منذ ان دار الصراع بين اٍبنَي آدم “قابيل”و”هابيل”، يظل هناك خير وشر وفساد وإصلاح الى يوم القيامة ، كلٌ منهما لديه انصار ومريديه. الحروب والغزوات والاهوال التي حلت وتحل بالانسان جرت نتيجة الصراع بين اهل الحق واهل الباطل او بين المصلحين والمفسدين ، قابيل قتل هابيل لانه اعتقد انه اعز منه شأنا منه واعظم مكانة لذلك سمح لنفسه ان يأخذ اكثر من حقه المعلوم من خلال سلب حقوق اخيه ولم يجد بدا من قتله وازاحته عن طريقه ، لانه ليس من النوع الذي يتنازل عن حقه بسهولة ولايخاف التهديد وقد جرب معه وفشل! لذلك طوّع نفسه في النهاية قتل اخيه فقتله واستولى على ماله واملاكه وظن انه بذلك قد حقق حلمه ولكنه لم يحققه ابدا وخسر ما كان يخطط له واصبح من النادمين على هذه الصفقة الخاسرة!
وان كان الفساد مدعوم من علية القوم وكبار الشخصيات ورجال سياسة بارزين امثال فرعون وهامان وقارون ثلاثي السياسة والمال والقوة المسلحة ، فان الاصلاح تدعمه مصلحين و انبياء وفقراء وعبيد وعوام القوم امثال النبي محمد وصهيب وعماروبلال.. كل الانبياء وتابعيهم تعرضوا الى معاناة شديدة وعذاب اليم من قبل الفاسدين المهيمنين على مقدرات المجتمع والدولة والجيش وميليشيات (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) تسعة ميليشيات يتحكمون بدولة “الثمود” التي تشبه الى حد كبير العراق اليوم حيث تهيمن على مؤسساته المؤثرة الحكومة والبرلمان والمالية والنفط ولكن اكثر بكثير من اراهيط ثمود ، يتجاوز ال 70 رهطا ميليشياويا داخل اطار” منظومة الحشد الشعبي!” التي سيطرت على كل شيء في البلاد!
وامام قوى الشر الميليشياوية العراقية برزت قوى الخيرالتي يمثلها المحتجون التشرينيون المناهضون لسياسة الفساد والتبعية والقمع الطائفية التي تمارسها هذه الميليشيات ومن وراء هؤلاء المنتفضون الخيرون يأتي إقليم كردستان الذي يتعرض لحصار شامل من قبل الأحزاب السياسية وفصائلها المسلحة منذ 2014 وتتعرض مطاراتها بين حين وآخر لصواريخها وطائراتها المسيرة! والحكومة العراقية عاجزة عن فعل شيء لانها اقوى منها!
ففيما تهدد قادة الميليشيات بالاقتصاص من الإقليم ويصفونه “بإسرائيل الثانية!” فان أربيل عاصمة الإقليم تتعرض لهجمات مستمرة ، ففي 30 سبتمبر عام 2021 ، أعلنت ميليشيا “سرايا أولياء الدم” مسؤوليتها عن الهجوم الذي تمنى امين عام ميليشيا “كتائب حزب الله” أبو آلاء الولائي ان يكون مع المهاجمين ووصفه ب”شرف يتمنى القيام به!”.
وفي تهديد واضح بأجتياح الإقليم واعادته الى المستنقع العراقي قال”باقرالزبيدي” وزير الداخلية الأسبق الذي اتهم بتشكيل فرق الموت ابان الحرب الطائفية عامي 2006 و2007 التي راح ضحيتها مئات الالاف من الطرفين السنة والشيعة ، يقول الزبيدي ؛(قادمون يا خريف الجبل، قلناها حين قرر الانفصاليون الاحتفاظ ببعشيقة، قادمون يا بعشيقة. وقلناها بوجه المحافظ الهارب، قادمون يا كركوك” وكما توعد ، فقد اعادوا المدينة الكردستانية الى العراق بقوة السلاح.
إزاء هذه التهديدات والهجمات المتكررة من قبل تلك الفصائل “الشريرة”والأحزاب الشيعية التي تتحكم بها ابدى قادة الإقليم مرونة سياسية ومبادرات إنسانية ” لترسیخ دعائم السلام والتعایش والتسامح ونبذ التطرف والفتن” في العراق كما دعا اليه رئيس الإقليم”نيجيرفان بارزاني” في تغريدة له بمناسبة اليوم الدولي للعيش معاً في سلام!
ونصح قادة بغداد ان يستجيبوا لمبادرة السلام العادل ونبذ الفرقة والخصام والاحقاد الطائفية ، فالعلاج الوحيد لجروح الحرب والإرهاب في العراق “هو فقط التسامح والتساهل والصفح، وهذا بالذات مطلب الله من عباده، وصية الله لنا ان يكون لنا قلب صاف، خال من الحقد، بعيد عن التفرقة والخداع ورغبة القصاص!”.