مما لاشك فيه ان الانتخابات هي عملية صحية في تداول السلطة وانها ممارسة تعبير عن الرأي بترشيح من يستحق امانتا وعلما وتخصصا من اجل تقديم الخدمة لابناء الشعب دون تفريق وتميز .
وقد اعتادت الشعوب الحرة الواعية في اختيار الاصلح لتحقيق تطلعاتهم او رفض ممن يجدونه غير كفأ لادارة شوؤن الشعب .
اما في العراق وعلى مدار عقدين من الزمن اجريت عده انتخابات افرزت نتائجها عن وصول شخصيات اغلبها لا ترتقي لتحمل المسؤولية لخدمة ابناء الشعب العراقي .. وهذا مما اثر سلبا على مفهوم الانتخابات مما عكس صورة سلبية تمخضت عن وجود ثلاث فئات لدى الشعب العراقي .
الفئه الاولى :- متكاسلون
تمثل هذه الفئه النسبة الكبرى من ابناء الشعب العراقي .. واذا خضنا في حيثيات تكاسلهم او اتكالهم نجد انهم يريدون التغير نحو الافضل ويحددون مواطن الخلل وهم على دراية كاملة بأن طريق الانتخابات هو الحل الافضل والانجع لتغيير الواقع المتردي لانتخاب شخصيات امينه ونزيهة وعلمية ، ولكن لايحركون ساكن نتيجة التقاعس والتكاسل والاتكال على الغير من اجل التغيير …. ويمكن ايضا اطلاق وصف عليهم بأنهم (الاغلبية الصامته ) التي ليست مع المقاطعة ولا مع المؤيدة للانتخابات . الا انهم من الممكن يكون لهم دور مميز في قلب المعادلة السياسية في العراق من خلال مشاركتهم في الانتخابات او المقاطعة لها لما يمثلون من ثقل جماهيري وصوت انتخابي غير مفعل .
هذا الاتكال والتكاسل اكيدا له اسبابه ومسبباته التي جعلت منهم ينتهجون مبدأ اللامبالاة في التعاطي مع الاحداث الانتخابية ، واهمها هو يقينهم بأن الانتخابات سوف لاتحدث فرق لعدم وجود برامج سياسية من قبل الجهات الحزبية ، فضلا ان المتصدين لواقع الانتخابات لم يحدثوا فرق او تغيير للواقع الاجتماعي والسياسي للشعب ، نتيجة انغماس جميع الكتل السياسية بمستنقع الفساد المالي والاداري ، والمحاصصة المقيته ، والمحسوبية والمنسوبية ، وتدوير الوجوه الفاسدة ، لذا اصبحت الانتخابات في نظرهم هو شرعنه وجود الكتل السياسية ناهيل عن نزاهتها من التزوير والتلاعب بالاصوات .
الفئه الثانية :- مقاطعون
المقاطع للعملية الانتخابية سوى كان فرد او كيان سياسي هو مؤمن بها وقاطعها لوجود عله او نقل لتحقيق مطلب لايمكن تحقيقة من خلال الانتخابات . ويمكن بيان ذلك بالتحديد لموقف التيار الصدي المقاطع للعملية الانتخابية لمجالس المحافظات التي سوف تجري في ١٧-١٨ كانون الاول ٢٠٢٣ ويمكن ايجاز مقاطعتهم لعده اسباب منها :-
السبب الاول – مجالس المحافظات يعتقد من وجهة نظر سياسية انها حلقة زائدة وهدر للمال العام وليس لها دور ايجابي في تقديم الخدمة لابناء تلك المحافظات ، ووجودها يشرعن عمليات الفساد المالي والاداري فضلا للميزانية العالية والامتيازات التي تمنح لاعضاء مجالس المحافظات .
السبب الثاني – اصل القانون الانتخابي الذي يمكن الكتل السياسية الكبيرة من الفوز بالنتائج دون الاكتراث بالشخصيات المستقلة التي تريد المشاركة فأنه اقصاء مقنن ومشرعن وفق رؤية الكيانات السياسية ونتائج هذه الانتخابات محسومه ستكون سلفا .
السبب الثالث – مجالس المحافظات مقدمة اولى للانتخابات البرلمانية ومن يسيطر على المحافظات يضمن له مقاعد في البرلمان القادم نتيجة كسب الذمم والولائات من خلال التحكم بموارد المحافظات .
السبب الرابع – المحاصصه المقيته التي جرت العراق وشعبة للويلات نتيجة الادارة والحكم وفق مبدأ التوافق الذي يرفضه التيار الصدري وزعيمه ، اي يمكن القول بوجود مشروع سياسي جديد يراد تحقيقة هو حكم الاغلبية .
السبب الخامس – استلهام همم الاغلبية الصامته التي تكاسلت وتقاعست عن اداء واجبها من خلال ترك المجال لهم واشعارهم بالفراغ الذي سوف يخلفه التيار الصدري بمقاطعته الانتخابات لعل الاغلبية الصامته تكسر صمتها وتقول كلمتها لتأخذ دورها وحجمها الحقيقي لما لها من ثقل ان تحركت .
لذا مما تقدم من اسباب يمكن القول ان مقاطعة السيد مقتدى الصدر وتياره للانتخابات ليس خوفا من نتائجها لما يلمك من قاعدة جماهيرية مطيعة او عدم الايمان بها ، بل انه صاحب مشروع سياسي يريد من خلال مشروع الاغلبية السياسية كسر حالة الرتابه والعرف السياسي الذي تشكل في العراق وفق مبدأ المحاصصة والتوافق المذهبي والطائفي والقومي الذي خدم وجود المكونات السياسية والعروش الشخصية دون النظر لمصالح البلاد والعباد .
لذا نرى ان مقاطعة التيار الصدري للانتخابات هو جزء من المشروع الاصلاحي للعملية السياسية وللمشروع الذي طرحة في حكم الاغلبية الفائزة .
الفئه الثالثة :- مؤيدون
جميع الانتخابات العشرة التي جرت في العراق سته برلمانية واربع منها مجالس محافظات اعلى نسبة فيها لم تصل الى النصف ممن يحق لهم المشاركة ، بل ان الانتخابات الاخيرة افرزت عزوف من قبل الشعب العراقي حيث لم تتعدى نسبة المشاركة ١٥٪ .
الجهات والكيانات السياسية فرحة ومرتاحه لهذه النسبة لما تشكل مشاركة مريديهم ومؤيديهم فقط ، وان واقع الحال مهما تكن نسبة الانتخابات فنتائجها مقبولة وهذا ما يبقيهم متربعين على المشهد السياسي ، وان اي مقاطعة من كيان سياسي وصمت الاغلبية المتكاسلة هذا يفرحهم و يرحبون به لانه يبقيهم على عروشهم وزعاماتهم السياسية .
لذا ان الحملة الدعائية من قبل الاحزاب المؤيدة للنتخابات والمناداة بالمشاركة الواسعة وحث جماهيرهم والمنتفعين منهم والاصرار على اقامتها ليس ايمانا منهم بالتدوال السلمي لسلطة الحكم عبر صناديق الانتخابات ، بل لانه الطريق الذي يمكنهم لبقاء زعاماتهم وضمان ديمومة عروشهم .
هذه المفارقه يمكن ان تقلب رأس على عقب من خلال دور الاغلبية الصامته التي سمحت لكتل سياسية واحزاب تشكلت من اجل التكسب على حساب الشعب ، ينبغى على الشعب ان يكون جدير بتحمل المسؤولية ان كان يريد الحياة ان ينفض غبار الكسل والتقاعس والاتكال ويكسر الصمت ليقول كلمته ويصدح بها مدوية رافضه للظلم والطغيان والفساد وهدر المال العام ليكون شعب العراق الابي هو من يحدد شكل القانون الحاكم والبات على جميع الكيانات السياسية لتنبثق لنا دولة يحترمها ويوقرها الجميع وان الحكومة فيها راعية لمصالح الكل دون تفريق او تمييز وان الكتل السياسية تسعى جاهده لتقديم البرامج التي من شأنها تقديم الخدمة لابناء الشعب وعلى هذا يتم التنافس بين الاحزابوفق البرامج السياسية .
اما بقاء الاغلبية الصامته على ما هي عليه اليوم ومعتمدة على التيار الصدري بأنه هو المعارض الذي سوف يجلب لهم الحقوق ! والتيار الصدري الوحيد الذي يسيطرعلى الشارع ويخرج المظاهرات للمطالبة وايصال صوتنا ! وهو من يقف بوجه باقي الكيانات السياسية لتغيير الحال ! .
اعتقد ايتها الاغلبية الصامته انكم واهمون وغير مكترثون لابد من تظافر الجهود وتحمل المسؤولية اتجاه بناء الدولة التي لايوجد فيها شخص او حزب او حكومة اكبر منها .
الرابح والمستفيد –
بتكاسلكم وصمتكم ، ومقاطعتكم وابتعادكم ، افرغت الساحة الانتخابية للاحزاب تالمتكالبة على السلطة ، واذا بقي حال الاغلبية الصامته على حالها اليوم ان الرابح في هذه المعادلة المكونات والاحزاب السياسية الداعية والمستقتله لاجراء الانتخابات لانهم متفقون في مابيهم في تقاسم المغانم لانهم لايرون فيكم شعب يستحق العطاء ليقدم له . فلا بد من تغيير ليغير الله الحال كما جاء في قوله تعالى ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) الرعد:11