” الشباب أملنا لدحر الإرهاب ” شعار كتب على يافطة في تجمع نظمته دائرة تابعة لوزارة الشباب والرياضة العراقية حضرتُ التجمع مع حشد كبير من الشباب المتعطشين لخدمة الوطن في مختلف المجالات كل حسب اختصاصه ، كان من بيننا المهندس والمحامي والمدرس والفنان وغير ذلك وكنا قد حضرنا التجمع فور تلقينا الخبر من قبل مجموعة من الأصدقاء دون ان تتم دعوتنا للمشاركة وما دفعنا هو حب الوطن والسعي لرد جزء بسيط من أفضاله علينا وللتعبير عن حبه الذي يسري في عروقنا ، وقفنا في الصف الأخير بعد أن شغلت كل المقاعد للمدعوين من رؤساء أحزاب وتكتلات سياسية حسبما قيل
، وآخرون لم نعرفهم لكن ( بذلهم الباهظة ) و
( كروشهم الكبيرة) دلت على أنهم شخصيات مهمة ، تم التطرق إلى مواضيع عدة منها دور الشباب في خدمة المجتمع وتنفيذ النشاطات ومساعدة قوى الأمن و التطوع للمنظمات الحكومية والغير حكومية لإنجاح مختلف الفعاليات وألقى عدد من المسؤولين كلماتهم التي بدأت وانتهت بالتصفيق ، وما لفت انتباهي وجود ما يقارب 20% فقط من الشباب أما الأغلبية فكانت لمن تجاوز الاربعين من عمره ، تم توزيع الحلوى على الحضور وانتهى التجمع دون التطرق لمشاكل الشباب والمعوقات التي تواجههم في تحقيق طموحاتهم ولم يتم ذكر اي موضوع ذي صلة بحقوق الشباب ودورهم في دعم سياسة البلد
واقتصاده لم يدرك حينها الشباب في هذا المحفل مالهم وما عليهم .
تفرق الحضور وتوافدت السيارات الحديثة لنقل المسؤولين الذين أحيطوا بحماياتهم وعدنا خائبين بعد ان كنا بركان من الطاقة والإبداع على وشك الانفجار ليست ” الانفجارات المفتعلة ” التي اعتاد عليها العراقيون بل انفجار عطاء وإبداع لبلد وضع اللبنة الأولى لمشروعي للتقدم والازدهار “فيما مضى” وهنا اكرر” فيما مضى “.
تساءلنا فيما بيننا عن سبب تنفيذ هكذا تجمعات تستخدم الشباب جسرا لها لتحقيق مكاسب حزبية وفئوية على حساب اسمهم ودورهم الفاعل في تقرير مصير الشعوب لا سيما مع ثوران ضمائر الشباب وتبنيهم ادوار سياسية وقيادية وإعلامية تتفاعل معها الشعوب والحكومات الديمقراطية وتمثل دولها في محافل دولية ومؤتمرات في غاية الأهمية ربما تكون مصيرية تغير مسار انظمة وسياسات لشعوب بأكملها.
انتفض البو عزيزي فضحّى بروحه لإشعال شرارة الحرية فنهض الشباب التونسي وتواصل ، قرر فثار ثم أطاح بالمفسدين الذين بنوا عروشهم على اكتاف البسطاء من ابناء تونس الحرة ، غيروا ما يمكن تغييره وكانت هذه الثورة ثورة الحرية والكرامة تعبيد الطريق للأحرار في هذه الامة للمطالبة بحقوقهم .
ثار الشباب المصري فتحرر مما حول عنقه منذ عقود وتجمع رغم كل التحديات في ذلك الميدان ، الجميع متساوون ، قيل ما قيل ، لكن لا يصح إلا الصحيح ، واستمرت الثورة تستعر هنا وهناك أسقطت التماثيل وفكت القيود على ارض الكنانة وبعد ان سحقت تلك القيود بأقدام الشباب ، اشترى اخرون قيود اجنبية ليقيد بها شباب الثورة من جديد ، ما أن حاول احدهم تقييد الهرم ضحك أبو الهول وهو ينظر فسأل ” وهل يقيّد الهرم ؟ ! “
تغيرت معالم الثورة هنا وهناك وما أن تنفس الليبيون الصعداء إلا وكان لقوى الظلام نواياهم القذرة لتدمير البلد ، الانفلات ، الميليشيات المسلحة ، النزاعات القبلية ، الأقلمة والفدرلة أفسدت على الشباب الليبي فرحته ، وشعوره بلذة الحرية والتخلص من هيمنه الشخص الواحد المريض ، ولان للحرية ثمن ،فان ثمن هذه الحرية مازال يُدفع اضعافاً بدماء الاحرار الزكية .
نبتت بذرة ثورة في درعا وسرعان ما انتقلت إلى دوما وحمص وبقية الأجزاء السورية لكن لم يثمر جهد الشباب بشئ يذكر ، واستمرت الانتفاضة حتى تحولت الى اعمال مسلحة ، حينها تلاشت الامال وضاعت الاهداف ، الذين سقطوا في مجزرة غاز السارين بالغوطة تجاوز عددهم الألف شخص اغلبهم من الأطفال قيدوا ضد مجهول ومجلس الامن ينظر والجامعة العربية لم تحرك ساكناً ، ازهقت ارواحهم ظلماً ، أحبطت عزيمة الشباب وفقدوا القدرة على الاستمرار ، اتهمت الحكومة السورية معارضيها بتنفيذ عمليات مسلحة ، ثورة الشباب سُرقت وصودرت حقوق الأغلبية ومُحيت الطموحات بعد أن تحولت
إلى أسلحة وقنابل ، فقدت سلميتها من الطرفين ، ذبل الياسمين وتحول عبيره إلى بارود يميز رائحته العرب دون غيرهم ، لماذا العرب ؟ لا املك جواباً لذلك .
بساحة التحرير وسط بغداد ، تجمع العشرات فالمئات ثم الالاف ، اردنا تذوق طعم الحرية التي حرمنا منها لعقود ، وعدنا بوش بذلك قبل عشر سنوات فلم يفعل ، جلب لنا اسماء لم نكن ندركها من قبل ” قنابل عنقودية، يورانيوم منضب ، انتحاري ، مفخخة ، عبوة ناسفة ،مجهول الهوية ، حزام ناسف ” مفردات لم نكن نعرفها من قبل .
تجمع المثقفون والمخلصون لهذا البلد للتغيير ، التغيير نحو الافضل ، ازدهار ، بناء ، اعمار ، تطور طموح كل عراقي ان يرى بلاد الرافدين تزهر من جديد وان يمضي الدخلاء بعيدا عن هذه الارض المقدسة .
تجمع انتصرت فيه المرأة العراقية حين حملت راية الوطن واصطفت الى جانب رديفها في المجتمع ، جاءت لتقول لا لتؤازر ، جاءت لتقرر لا لتطلب ، لم تتحقق الثورة لكنها حققت أهدافها الاساسية وهي توحيد الصف والمساواة واثبات الهوية الوطنية اما الثورة فستحدث في يوم ما .