23 ديسمبر، 2024 12:06 ص

“السِجر” أقدم السدود والمصدات المائية في نينوى

“السِجر” أقدم السدود والمصدات المائية في نينوى

في سفرة ربيعية أنا وعدد من أصدقائي كنا جالسين بالقرب من هذا الحاجز المائي أُثير موضوع هذا الحاجز وبدأ كل واحد منا يدلو بدلوه حول نشأته،
ومع إن نظريتي كانت الأقرب، ولكن أثار فضولي هذا الموضوع وبدأت أبحث في أمهات الكتب لعلني أجد ما يوصلني إلى حقيقة هذا السد الذي كثرت حوله الأقاويل ولكن دون الوصول إلى حقيقة تؤكد الحقبة التأريخية لهذا البناء.

هذا الحاجز المائي كما يعرف عند الأهالي بـ “السِجر” 40 كيلو متر جنوب مدينة الموصل، هو يمتد على طول ضفتي نهر دجلة، عبارة عن حاجز صخري متراصف تتدفق من فوقه المياه بقوة يصعب على المراكب المرور من فوقه دون أن تتخذ مجرى فرعي آخر، لم يعرف كيف تم تشييده، وهل هو بناء طبيعي ام مصطنع، وما هي الفترة الزمنية التي شُيّد بها، كثُرت التكهنات والأقاويل عنه.

الدكتور في كلية الآثار في جامعة الموصل عامر الجميلي قال أما بخصوص السجر فهو من العصر الآشوري الحديث ( ٩١١ – ٦١٢ ق . م ) وقد يكون من بناه الملك الآشوري ( آشور – ناصر بال الثاني ) الذي جدد بناء العاصمة ( كلخو/ كالح – النمرود – ) التي تقع قبالته من الضفة الشرقية من نهر دجلة واتخذها عاصمة له ، أو قد يكون أحد الملكين من السلالة السرجونية الآشورية ( سرجون أو إبنه سنحاربب ) وقد سبق للدكتور فواز حمو النيش استاذ السدود الآشورية وعلم الجيموفولوجي في كلية التربية – قسم الجغرافية أن اكتشفه قبل ١٠ سنوات تقريبا مع سدود ( سكر ) حتى مدينة آشور الشرقاط.

ولكن من خلال بحثي عن نشأت وتاريخ هذا الحاجز وأنا أتصفح كتاب للرحالة الفرنسي “جان باتست تافرنييه” خلال رحلته الى العراق في القرن السابع عشر الميلادي، ذكر في كتابه: إنه بعد خروجه من مدينة الموصل ومبيته في مدينة حمام العليل جنوب الموصل، عاود في الصباح المسير في القارب جنوباً لساعات وقال: حتى بلغنا سدا ضخما، عرضه ٢٠٠ قدم، ويشكل شلالاً في النهر إنحداره عشرون قامة.
ويذكر في كتابه: يقول العرب إن الإسكندر الكبير قد أقامه رغبة منه في تغيير مجرى النهر، أو إن داريوش الفارسي هو الذي أمر ببنائه لصد مرور المقدونيين الآتين بطريق الماء. ومهما يكن من أمر هذا السد، فقد اضطررنا إلى النزول براً مع أحمالنا ، فحملناها على الدواب التي جاءنا بها العرب.

من هنا وجدت إن تاريخ بناء هذا الحاجز يعود لفترة 330 ق.م، أي قبل 2350 سنة، بحسب الرحالة جان باتست تافرنييه، وكذلك علمت إن معركة غوغميلا والتي تعرف بأعظم المعارك التي وقعت هي في هذا السهل تحديداً، وإن كانت بعض التنقيبات تقول ان المعركة وقعت قرب قضاء الشيخان.
وإن معركة غوغميلا هي معركة وقعت في سنة 331 قبل الميلاد، بين الإسكندر المقدوني و داريوس الثالث، إنتهت المعركة بنصر المقدونيين وأدت إلى سقوط دولة ألأخمينيون الفارسية، وكان الملك قد اختار هذا السهل كونه سهلاً واسعاً لكي يسهل تحرك فيلته وجيوشه بحرية والمناورة بالقتال وإن الملك الفارسي داريوس الثالث هرب لوحده ولم يستطع حتى أخذ زوجاته وبناته معه، غير أن الإسكندر المقدوني عامل عائلته معاملة الملوك.