8 أبريل، 2024 1:14 م
Search
Close this search box.

الشعب أكثر ثقافة من أقلامه!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

التصور الخاطئ بأن الشعب لا يعرف والذين يكتبون يعرفون , خرافة لا رصيد لها من الواقع , فأكثر الذين تعلمت منهم , من أبناء الشعب الذين لا يعرفون القراءة والكتابة , وكانوا موسوعات ثقافية لا تنضب , تحدثك عن جوهر الحياة ومعانيها ومراميها , وضوابطها وقوانينها وقيمها الأخلاقية.
الشعب أعرف من الأقلام , ولهذا لا تؤثر به ما تخطه , ويحسب الذين يكتبون بأنهم يعرفون , وما عرفوا لكنهم يتخبطون , ويترنحون على ضفاف المعرفة , ومعظم ما يكتبونه يؤكد أنهم يجهلون , فالإناء ينضح بما فيه , والعقول على أسنة الأقلام , فاكتب ليراك الناس.
إن النظرة المريضة الشائعة والمرسخة بالتكرار على مدى العقود , بأن الشعب يجهل , أكذوبة تهدف إلى التركيع والسيطرة على الناس , فالذي يحكم لا يجد وسيلة للسيطرة على الشعب سوى إتهامه بأنه لا يعرف , ومَن في السلطة يعرف , وكأن الذين في السلطة قد جاؤوا من كوكب آخر , فإذا الشعب لا يعرف , فالسلطة لا تعرف , ورمي الآخر بما فيك لا يشافيك بل يتسبب بدمارك والقضاء عليك , وهذا مصير أنظمة الحكم في دول الأمة التي تتوهم المعرفة وتتهم الشعب بالجهل , وهي لجهلها ما تمكنت من محاربة الجهل الذي تدعيه في الشعب.
وعلى هذا المنوال تمضي الأقلام وما يتصل بالحياة , فالكل ينادي الشعب لا يعرف , والعلة في الشعب , والعلة فيهم وفي ما يمت بصلة إليهم.
أحزابنا جاهلة , قياداتنا جاهلة , والبرهان على ذلك ما أصابها من فشل ذريع وتداعيات على كافة المستويات , فكانت خواتمها أبعد من قدرات الخيال على تصورها , وفي ذلك دليل قاطع على جهلها المروع , وبأنها تفتري على الشعب ما ليس فيه , فلو أن الشعب جاهل حقا لتمكنت أن تبقى في الحكم وتستثمر جهله , لكنها أجهل منه بكثير فتداعت في قيعان الذل والهوان المرير.
فعلينا عندما نكتب أن ندرك بأننا نكتب لشعب يعرف ويمتلك درجة عالية من الذكاء , ويمكن القول بعد التفاعل مع شعوب الدنيا , بأن الشعب في دول الأمة أكثر ثقافة ومعرفة من باقي شعوب الدنيا , وكم كنت أصغي لتلك الإمرأة المتقدمة في السن المتوطنة للجبال وهي تعلمني ما لا أتعلمه في أي كتاب , كانت تحدثني عن الدنيا وأحداثها وما ستؤول إليه الأمور وكأنها ربة العلم والفلسفة!!
فهل لنا أن ندرك حقيقة الشعب ولا نتوهمه ونتهمه؟!!
د-صادق السامرائي

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب