23 ديسمبر، 2024 2:50 م

الشباب يحلمون والاخوان يحكمون

الشباب يحلمون والاخوان يحكمون

اكمل “الربيع العربي” عامه الاول ولان فصاله وفطامه في عامين فمازال يتعين علينا انتظار سنة اخرى لكي نفطم المولود. هذا المولود الذي نما في احضان “الفيس بوك” وتلقفته ميادين التحرير في طول الوطن العربي وعرضه قبل ان تتلقفه في مهرجانية زائفة طائرات الناتو التي دخلت على خط التحرير من انظمة القمع العربي. المحتلفون كثر في هذا الربيع الذي مازال يزحف على بطنه تمهيدا للمشي وربما الهرولة, بينما من نقلته صناديق الاقتراع الى قمة السلطة هم الاخوان المسلمين. الشباب الذين اعلنوا ولادة الربيع العربي على “الفيس بوك” مازالوا يحلمون بالثورة الدائمة طالما ان ميادين التحرير تتسع دائما في حر الصيف وزمهرير الشتاء الى الالاف او حتى الملايين احيانا بينما لايجد الاخوان المسلمون اية غضاضة في ان يحصلوا على كل شئ في وقت لايعرف غالبيتهم العظمى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومنها الفيس بوك او تويتر او يوتيوب او ربما يكفر بعضهم ـ المتشدد منهم ـ مستخدميها بوصفها “رجس من عمل الشيطان” او نوعا من المفسدة “ومفسدة الشباب أي مفسدة” كما تقول بعض ادبياتهم. لكنهم سكتوا عما يصدح به الشباب في ساحات التحرير من حلم التغيير بالغد وذلك بتحويل ماهو افتراضي خيالي الى واقعي وفي كل الاحيان معمد بالدم. وبين خيال الشباب الجامح وواقعية او لنقل حتى حكمة الشيوخ والاخوان شيوخ شابوا ام اكتهلوا ام شاخوا فان المحصلة النهائية لما جرى ويجري ولسوف يجري ان الشباب يحلمون ولكن الشيوخ يحكمون والفيصل بين الطرفين هذه المرة ليس الفيس بوك او تويتر او يوتيوب او حتى ساحات التحرير او طائرات الناتو بل صناديق الاقتراع .. نعم صناديق الاقتراع على طريقتكم ـ هكذا يقول الاخوان ـ لا على  طريقتنا .. الم تقولوا انها الديمقراطية .. خذوا ديمقراطية واعطونا السلطة؟ الم تجعلوها فيس بوكية اجعلوها فيبس بوكية و ” المفسبك اظلم”. الاخوان يقولون بملء الفم نحن لم “نفسبك في حياتنا ولامرة واحدة” وجلنا لايجيد وسائل التواصل الحديثة ولكننا لانجد ضيرا او غضاضة في ان نركب موجة لانجد فيها ماهو مكروه طالما انها في بعض جوانبها في مصلحة الامة. بل قد نذهب معكم الى حد القول اننا قد نستخدم وسائلكم الثورية هذه من باب الاضطرار وفي هذا يصح علينا ما يصح لغيرنا من منطلق “لاضرر ولا ضرار” فقد نكون مكرهين فلا جناح علينا . قصة الربيع العربي اذن تختزل ماساة الامة العربية وبالذات نخبها الفكرية والسياسية. هذه النخب التي اختزلت هموم الامة ومشاكلها على مدى اكثر من نصف قرن بالحاكم الملهم او الضرورة او الزعيم الذي لم يعد ما يجعله يتردد في ان يورث السلطة ليس لابنه الاكبر فقط بل حتى لحفيده الذي لم يولد بعد. وهذه النخب الفكرية والسياسية التي احتفل غالبيتها  باسقاط  هذا الحاكم العربي او ذاك تبدو عاجزة الان عن تفسير احلام الشباب الفيسبوكية التي اضرمت نار الثورة في جسد ساحات التحرير العربية, مثلما هي عاجزة ايضا عن تاويل قدرة الاخوان على ان .. ياخذوا كل شئ .. المولد وحمصه.
[email protected]