السياسة في العراق بالنسبة للمخلص ألصّادق مُتعبة للغاية وحتى قاتلة, لأنّهُ يُريد تطبيق العدالة ولا أحد من حوله يفهم و يدرك أبعاد العدالة, أمّا بالنسبة للّصوص والفاسدين, فانّها مُريحة ومُفرحة و رحمة, بل تُعَدّ فُرصة العمر لأن همّه هو نهب ما يُمكن نهبه من الرواتب و المخصصات و الصفقات على حساب الفقراء و المرضى و الثكلى و اليتامى وبلا حياء و ضمير ثم التقاعد بعد سنوات لم يعمل خلالها سوى بضع ساعات و لنفسه ليصبح في لندن وأوربا و أمريكا مع عوائلهم, كل المسؤولون ابتداءاً برئيس الجهورية ورئيس الوزراء واعضاء البرلمان والوزراء و النواب وكلّ من حولهم من الرؤوساء و المدراء خدم للشعب ومهمتهم تحقيق سعادته ولهذا رشحوا انفسهم لذلك, والشعب اختارهم لأداء وظيفتهم, أما ان يكون الشعب يخدمهم كعبيد ويلبي رغباتهم فهذا هو الكفر الذي لا كفر بعده و الفساد الذي لا علاج له.
ان اكثر من ثلث ميزانية العراق تبدد للمسئولين كرواتب وامتيازات ومكاسب رغم ما يحدث من فساد وأرهاب ورشاوى واحتيال وصفقات وعقود تجارية ومشاريع وهمية واحتيال ونصب ودعارة وتجارة الحشيشة .. ورائها وسببها المسئولين, و يختبئ ورائها جهات متنفذة هي التي توجهها وتحميها وتدافع عنها لهذا رغم صرخات المسئولين ضد الفساد إلا انّ الفساد يزداد ويتسع ويتفاقم حتى شمل البلاد كلها وازداد عدد الفاسدين وأزداد نفوذهم وأصبحت لهم اليد الطولى في البلاد حيث اصبح كل مسئول رئيس عصابة متكونة من افراد عائلته واقاربه ومعارفه وعناصر حمايته وكل واحد من هؤلاء يملكون صلاحية المسئول.
سبب ومصدر الفساد في أيّ بلد هو المسئول الفاسد, وان سبب ومصدر الاصلاح في أيّ بلد هو المسئول الصالح, هذا مؤكد تجربةً و نقلاً و عقلاً, ولا يستتب نهج الصّلاح إلّا إذا ما نضج المجتمع و إتّصف بآلأيمان و وصل حدّ الأيثار!
يقول الأمام الصادق(ع): [ما ولّت أمر أمّة رجلاً و فيهم من هو أعلم منه,إلّا و كان أمرها إلى سفال, ما لم يجعوا إلى ما نهو عنه].
و هذا ليس فقط لم يقع في العراق اليوم, بل إذا ظهر رجل مخلص يريد الصلاح و الفلاح و كان صادقاً و مضحياً؛ فأنّ الساسة المتحاصصين يرفضونه و يبعدونه و قد يقتلونه لو أظهر المعارضة و كشف فسادهم, كي يخلو الجّو لهم لإدامة ا لفساد و كما حدث في وزارة الكهرباء و الصحة و التعليم و الدفاع و غيرها و أنا شاهد على ذلك.
واذا فسد الحاكم المسئول فسد المجتمع حتى لو كان افراده صالحون.
فكيف و آلمجتمع العراقي كله تربّى على الفساد و التربية الفاسدة؟