حاول النظام الايراني على مر العقود الماضية الإيحاء بطرق واساليب مختلفة إن الشعب راض عنه ومقتنع بنظام ولاية الفقيه، وإن المشاکل والاضطرابات وحتى الانتفاضات التي حدثت أو تحدث إنما هي من فعل من تسميهم ب”المنافقين”، أي منظمة مجاهدي خلق، ومع إن هذا الزعم والتبرير الممجوج والمثير للسخرية لم يلق أي صدى ولم يٶخذ به لکونه نوعا من الکذب وليس الضحك على الذقون، لکن ماقد أعلنه معهد Gaman لاستطلاع الرأي، في إستطلاع للرأي له شمل أكثر من 20 ألف إيراني في 31 محافظة الشهر الماضي أن حوالي 53٪ من المستطلعين عرفوا أنفسهم بأنهم مؤيدون صريحون لتغيير النظام، بينما قال 26٪ آخرون إنهم “تغيير هيكلي وانتقال بعيدا عن الجمهورية الإسلامية”، وبطبيعة الحال لو أخذنا بنظر الاعتبار حالة الخوف والتوجس لدى أبناء الشعب الايراني من إظهار مواقفهم الحقيقية، فإن هکذا نسبة أي 53% تعلن عن رفضها الصريح للنظام، فإن ذلك يعني بأن الشعب الايراني يريد فعلا تغيير هذا النظام وإلحاقه بسلفه نظام الشاه.
هذا المعهد وفي ضوء النتائج التي أعلنها إن ماقد قاله معارضوا منذ أكثر من أربعة عقود بعد ثورة 1979، أصبحت الروابط الأيديولوجية التي دعمت النظام الايراني أكثر هشاشة من أي وقت مضى. هذه حقيقة يفهمها حكام إيران جيدا، حتى لو لم يفهمها القادة الغربيون بعد. وهذا مايٶکد ويثبت بأن زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي، عندما طرحت مبادرتها ذات النقاط العشرة لإيران مابعد نظام ولاية الفقيه، فإنها لم تبادر الى إعلان هذه المبادرة من دواع حزبية أو فئوية بل إنها بادرت الى ذلك بناءا على الموقف العام لأغلبية الشعب الايراني من هذا النظام وإنه”أي النظام” قد وصل الى طريق مسدود وإن بقائه وإستمرار يکلف ليس الشعب الايراني وإنما الاجيال الآتية أيضا منه.
الشعب الايراني الذي قام بآلاف التحرکات والنشاطات المضادة للنظام وهب في 3 إنتفاضات عارمة بوجهه طالب خلالها بإسقاط النظام ورحيل رجال الدين المستبدين عن الحکم، يمکن في ضوء ذلك إعتبار نتائج ماقد أعلنه هذا المعهد واقعيا 100%، لأنه کذلك فعلا، وإن الشعب الايراني اليوم ساخط ورافض لهذا النظام أکثر من أي وقت مضى وهو يريد تغييره بکل السبل والوسائل المتاحة، وحتى إن توسع القاعدة الشعبية لمجاهدي خلق المعروفة بعدائها الشديد للنظام والمطالبة بإسقاطه، يثبت بأن الشعب الايراني قد نفض يده من هذا النظام ولم يعد يثق به إطلاقا، وإن هذا النظام بنفسه يعرف ذلك جيدا ولذلك فإنه يصر على السير قدما في نهجه القمعي وحتى إن إعلانه لتشکيل لجنة أمنية لمراقبة الاحتجاجات و”دراسة حالة عدم الرضا الاجتماعي والنقابي والسياسي” وإن أجهزة المخابرات والأمن ستتعاون في اللجنة المشكلة وتراقب الوضع في البلاد، يکشف عن الوجه الحقيقي للنظام وعدم إمکانية أن يکون معبرا عن هذا الشعب وإستحالة أن يرضى الاخير عنه.