قالت معقبة على العبارة التي سمعتها بنبرة اعتراض وربما استنكار:-
ماذا تعني عبارة الشرطة المجتمعية…؟
اجابتها زميلتها التي كانت تتحدث عن مواضيع تشمل العنف الاسري وتسرد بعض حوادثها التي حين تلجأ فيها المرأة المعنفة الى الشرطة المجتمعية لحمايتها ووقف العنف الذي لحق بها.
نظرت اليها بذهول وكأنها لم تستوعب الكلمات التي قيلت ولذا بادرت المتحدثة الى التوضيح قائلة:-
ارى انك تحتاجين الى تعريف لمفهوم( الشرطة المجتمعية )وفي الحقيقة انه لا يوجد تعريف لهذا المفهوم في الادب النظري ,فهي فكرة تطويرية للشرطة التقليدية وبالتالي يظل الجدل حول التعريف مستمرا, منهم من يتصور الشرطة المجتمعية على انها حلول مسبقة لمشاكل الجريمة والخلل الاجتماعي ويراه آخرون على انه برنامج مبني على التعاون لحل مشاكل الجريمة.
بعد لحظات من الصمت استطردت قائلة:-
من التعريفات الهامة بخصوص الشرطة المجتمعية انها عبارة عن فلسفة واستراتيجية تنظيمية تدفع الى مشاركة جديدة وجديرة بين اعضاء المجتمع , بحيث تقوم هذه الفلسفة على حقيقة وهي واجب كل من الشرطة والمجتمع العمل معا للتعرف على المشكلات الاجتماعية الراهنة ومعالجتها في ضوء اولويات يتفقان عليها مسبقا ,ومن بين هذه المشكلات الجريمة والمخدرات والخلل في منظومة المجتمع(حبيب العربي :2011)
ابتسمت ولكنها ابتسامة لا يشوبها فرح بل هي ابتسامة تكشف عن يأس من ان هذه الوسائل لن تجدي نفعا او يمكن اعتبارها دواء لذلك الداء وحين سألت عن ذلك اجابت :-
الصور تتوضح من خلال عدد من القصص منها:
تعيش على المسكنات لأنها تتعرض باستمرار الى الضرب (هي تعاني العنف الاسري).
لكنها ترفض ان توجه التهمة الى زوجها حرصا منها على بيتها الزوجي.
عبر ثقب ابرة الصبر والتصبر والامل والتأمل تعبر آلامها وتشد رقعة ثوب حياتها الزوجية المهترئ عسى ان يكون الغد افضل …الامر ليس بيدها لكنها لا تجد وسيلة للحفاظ على هذا البيت الزوجي الا التمسك بأهداب هذا الثوب بينما يمعن الزوج بتمزيقه من خلال العنف والاهمال وعدم الشعور بالمسؤولية واداء الواجبات المفروضة عليه اتجاه الزوجة والاولاد ….إلى متى؟؟؟…!!!!!
انكسار قلبي…اي وزر تحتمله فاعظم الآثام انكسار القلوب.
ودعت حبي حين كان النجم منطفأ بغيوم الحزن ويمطر الالم.
هلا اشرت للجراح ان تزدحم في صفحة الليل البهيم ,إذ الطيور نامت في اعشاشها فلا عنادل تصدح بالغناء واذ الثعابين زحفت في الفيافي والصحارى تنفث السموم في ريح تحمل الموت الزؤام واذ الوحوش هجرت اوكارها إذ أخرجها الجوع لتفتك بالفرائس البريئة التي ربما خانها اجتهاد الحمى وعشت عنها عين الحراسة وضعفت منها روح الحذر فرماها سهم الرصد والافتراس.
انكسار قلبي …اي وزر تحتمله فاعظم الآثام انكسار القلوب…
لا تدري لماذا راحت تقرأ عن ظهر قلب تلك الخاطرة التي كتبتها ذات يوم حين كانت مشاعر الصبا تتوهج في اعماقها شلال من الامال ينهمر في مصب امنياتها وكم كانت امنياتها بسيطة بل هي اليوم تراها ساذجة بل حين تقسو على نفسها تجدها كئيبة اذ انتهى بها المطاف الى هذا المآل .
المشكلة الحقيقية تكمن ان الرجل ليس زوجا فحسب بل هو اب ,نعم اب لأطفال ينبغي ان توفر لهم الحياة السعيدة الرغيدة ولكنهم ابدا يعيشون القلق والخوف ويشاهدون بأم عينهم التصرفات الهوجاء التي تعصف بحياتهم الاسرية وهم رغم صغرهم يدركون كم تعاني تلك الام من الام ومشاق لتخفف عنهم تلك المآسي وتحفظ هذا البيت الذي يؤويهم من ان يهدم سقفه او تغلق بابه .
تتغنى الام في كثير من الاحيان وهي ترسم ابتسامة يغلفها الحزن بصوت هو اشبه بالأنين قائلة:-
كتاب حياتي يا عين
مفهش زيو كتاب
الفرح فيه يومين
والباقي كلو عذاب
وحين تجد ان احد الاطفال أصاغها السمع تبتسم له قائلة:-
انها اغنية حبيبي …..
لكنه يدرك في اعماق نفسه انها لا تتغنى بأغنية بل هي تتحدث عن واقع حياتها وهي محقة في هذا
لماذا….؟
هذا الرجل ….هذا الزوج ….هذا الاب….
لم يكلف نفسه عناء البحث عن عمل لإقامة اود الزوجة والاولاد بل هو يعتمد على مرتب الزوجة التي تجد نفسها خالية الوفاض منه قبل انتهاء الشهر فهو مقسم بين الاقساط ودفع الديون ومراجعة الاطباء اضافة الى ثمن السكائر والمصروف اليومي الخاص بالزوج الذي يخرج يوميا لملاقاة الاصدقاء او المعارف وهناك الشيء الاكثر ايلاما ان جزء منه يذهب الى (نفقة )….!!!!!
نفقة ماذا….؟
نفقة الزوجة المطلقة واولادها……!!!!!!!
هل قدر لهذه الزوجة ان تدفع جزء من مرتبها لطليقة زوجها وأولادها ….بالطبع من حق تلك الطليقة واولادها النفقة شرعا وقانونا ولكن هل قدر لهذه الزوجة ان تدفع نفقة طليقة زوجها ….؟؟؟
ما لذي يجبرها على ذلك ان لم تكن راضية بهذا الامر…؟
الذي يجبرها على ذلك هو ان لا يلاحق زوجها قانونيا ولا يزج به في غياهب السجون……………….
انها تؤثر وجوده على رأس الاسرة والاولاد حتى ولو لم يؤدي واجباته الأسرية ولا ترض ان يدك في قعر السجون وتناله الالسن وتثلم سمعته بسوء فسمعته ينبغي ان تظل طيبة فهي تمثل سمعتها وسمعة اطفالها الذين هم في مستقبل الايام عماد بيتها لهذا فهي تقدم ذلك راضية قانعة .
………………..
رن جرس المنبه
امتدت يدها اليه واوقفت الرنين
الساعة الان السابعة ,لذا عليها النهوض كما في كل يوم ليس لها من الوقت الا ثلاثة ارباع الساعة ولهذا نهضت على عجل وسوت فراشها وعجبت ان زوجها قد سبقها بالاستيقاظ وهذا ما لا يحدث غالبا ولم تعر الامر اهتماما بل توجهت الى المطبخ لتعد الفطور للأسرة واسترعى انتباهها ان زوجها جالس امام شاشة التلفاز فمضت دون ان تتحدث اليه واحضرت له صينية الفطور واجتمع الاطفال وتناولوا فطورهم وتوجهوا الى مدارسهم ولهذا قامت بتنظيف طاولة الطعام ودخلت المطبخ ثانية لتنظيف الاواني ومن ثم اردت ملابس الدوام وتوجهت الى الباب وقبل ان تنطق بعبارة (مع السلامة) التي تعودت ان تقولها للزوج كل صباح قبل الخروج ارتفع صوته يأمرها:
عليك ان توفري الرز والسكر والطحين والزيت وبكميات اكبر ….!!!!
لماذا …..
انها الحرب ولا نعرف ماذا سيحدث غدا فالظروف تدعو للقلق….!!!!
الست رجل هذا البيت وعليك ان توفر المؤونة…؟
لا تطيلي الحديث فانت اعرف بالحال
وما هي حالك …؟لست مريضا فننظر شفائك…ولست عاجزا فتعذر…
ولست طاعنا في السن فتبتغى رعايتك …
نظر اليها وهو فاغر فمه لأنها واجهته بهذا الاسلوب الحاد الذي لم تتجرأ في اي يوم من الايام ان تواجهه به وصرخ قائلا:-
ماهذه الوقاحة ومن اين لك هذا التطاول ….؟
لقد بلغ السيل الزبى وما عدت قادرة على استيعاب كل ما تحملني من مسؤوليات وبعد فترة من الصمت اضافت:-
الأولى ان تكون انت من تتحملها .
اندفع نحوها ودفعها نحو الجدار بقوة كادت تكون القاضية لولا انها ودون ارادة منها استقبلت الجدار بكلتا كفيها مما خفف الصدمة بينما كان صوته يقرع مسمعها بقول:-
الست زوجك ووالد اطفالك فكيف واتتك الجرأة على الرد عليَّ ايكون هذا تصرف زوجة محترمة…؟
انا زوجة محترمة وانت تدرك قبل الاخرين هذا ولكن عليك ان تحاسب نفسك اولا وتتحمل المسؤولية وتؤدي واجب زوج واب.
بدى له ان هناك من يثير زوجنه ويشجعها على الوقوف بوجهه وظل ينظر اليها نظرات غاضبة ثم ما لبث ان هتف قائلا:-
اراك تجاوزت الحدود فمن الذي يوسوس اليك بهذا الامر ويشجعك عليه…؟ فصرخت قائلة :
ثق لو لم تغير حالك وتقوم بواجباتك وتتحمل مسؤولية اسرتك فسوف ارفع قضيتي واقاضيك عند الشرطة المجتمعية …..!!!!!!
قالت هذه العبارة وهي متأكدة في قرارة نفسها انها لن تفعل هذا ولكنها فقط ارادت ان تثير بعض مخاوفه وتحد من تصرفاته لكن جوابها هذا كان كمن صب الزيت على النار فجحظت عيناه وارتفع صوته واندفع محاولا مهاجمتها لولا انها كانت اقرب الى الباب فخرجت مسرعة الى الطريق لا تلوي على شيء .