الشباب والسياسة معنيان مرتبطان ارتباط وثيق لاينفك عقده يوثر الشباب بالسياسة كما ان السياسة تستمد قوتها وفاعليتها من عزيمة ومحورية الشباب وهي القوة الكامنة التي تصنع التغيير بكل المعادلات كما يُنظر للسياسة في القوالب التقليدية على إنها مجموعة من الرجال كبار السن ثقيلي الحركة امتلئ شعرهم بالشيب يؤدون مهام سياسية ويتملكون الخبرة في مجال عملهم هذا ماتعودنا على ان نراه مع مختلف الأنظمة السياسية في العالم العربي دون وجود أي اثر للشباب ودورهم
السؤال الذي يُطرح هل هو غياب ام تغييب؟؟
بسبب تركيبة النظام السياسي في العراق وكيف يصنع القرارداخل هذا النظام عوضاً عن تعقيدات المشهد بأكثر من ازمة وجودية كل هذا يؤدي الى اضعاف حماسة وحرص الشباب بضرورة ان يكونوا شركاء في صنع القرار اذاً الجواب سيكون بالاثنين معاً
حالة الركود التي تعاني منها العملية السياسية لابد من حل بديل الا وهو دخول الشباب في المجال السياسي مما يساعد في تغيير وجهتها كون الحيوية والديناميكية هي جزء من شخصية الشاب وهو اكثر رغبة في تحسين الأوضاع عكس الحرس القديم الذي امتهن السياسة مُحَدد بقواعد كلاسيكية وقوالب لايستطيع ان يتجاوزها بالمقابل هناك شاب خالي من هذه القوالب ويريد ان يبني وجهات نظر علمية خصوصاً وبعض الشباب متشربين بالمعرفة بالتالي عملهم السياسي سيكون مبني على دوال علمية وتجربة مغايرة نذكر مقولة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان :
(لا احد يولد مواطناً صالحاً ولا أمة تولد ديمقراطية وإنما المواطنة والديمقراطية هما عمليات متواصلة التطور على امتداد الحياة ويجب إشمال الشباب منذ ولادتهم فالمجتمع الذي يقطع نفسه عن الشباب يقطع نفسه عن مايمده بالحياة ويكون مكتوباً علية ان ينزف حتى الموت)
كما ان النظرة الكلاسيكية التقليدية للقيادة والقائد لدى الشباب قد تغيرت فالشباب المعاصر ينظر بطريقة مختلفة عن الماضي وكينونة القائد حيث تعودنا ان يأتي بأنقلاب عسكري وببزة مرقطة وهذا السبيل الوحيد للوصول اما الان فالشاب متطلع للتغير لم يعد حبيس الإذاعة الحكومية الواحدة يبحث عن صناعة مستقبل مستقر يتطور واقتصاد مرفه قياساً بالتجارب التي يشاهدها الشاب ويتاثر بها
واذا ما تحدثنا عن اختلاف شبابنا العراقي بين الامس واليوم فأن الفترات المظلمة خلال الحروب والاقتتال في 2006_2007 وفي المعارك 2014 كل هذا جعلت الشباب يبتعد عن الطائفية ومسميات الفرق والطوائف حيث يلاحظ إن الشاب العراقي بدأ بالبحث عن الهوية الوطنية خارج إطار الطائفة والقومية وحتى الايدلوجيا
المراد اليوم توجيه الشباب بممارسة العمل السياسي خصوصاً تطبيق رغبتهم في تحسين الاقتصاد قياساً بما يلاحظوه ويشاهدوه في دول عديدة وبحثهم المستمر عن الرفاهية ونظرتهم حول الأفكار والايدلوجية مثل القومية وغيرها بأنها غير منتجه اذا ماقارنا بدول الرفاه المستقرة بعيداً عن دول الموجهة و دول المحاور حيث انهم يبحثون عن دولة الخدمات والمؤسسات لادولة الحزب الواحد او دولة الثورة ويتلزمون بدولة الحياد المجرب من خلال ان هناك دول عديدة استطاعت بناء نفسها بتعزيز مفهوم الاستقلال والاستقرار والتنمية أي الدولة التي تحافظ على هويتها بعيداً عن كل شيئ
ثم سؤال اخر عزوف الشباب عن السياسة ام عن الأحزاب السياسية؟؟
نشاهد كثيراً دور الشباب في العمل التطوعي المدني ضمن منظمات المجتمع المدني ومن خلال التجمعات الشبابية لكن يقل دورهم في إروقة الأحزاب السياسية حيث من البديهي ان الأحزاب هي الوجهه الرئيسية للمارسة العمل السياسي لكن تدني التصويت في الانتخابات لصالح هذه الأحزاب يقوي من قول إن الشباب يعزف عن الأحزاب لا عن السياسة في الوقت ذاته إنشغال الشباب في السياسة من خلال التعبير عبر مواقع التواصل ومنصاته عوضاً عن المشاركة في الاحتجاجات وغيرها مما يؤكد ان الشباب يؤدي دوراً سياسيا بعيداً عن الأحزاب وحق الانتخاب لايقل عن حق الترشح وهذه اعظم مشاركة
من خلال معرض الحديث نتسائل ماهي المحددات التي تحول دون مشاركة الشباب ؟
ان من اهم المحددات التي تشكل عائقاً امام الشباب هي طبيعة الأحزاب السياسية الموجودة في الساحة العراقية وقصور الفهم اتجاه موضوعة الشباب وإجهال دورهم الحقيقي عامل مهم في ضعف المشاركة السياسية كما يفترض ان هذه الأحزاب هي مدارس مهمة في تأهيل واعداد قادة شباب مؤهلين لاداء دور سياسي لكن طريقة تفكير هذه الأحزاب لم تخرج عن قالب النمطية في التعاطي بالنظر للشباب على ان دائرة اهتمامه محصورة في كرة القدم وبتالي كتسقيط واجب اتجاه هذه الشريحة تقوم بترضيته بخماسي كرة قدم او بعض الميداليات التي توزع قرب كل انتخابات !!
واعتمادهم فقط على الاعيان ووجهاء المناطق وحثهم على دعمهم في فترة الانتخابات
كذلك من العقبات التي تمنع تفعيل المشاركة للشباب الحروب التي تعرض لها بلدنا وكمية الازمات والوضع القلق إظافة للوضع الاقتصادي والذي لايجعله يفكر إلا بحدود الكفاف من متطلبات حياته
ومسألة الوعي الديمقراطي الضعيف لدى اغلب مجتمعات الشرق الأوسط ولاسيما شريحة الشباب من مسببات تردي هذا الوعي طبيعة النظام السياسي تارة والبنية التربوية والتعليمية تارة أخرى وحتى الاسرة التي هي البذرة الأساس في صناعة الوعي ولا نغفل طبيعة البيئة الانتخابية لاسيما قانون الانتخابات الذي لايسمح بمن هم دون سن ال30 عام بتمثيل انفسهم على الرغم من نسبتهم الكبيرة من بين الهيكل السكاني
هناك أنظمة فسرت الاهتمام بالشباب من منظور مختلف فقد تركز جل استثمارها في الشباب جعلهم وقود لحروب لايجني منها الشاب سوى قطعة قماش تمثل علم البلد يلف به حين يعود مقتولاً من ارض المعركة كل هذه النذور الجاهزه تقدم قربان لديمومة الزعيم على كرسيه كل هذا البذل ولا زلنا نجهل دور الشباب
لاسبيل لحل مشاكل الشباب الا بالشباب انفسهم يفهمون مشاكلهم وهم من يضع الحلول لها يأخذون على عاتقهم تحسين مستقبلهم بأيديهم لا العمل بالنيابة واستعير هنا مبدأ البرلمانيون الشباب في الاتحاد البرلماني الدولي حيث يقولون ( لاقرارات عنا بدوننا )) كما اننا نحتاج لاحزاب ومشاريع سياسية تؤمن بالشباب كقيمة حقيقية تعرف دورهم المهم تأخذ بأيديهم تؤهلهم تحيطهم بالامكانيات وتصنع منهم قادة يدركون حجم المسؤلية يحققون أهدافهم بالطرق السلمية وعبر الديمقراطية .