بعد دعوات الإصلاح التي أطلقها السيد المقتدى – وبقوة – ، وخروج الجماهير من كل أطياف الشعب تلبية لدعوته ، وبعد أن صنفت الدول العربية كلاً من الحشد الشعبي وحزب الله اللبناني بأنهما منظمات إرهابية ، نرى وصول المحادثات الدبلوماسية حول سوريا إلى حلول سريعة ومفاجئة ، أدت إلى انسحاب القوات الروسية وحزب الله من سوريا ، مع إصدار الأوامر للفصائل العراقية بإرسال ستة آلاف مجند عراقي لسد الفراغ !! .
هذه الأحداث وغيرها تجعل المتفكر في هذه القضية يحتمل عدة سيناريوهات تتخذها إيران وأمريكا حول سوريا والعراق .. ولعلي أحتمل منها ما يلي :
أما بخصوص إيران في الشأن العراقي :
ففي ظل دعوات السيد المقتدى ( أعزه الله ) للإصلاح ، وفي ظل تنامي القواعد الشعبية المؤيدة له ، بثت إيران إشاعة أو معلومة ( تنبؤية ) من مقتل ( حريري ) جديد في العراق .
فإذا وضعنا في الحسبان أمرين :
الأول : إن إيران لا يقف أمام مخططها حرمة .
الثاني : إن ( الحريري ) كان رئيس وزراء لبنان ، وتم اغتياله بأيدي لعلها تكون مجهولة لنا ، ما أدى ذلك إلى وقوع فتنة وشرخ في المجتمع اللبناني .
فإذا علمنا هذا ، فمن هو ( رئيس وزراء العراق اليوم ) ؟ هو د . حيدر العبادي ، فمن المحتمل أن توعز إيران لعملائها في العراق ، بقتل العبادي ، بهدف إيقاع البلبلة في المجتمع العراقي ، وبالتالي انشغال السيد المقتدى ( أعزه الله ) بوأد الفتنة ورأب الصدع عن مشروعه الإصلاحي ، وذلك تحقيقاً لهدفين على الأقل :
الهدف الأول : منع السيد المقتدى ( أعزه الله ) من التصدي للعراق ، وهو الشخص المتمرد على أوامرها وإرادتها .
الهدف الثاني : حماية عملائها ( المفسدين ) كالمالكي وحزبه .
وأما بخصوص إيران في الشأن السوري :
فإن تبني إيران لمشروع الدفاع عن بشار الأسد وحكومته ، وبرجال ليس من الجنس الفارسي !! ، يشكل هذا تدعيماً للساتر الأول أو السد الأول لحماية إيران من المتطرفين الوهابيين ، في حين يشكل العراق بالنسبة لها الساتر أو السد الثاني لها .
وبالنسبة لإنسحاب حزب الله من سوريا – وهو بأمر إيراني أكيداً – ، وليست الفصائل لعراقية مشمولة بهذا الأمر ، فلأن لبنان الصغير يحتاج إلى الحماية من المتطرفين وليس العراق كذلك !! .
أما بخصوص أمريكا في الشأن العراقي :
فإذا وضعنا في الحسبان أمرين على الأقل :
الأمر الأول : هو الجانب السياسي و الأمني في المنطقة : فإنه وبعد دعوات السيد المقتدى للإصلاح ، وبعد أن كان السيد المقتدى هو العدو الأول لها ، وبعد تأييد الجماهير لمشروعه الإصلاحي ، فمن حق أمريكا ان تخشى على مصالحها في العراق ، وتمنع هذا الرجل من الوصول إلى هدفه ، وذلك بالإتفاق مع إيران على أي صيغة تمنع هذا الرجل من الوصول إلى هدفه ، ولا مانع من التقاء المصالح هنا !! .
الأمر الثاني : وهو الأمر الأخطر في القضية ، وهو الجانب الديني ، فكلنا يعلم ؛ أن الهدف الأهم لأمريكا من غزوها للعراق هو منع ظهور الإمام المهدي (عليه السلام ) وقد سمت أمريكا معظم حروبها في المنطقة بأسماء دينية ، وأن الرب هو من أمر بوش في حربه على العراق ، وأنها تسعى لإقامة النظام العالمي الجديد … إلخ .
ومنا هنا .. فإن الحراك الجديد في العراق ، وما توصلت له الجهود الدبلوماسية في سوريا مؤخراً ، يؤشر لنا أن أمريكا تسعى لمجيء سلطة دينية في سوريا – ولو عن طريق الإنتخابات – سيكون أول أولوياتها بعد استقرارها هو القضاء على الخط الشيعي الموجود في العراق ، وإجهاض تحركات ( مقتدى الصدر ) ، وهذا إحتمال .
والإحتمال الآخر .. هو أن هذه المحادثات وبعد أن أوجدت فراغاً عسكرياً في سوريا ، سيكون هذا عاملاً مساعداً ومُسرّعاً في إنهاء وإسقاط بشار الأسد على أيدي الجماعات الإرهابية ، ولعلها ستتحد – برعاية أمريـكـيـة – تـحـت قـيـادة واحدة ، للـتــعجيل بالتـحرك نـحو الـعراق ، والـقضاء على الخط الشيعي – بشكل عام – ، والقضاء على العدو اللدود ( مقتدى الصدر ) بشكل خاص ، وهذا الإحتمال هو الأقرب في تصوري لسببين :
السبب الأول : هو ما أشارت له العديد من الروايات ، من أن السفياني يأتي إلى العراق وفي عنقه صليب – كناية على العمالة للإتجاه المسيحي – ، وأنه – أي السفياني – ليس لهم إلا الإقبال نحو العراق لقتل شيعة الإمام علي ( عليه السلام ) .
السبب الثاني : هو ما تؤيده الوقائع الملموسة على الأرض من مد ودعم أمريكا للإرهابيين ظاهراً وباطناً ، ومن تحريكها للمجتمع العربي لتأسيس جيش لمواجهة التنظيمات الإرهابية ( ومن ضمنها حزب الله والحشد الشعبي ) .
يقول مرشح الرئاسة الأمريكي ( ليندسي غراهام ) عن الحزب الجمهوري ، والعضو في لجنة القوات المسلحة بالكونكرس الأمريكي في لقاء متلفز بتاريخ 29 / 11 / 2015 ما مختصره : [ سنكوّن جيشاً سنياً في المنطقة بنسبة 90 % من أبناء المنطقة ، وبنسبة 10 % من الجيش الأمريكي ، على نحو التدريب والإشراف ، فهم من يدفعون فاتورة الحرب ] !! .
{ ويمكرون ويكر الله والله خير الماكرين } .