضياع ما تبقى من العراق، لا سامح اللّـــه. ألا يعرف الجميع بأن لا حياة مع الفساد مصداقاً لقوله تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” (هود 117).