18 ديسمبر، 2024 10:02 م

الشرق وعقدة التكليف الذاتي للسلطة

الشرق وعقدة التكليف الذاتي للسلطة

السياسيون في الشرق “وفي الخصوص العرب والمسلمين” يعتقدون أنهم يحكمون بلا منازع وهم فعلا المختارون بلا هذا المنازع لهذه السلطة وانها مفصلة على مقاساتهم ، ولو راحت لغيرهم فانها تكف من ان تكون لائقة لهذا الغير، وهذا الوهم المنتشر بشدة سبحان الله يبدو لا نهاية له رغم ان التاريخ قدم كل الدلائل على ان شعوب هذه المنطقة كثيرا ما تطيح بزعاماتها أطاحات مخجلة ودائمة ، فلقد سقط في التاريخ القريب جدا العقيد على عبد الله صالح قتيلا ، وقبله العقيد معمر القذافي وقبله ايضا سقط زين العابدين بن علي او حسني مبارك وامثالهم كثيرون ، والغريب ان هذه العقد مكلفة للشعوب ، مكلفة بأختصار كل حياتها ، والغريب ان الانسان في الشرق لا يتعض ، واليوم تقف زعاماتنا العربية في السودان والجزائر لتعيد للذاكرة اشكالية التكليف الذاتي للسلطة، نعم يقف حزب المرتمر الوطني في السودان مع البشير ، ولكن هذا الحزب ليس هو الشعب ، فانه سيزور الانتخاب لاعادة زعيمه بالتزوير مادام في السلطة ، او زعيم الجزائر الغائب عن العالم فحاله حال من استولى على السلطة بالدبابة ونسي انه كان محاربا للاستعمار الفرنسي ، وانه قيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري ، لكنه ظل حتى هذه اللحظة متمسكا بالسلطة رغم غياب اهليته ، أننا في الشرق كزعامة تختزل السلطة بذواتنا وتحسب الكل مؤيدا لنا ، اما الشعوب فهي لا تعيش الا بأختراع الرموز او خلق الالهة السياسية ، وسنظل هكذا ما دامت عقلياتنا عشائرية ولائية ، القائد بولاية التفويض الازلي ، والمقود بولاية المحبوب لا عقلانية ولا واقعية فالسياسة عندنا عاطفة وانقياد وعند الاختلاف نطيح به مقتولا.
ان العرب والمسلمين سييظلون في خانة حروب السلطة ، وستظل السلطة محور تفكيرهم بأعتبارها مغنية “هدف” ليست وسيلة لخدمة الرعية انها تقع عند الجميع في خانة اللذة والكل يسعى إليها من هذا الباب ، ولقد كان حريا بهذه الشعوب ان تنظر الى تجارب الغير السياسية “لانها محظوظة لوجود مثل هذه
التجارب ” لانها لم تكن في فراغ ، ولكنها تريد بناء تجاربها وفق عقلية القديم في عالم نبذ القديم ولكن لا ينكر فضائله …