في سلسلة بغداد تراث وتاريخ كانت لنا محاضرة عن كيفية استيلاء دولة اصحاب الخروف الاسود بقيادة الشاه محمد بن قره يرسف على بغداد وقد اختلفت اسماء هذه الدولة والاصح ما أسلفناه اذ من الاسماء دولة الخروف الاسود او دولة الشياه السود او دولة القره قيونلو او دولة الرايات السود والقره قيونلو طائفه من التركمان الرحل تفرعوا عن الغز المنسوبين الى أوغوز البطل الاسطوري عند الترك حكموا بغداد من عام ٨١٤ هج حتى عام ٨٧٤ حيث ابتدأ حكمهم بالشاه محمد واخيه أسبان وفولاذ ابن اسبان وجهان شاه وحسن علي وبير محمد وحسين علي وشاه منصور واستمر حكمهم لبغداد بحدود ستين سنة وكانت فترة حكم الحاكم الاول منهم لبغداد اكثر من عشرين سنة
وكانت بلادهم الاصلية عند تركستان الغربية اواسط آسيا وقد اضطروا الى مغادرتها بسبب صراعهم مع المغول وتوجهوا في عهد السلطان الايلخاني ارغون غربا الى اذربيجان ومنها الى الجهات الشرقية لتركيا المجاورة لارمينيا وكانوا يتنقلون مع اغنامهم طلبا للمرعى وتمت تسميتهم باصحاب الغنم او الشياه السود لاهتمامهم بتربية هذا النوع من الشياه وكان اول من اشتهر منهم بيرام خواجه الذي حولهم من عشيرة الى امارة مستغلا ضعف الدولة الجلائرية التي كانت تحكم المنطقة بما فيها بغداد قبلهم التي استخدمتهم في محاربة اعدائهم مما ترتب عليه حكمهم الموصل والمناطق المجاورة ووصل الحكم الى ابن اخ بيراه خواجة الذي سمي فيما بعد باسم الشاه قره محمد خاصة بعد زواج السلطان الجلائري من ابنته وزواجه من احدى الاميرات الجلائريات وزاد نجمه العسكري بعد وقوفه مع السلطان الجلائري في معارك عديدة وفي عام ٨١٢ هج محمد بن قره يوسف بغداد وحاصرها لمدة سنة حيث قتل السلطان احمد الجلائري بيده بعد هجوم سابق ودخول بغداد لمدة ثلاثة اشهر وبالرغم من مقتل السلطان الجلائري احمد حاكم بغداد فان السلطانة دوندي استطاعت حكم بغداد والوقوف امام القره قيونلو مدة ليست قليلة ولم يستطع هؤلاء دخول بغداد عام ٨١٤ إلا بعد ان غادرت السلطانة دوندي بغداد بالزوارق مع خدمها واموالها الى واسط والى مدينة تستر الفارسية ولما علم الشاه محمد بذلك دخل بغداد وامر أتباعه باستباحة المدينة يوما كاملا تم خلالها قتل الكثير ومصادرة ما بقى من اموال وكانت اول اجراءات اتخذها اول حاكم لبغداد من هذه الدولة بسط سيطرته على جميع بغداد وقتل الشيخ احمد السهروردي بناء على وشاية ولد الشيخ بانه من المتعاونين مع الحكام السابقين ووزع المناصب على اتباعه وحل جيشه لانه يرى ان الاسوار كافية وقطع علاقته مع ابيه حاكم تبريز وشجع على الزراعة وترك ضريبة الخراج اي الضريبة المفروضة على الاراضي الزراعية وكان يقضي غالب ايامه باللهو والتسيب واذا كان اول حاكم لبغداد من القره قوينلو انتهت حياته بقتله غدرا من اخيه السلطان اسبان واستيلائه على بغداد فقد شهدت بغداد حوادث عديدة منها فيضان دجلة وحصول اضرار كبيرة في الارواح والممتلكات عام ٨٢٤ ووفاة الشريف علي بن محمد الجرجاني العالم صاحب المؤلفات المشهورة ووفاة الفيروزي امام اللغة والادب صاحب كتاب القاموس المحيط عام ٨١٧ هج وظهور الطاعون ووصول اسراب من الجراد والعواصف الشديدة المصحوبة بغبار كثيف وحدوث حريق في الرصافة ووفاة غياث الدين جمشيد بن مسعود من اكابر علماء الهيئة صاحب مؤلفات نزهة الحدائق والرسالة المحيطية ووفاة قاضي بغداد شمس الدين محمد الكرمانب البغدادي فان هذا الحاكم جمع قادة الحركة ضده ومنهم وزيره وابن اخته واخرين لهم منزلة كبيرة وأمر احد الحمالين بقتلهم بعد ان احتسى كمية من الخمر على شاطئ دجلة وانتشرت في بغداد عصابات السطو وقطع الطرق ولاول مرة كان هنالك حاكمان في بغداد شاه محمد في الرصافة واسبان في الكرخ وفي عهده كانت ارهاصات تأسيس ديوان بغداد الذي كان معروفا من العهد العباسي ولكنه شجع الطب في مقدمة العلوم ومن الاطباء ابو علي ومحمد بن عمر البغدادي وكانت المعالجة بالاعشاب والترياق وكذلك الفلك والتنجيم .