حين يكتشف الشاب انه موهوب مسرحياً، يسارع لتطوير موهبته، وهذا امر طبيعي جداً، حيث يذهب الى “اهل الاختصاص”، ومن هنا تكون البداية، اذن ماذا افعل الان يا سيدي المُخرج ؟، (خذ هذا النص المسرحي، وستلعب دور الجندي الاول، قف هنا، وثم تحرك الى يمين المسرح، تحت البقعة تماماً، ثم اذهب الى وسط وسط المسرح، اجعل الحوار يخرج من المعدة، اجعل الحوار حزين وتحرك ببطئ، لا لا هذا ليس جيداً حاول مجدداً)، هذه هي الخطوة الاولى التي ستواجه الدمية عفواً الممثل الشاب، هي خطوة جيدة لكن ليست هي ما نطمح اليه، نحن نطمح ان يتعلم الشاب المسرح “المبتدئ”، الغاية من كل خطوة يخطوها على خشبة المسرح، ما معنى مسرح ؟، ماذا نقصد بالنص والشخصية؟، ماذا يعني بداية، وسط، نهاية؟، ما هي ابعاد الشخصية وما الغاية منها؟، وغيرها من الاسئلة والمعلومات التي يجب على الممثل المبتدئ معرفتها قبل ان يتحرك من بقعة الى اخرى ويخرج الحوار من المعدة ! .
هل الورش المسرحية هي الحل ؟، الجواب نعم، هي الحل بشرطها وشروطها، واهم شروطها هو ان لا يكون الممثل دمية، بل يجب ان يتعلم “المتدرب” في الورشة، المعلومات المسرحية، التي كما يسميها البعض ” النظري”، ويتم تدريبه لفترات معلومة وتقييم المتدرب بعد انتهاء الورشة، و يجب ان تكون الورش المسرحية على شكل مستويات، فالورشة الاولى تكون البداية للورشة الثانية، التي سوف تكون المادة المسرحية الموجودة اعلى مستوى واكثر تكثيفاً في المعلومات، وهكذا في الورشة الثالثة .
ولكن في طبيعة الحال، من يريد التعلم “نظرياً”، ربما لا تكفي ورشة او ورشتين لذلك، عليه ان يبادر بالتعلم، فالكتب متوفرة “ورقياً” و “Pdf”، والمقالات والبحوث على مواقع الانترنت، حيث يستطيع الممثل المبتدئ ان يتعلم معلومة كل يوم على الاقل، كل ما في الامر انه يحتاج فقط الى الارادة والاصرار على ذلك، لكن الامر المزعج هو “غسل دماغ” المتدرب واقناعه ان “النظري” غير مهم!، فالناس تريد رؤيتك وانت تُبدع في المثيل على خشبة المسرح، اهتم بالجانب ” العملي” فقط، والاستهانة ممن ينادي بوجوب الاهتمام بالجانب “النظري”، بحجة الميدان “للعملي” فقط .
على الممثل المبتدئ، ان يعرف ان “النظري” يؤدي الى طريق يخافه “البعض”، انه طريق (الوعي المسرحي)، فالبعض يخاف ان يدخل الشاب المسرحي المبتدئ، هذا الطريق، فقد يتعلم هذا المبتدئ، (الذي لن يكون مبتدئاً بعد الان)، الرفض والاعتراض والاستنتاج ” والعياذ بالله”، وقد يُرفع عن عينيه ذلك الغطاء، ويرى زيف البعض، واخطاء البعض الاخر، وهذا امر خطير جداً ” بالنسبة لهم” وربما تتعرض للهجوم والاقصاء فأنت الان مصدر ازعاج لهم، فانت في امان ما دمت لا ” تخرمش” اما الان فقد نمت لك مخالب واجنحة .
الوعي المسرحي هو ان يكون لك تفكيرك الخاص، المبني على المعلومات التي قرأتها، ويكون لك رايك الخاص في كل محفل او نقاش، الوعي المسرحي هي مرتبة متقدمة جدا في طريقك المسرحي، الوعي المسرحي هي ان تعرف كيف تتعامل مع الاعلى منك مرتبة والاقل منك مرتبة، وكيف تتعامل مع العروض وتقييمها، الوعي المسرحي هي ان ترفض ان تُعامل كدمية بل تفرض على المقابل ان يعاملك كممثل مسرحي لك عقل واعٍ .