19 ديسمبر، 2024 6:57 ص

الشعب العراقي ارواح ميتة تخرج من معطف المفتش العام لغوغول

الشعب العراقي ارواح ميتة تخرج من معطف المفتش العام لغوغول

في عراقنا  اليوم المفتش العام  هم الكذبة من  ادعياء النزاهة والوجوه الجديدة المجهولة الحال  التي ستتسلق الى السلطة عبر الانتخابات والتي تكون في اغلبها دمى لعبة بيد عدد محدود من القادة  اما شعبنا المسكين فهو كبطل معطف غوغول يخاف من السلطة ولا يجد من الاستنجاد بها الا الخذلان شأن المستغيث من الرمضاء بالنار اما ارواحنا الميتة فان قادة لصوص  القتل الطائفي هم ابطال المتاجرة بضحايا ارهاب وضحايا الفساد الاداري في بازار الانتخابات كبطل ارواح ميتة لغوغول وفي أيامها كانت مسرحية «المفتش العام» للكاتب الروسي غوغول  تشكل ثورة حقيقية  ضد هيمنة ديكتاتورية البيروقراطية والفساد.و موضوع المسرحية يدور حول بلدة صغيرة في الريف الروسي يتلقى عمدتها ذات يوم أنباء سرية تفيد بأن ثمة مفتشاً عاماً، يسافر – متنكراً نكرة – من سانت بطرسبرغ، بهدف القيام بحملة مداهمة وتفتيش إدارية في البلدة نفسها. ومن المعروف انه في مثل تلك البلدات الروسية في ذلك الحين كانت زيارة مفتش عام من ذلك الطراز، تعتبر أسوأ ما يمكن أن يحدث للحياة الاجتماعية، طالما أن إدارة البلدات والمدن، كانت فاسدة من أسفل السلم الوظيفي إلى أعلاه، وأن الفساد كان مستشرياً من دون أن يفكر الفاسدون حتى في إمكان أن يطل عليهم، حقاً، ذات يوم مفتش يتحرى أمورهم ويفضحها. وهكذا يشعر العمدة وأعوانه وبقية الموظفين أن ثمة مصيبة آتية، ولا بد – طالما تسللت اليهم الأنباء التي ما كان يجب أن تتسلل، أصلاً – من التحرك سريعاً، تحسباً للأمر. وهكذا تسري الحركة، وتخبّأ الملفات، وتنحّى الوثائق، وتضبط العلاقات الاجتماعية، انتظاراً لوصول المفتش الذي هو – بالنسبة إلى بيروقراطية البلدة – أهم شخص وفي يده شقاؤهم وسعادتهم، طالما أن له من الصلاحيات ما يجعل آراءه قاطعة وأحكامه مبرمة. وهكذا تسوي البلدة كل شيء وتتحسب لكل ما هو متوقع أو غير متوقع. ولكن الذي يحدث في الحقيقة هو ما لم يكن في إمكان احد من أهل البلدة أن يحسب انه يمكن أن يحدث: يصدف أن يصل إلى البلدة، في شكل مبكر بعض الشيء عن الموعد المحدد – تخميناً – لوصول المفتش العام، موظف حكومي شاب غامض، غير أن أهل البلدة لتوجّسهم وخوفهم، يحسبون الشاب المفتش العام المنتظر، وهكذا يسرعون إليه متقرّبين منه، واضعين في تصرفه إمكاناتهم وأملاكهم ونساءهم، وهم يحسبون انهم بذلك يكسبون وده ويجتنبون شره. وسرعان ما يدرك الشاب حقيقة سوء التفاهم الذي وقع أهل البلدة ضحية له. ويجد في الأمر فرصة ذهبية لتحقيق مكاسب وامتيازات ما كانت لتخطر له في بال وإذ تمضي الأيام القليلة، يجد الشاب نفسه وقد جمع ثروة لا بأس بها، وحقق أموراً لم تكن متوقعة. وهنا إذ يخشى مغبة انكشاف أمره، نراه يهرب بعد ان  يستأجر أفضل عربة في البلدة، ويسافر بها «لبعض شؤونه» وعندما يكتشف رجل البريد حقيقة الشاب المحتال. وهنا يصاب الحاضرون بالذهول، ويبدأون بتراشق الاتهامات والشتائم في ما بينهم. وفي ما هم، وسط ذلك كله، يدخل دركي ليعلن أمام الجميع وصول المفتش العام الحقيقي طالباً من الحاضرين المثول في حضرته. اما”المعطف”، بطل قصة غوغول؛ موظفٌ فقير لديه معطفٌ متهرئ قديم لا يقيه لفح البرد. ولاجل شراء معطف جديد يعمد إلى الادخار مقتّرا على نفسه. وبعد ستة أشهر يُستكمل المبلغ ويستلم صاحبنا المعطف ويزدهي به. غير أنه، في الليلة ذاتها، وبينما هو عائد لبيته، يكمن له لصان في الشارع ويسرقان منه المعطف ويختفيان تاركيه منذهلا مما جرى. ينصحه أحدهم بالذهاب إلى جنرال كبير ليتوسط له عند الشرطة عسى أن يهتموا لأمره، لكن الجنرال ينفجر به غاضبا بطريقة مزلزلة بحيث ينهار المسكين و”تبيد”رجلاه ويداه ثم يسقط فيحمله الموظفون إلى الخارج. وفي طريق العودة يزداد رعبه من الجنرال ثم ما إن يصل لغرفته حتى يتهاوى مريضا فتنتابه الكوابيس طوال ليلتين، يموت الموظف المسكين ويدفن، ثم، بعد أسابيع، تشيع خرافةٌ في المدينة عن ظهوره كشبح في الشوارع، شبحٌ مهووس بسرقة معاطف المارة!اما   ” النفوس الميتة”. بطل الرواية محتال، يقطع مسافات طويلة ليشتري” الأرواح الميتة”، وهي أرواح عبيد ماتوا بالفعل لكن يتعين على سادتهم أن يستمروا في دفع الضرائب عنهم حتى تتأكد وفاتهم رسميا لدي الدولة أثناء مراجعة تتم كل عشر سنوات. يعرض المحتال على ملاك العبيد الموتى أن يقوم بدفع تلك الضريبة واستعداده لتقديم قليل من المال مقابل شهادات تثبت ملكيته لأولئك العبيد الموتى. ويوافق الملاك بسرعة على بيع شيء لاوجود له مقابل التخلص من الضريبة. ونتيجة لتلك الشهادات يصبح المحتال مالكا رسميا لآلاف النفوس الميتة، ويحظى نتيجة للثروة الموهومة بمكانة  مرموقة ومن ثم يصبح مؤهلا للزواج من امرأة ثرية! أن مجتمعا تكون فيه الثروة ناجمة عن الموت والخواء مجتمع محكوم عليه بالفناء، وأن مجتمعا تتفشى فيه النفوس الميته – وهي هنا نفوس الأحياء الذين ماتت ضمائرهم – مجتمع يمضي على طريق مسدود. لكن ما الذي ذكرني الآن بهذه الرواية العبقرية ؟  قفزت روايات غوغول الى ذهني حيث يعيش العراق قمة  الفساد والخوف من السلطة والتجارة بالدم والطائفية والموت حيث يصبح الموت والخواء والطائفية هو الأساس الذي يتسلط به المحتالون لصوص القتل الطائفي على رقاب شعبنا، والموت والخواء هو أيضا الأساس الذي تتشارك فيه كل الدكتاتوريات  الفاشية على اختلاف انواعها  التي تذهب لأبعد مدى حين تعاقب الموتى الاحياء بالسجن المشدد، وتعتقل المعارضين، وتهدد وتروع كل من ينطق بالحقيقة ، وتسمح بصدور الفتاوي والاحكام والقرارات بحسب مصالحها في استبعاد دائم واستعباد دائم  للمسحوقين من ابناء شعبنا   في تجويع واغتيال واختطاف وتكميم افواه وخلال ذلك تهز  الفاشية رأسها اسفا كاذبا يمينا وشمالا من وجد ومن ورع وتسبل جفونها على دموع  التماسيح القاتلة .لقد أصبح الموت الطائفي الحقيقة التي يتغذى عليها النظام السياسي الراهن، إما باغتيال الأحياء من خلال العمليات الارهابية  او اختطافهم او سرقة لقمة عيشهم  ، النفوس الميتة عند جوجول ليس من مات من العبيد ، لكنهم الأحياء الذين ماتت ضمائرهم من حكامنا. النفوس الميتة هي التي عينت بالغصب وبانتهاك سيادة الحكام والقادة للضحايا لان الضحايا في نظر حكامنا لا يستحقون رحمة أو شفقة .. والدين الاسلامي يبرأ من هؤلاء المتوحشين.إنها النفوس التي تقيم حياتها على موت الآخرين، وتراكم ثرواتها على حساب بؤس الشعب. أن النظام والحكم الذي لا يجد ما يعيب في  القتل الطائفي والفساد الاداري هو نظام ” النفوس الميتة ” الذي يقيم حياته على موت الآخرين. أن كل نظام سياسي تتفشى فيه ” الأرواح الميتة ” مآله الوحيد السقوط والتلاشي، لأن العين بالعين ، والموت بالموت. هذه سنة الحياة وقانونها لا يفلت منه طاغية، أو حكم فاشي. 

أحدث المقالات

أحدث المقالات