22 ديسمبر، 2024 10:26 م

الشاعر”علي الشباني ” .. مقاليا ً

الشاعر”علي الشباني ” .. مقاليا ً

لم تقتصر التجربة الابداعية للشاعر” علي الشباني ” على ملكة الشعر فحسب ، انما تعدت الى أجناس أدبية أخرى ، فقد كتب التحقيق الصحفي من خلال عمله في مجلة ألف باء في مطلع سبيعينيات القرن الماضي بوساطة صديقه الشاعر فاضل العزاوي الذي شاركه سجن الحلة في منتصف الستينيات ، وكتب العمود الصحفي ايضا ً ، ولكنه كان بارعا في كتابة المقالة الصحفية والأدبية حيث نشر العديد منها في صحافة السبعينيات تناول فيها هموم ثقافية متعددة ، وكان أبرزها دفاعه عن اللهجة الشعبية كأداة شعرية قادرة على تقديم نتاجات ادبية وشعرية ذات مستوى عال ، حيث يرى ان العلاقة تزهر بين الشاعر وارادته الشعرية ـ اللغة ـ بالقدر الذي يمتلك هو ذلك الحس الخاص باللغة واسرارها .. واستخدامه السحري للمفردة ، كما يرى ان اللغة بالنسبة للشاعر خاصة ، مسألة تأتي خطورتها وثوريتها من طاقتها الهائلة لامتلاك الاشياء وتنسيقها مجددا ً ، بفعل الشاعر ويصف اللهجة الشعبية على انها ( نهر صغير ، منفعل ، خرج من منبعه الكبير ، واتجه صوب الناس مثقلا بكل مايأتي به دربه الجديد ) ، وعن امكانية استخدام اللهجة فنيا لاستشراف افق الانسان والذهاب معه حيث يحزن ، ويموت ، ويبكي ويسقط ، وقد يكون فرحا ، يرى الشباني ( لو تجردنا قليلا ووضعنا المسألة الوحيدة الجديرة بالنقاش ، الفن .. الشعر جزء منه . وعلمنا ان الانسان في لحظة خوفه البدائي واجه العالم بقبضة من الطين او برموز جدارية مرتعشة ، كان فنا هذا الذي نحس خلوده اليوم .. ونعيش اسقاطا زمنيا مرعبا أزاءه ، ونمتلىء نحن بخوف انسانه الأول ، وكان ذلك الانسان بعيدا عن صياغة التبريرات ، وايجاد مرتكزات معينة لدعمه ، سوى الحس ومن ثم المواجهة .. ولو اقتربنا قليلا لكانت الملاحم والاساطير شموخا حضاريا آخر ) ويرى الشباني ان العالم الاوربي يمتلك الشواهد العديدة للدلالة على عبقرية وأصالة عدد من شعرائه ، كتبوا بلغة انسانهم وبحرية تامة شعرا خالدا ً مستشهدا بالشاعر لوركا كواحد من هؤلاء الشعراء وكذلك دراسة ـ مكليش ـ في كتابه الشهير ( الشعر والتجربة ) الذي تحدث فيه باعجاب وعمق عن قصيدة صينية قديمة قبل الميلاد 4000 سنة كتبها شاعر صيني وبلغة ـ شعبية ـ  وعن مبررات استخدام الشاعر للهجة الشعبية كأداة فنية يؤكد ( ان اللهجة الشعبية عندنا ، ونتيجة لاستعمالها اليومي الواسع دخلت اعماق الناس وحملت كل هذياناتهم ، وابعادهم النفسية واتسعت لتشكل ظاهرة شاملة ، ليست للتفاهم اليومي والعابر فقط ، وانما لمختلف الممارسات الانسانية ) وعن القصيدة الشعبية العراقية يقول ( تمتلك تراثا قصير الامتداد في التاريخ وشحيح النوعية ، ولكنها بالتالي تلتصق بالانسان الذي يحزن ويبتهج ويعشق بحسية هائلة ، وثراء روحي خصب ، اما الجودة والشعر النقي .. ومعاصرة القصيدة الشعبية وازدهارها فمرتبطة بما يطرحه الشاعر الشعبي ) .