صراخ يصم الآذان، وإعلام يطبل ليل نهار، وطبول تقرع لشحذ الهمم، تراشق بالتخوين والإتهامات، والكل صدق ما يجري على الارض، بعد أن تقابلت السيوف وتراشقت السهام وسالت الدماء، وأعيدت الأرض المحتلة من الإنفصاليين!، وفرضت هيبة الدولة على الإقليم، وإنزوى رئيسه في جبال قنديل.
المعروف عن مسعود البرزاني نزعته الانفصالية، وهذا الامر تأكد بمحاولته الإنفصال عن العراق بإستفتاء صوري، أدخل العراق في أزمة كبيرة كان لها تداعيات داخلية شائكة، إدت الى حدوث صدامات مسلحة بين قوات الحكومة المركزية والمجاميع الإنفصالية المدعومة من مسعود البرزاني، ولولا التدخل الدولي الواضح في التهدئة، إضافة الى بعض القوى الكردية التي لم ترد لمسعود البرزاني أن يسيطر على الإقليم، لكان العراق الآن يخوض حربا أخرى شبيهة بحربه مع داعش.
والشائع عن مسعود البرزاني أنه لا يهتم لمصلحة الإقليم أو العراق، وإنما همه ما يحصل عليه من صفقات ومصالح خاصة تعزز سلطته، وهذا ظهر واضحا في إتفاقية تقاسم السلطة عام 2010 عند تشكيل حكومة نوري المالكي الثانية، وكيف تم التنازل لمسعود البرزاني عن صلاحيات الحكومة المركزية، وحجم الأموال التي تدفقت على الإقليم خارج الموازنة الإتحادية، وكميات البترول التي صدرها الإقليم واغلبها كان يذهب الى إسرائيل، بحسب ما تم الإعلان عنه في وسائل الإعلام، حتى أصبح الإقليم دولة داخل دولة، وتفرش السجادة الحمراء لرئيسه في الداخل والخارج.
إستمر الصراع والتراشق الإعلامي في الفترة التي سبقت الإنتخابات وزادت حدته فيها، حتى بتنا نسمع من بعض الكتل المتنافسة، أن مسعود البرزاني رجل إسرائيل في العراق والمنفذ لمشاريعها التخريبية في المنطقة، وأنه سيكون بعيدا عن الحسابات السياسية للكتل الفائزة، فلن يرضى أحد أن يضع يده في يد ممثل إسرائيل إلا إذا كان خائنا للعراق، وكانت أشد الاصوات علوا هو شريك البرزاني في اتفاقية 2010، ومن يدعي تمثيله للحشد الشعبي سياسيا، لإنهم من حرر العراق من داعش وشريكه برزاني محتل كركوك، وسارق خيرات العراق بحسب ما يدعون.
إنتهت الانتخابات وظهرت النتائج، وكانت كتلة برزاني أكبر كتلة كردية فائزة، ولكن لم يقترب منه أحد من الكتل الأخرى بسبب تداعيات الأحداث السابقة، وتباين المواقف حول تشكيل الكتلة الاكبر، كان المتوقع أن تكون كتلتي سائرون والحكمة هما الاقرب للتحالف مع كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، لان سائرون لديها اختلاف في المنهج مع الفتح ودولة القانون، ولإن الحكمة صاحبة خطاب معتدل وتتعامل مع ما هو فرض على ارض الواقع، ولكن أن نرى جنرالات الحرب يجلسون قبال بعضهم في اربيل، يتباحثون التحالف فيما بينهم فذلك ما لاتصدقه عين.
هل هو الرغبة الجادة من هذه الأطراف في خدمة العراق، وتشكيل كتلة بعيدة عن الطائفية والقومية همها خدمة العراق ومصلحته؟ لم نر ذلك من هذه الكتل طوال خمسة عشرة سنة، بل كان كل همها التصارع على السلطة واقتسام المغانم، أم هو صلح الحديبية الجديد؟ فاذا كان كذلك فمن هم المسلمون ومن هم الكفار، وعلى ماذا كانت الصيحات بالعمالة والتخوين واستنزاف الاموال والدماء؟ وهل سيكون ثمن ذلك هو اعطاء قدس الاكراد هدية لمسعود البرزاني؟.
بعد كل ما جرى وما رأيناه في الفترة الماضية، يبدو إن الذاهبين الى أربيل تناسوا الشعارات التي اطلقوها، حول عمالة مسعود البرزاني الى اسرائيل، وأنهم راغبون في أن تكون إسرائيل شريكة في الحكومة العراقية القادمة.