لها تدريجيا, وبات العراق يشهد أمنياته بعيداً عن الخطاب التحريضي الطائفي, ويتضح جلياً في الوقفة البطولية للمرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف), والتجاوب الرائع لأبناء العراق مع الحكومة, وتحشيد الطاقات البشرية ضد الإرهاب والتكفير, الذي يهدد أمن العراق وأمانه, وكشف ملفات الفساد والمفسدين.
متبنياته وقراراته واقعية, غير خاضعة للمؤثرات الخارجية, ساهمت وبشكل كبير في ديمومة النسيج الإجتماعي العراقي, لبناء الدولة العصرية العادلة.
تعامل المرجع الأعلى مع الحدث بشكل عقلاني, وبنظرة بعيدة وثاقبة, حيث تمكن من حلحلة الوضع المتردي, لئلا نصل الى نقطة العدم, فلا حل بعدها, فخاطب محبيه ومقلديه: (أوصيكم خيراً بأنفسنا وأخوتنا), عبارة أطلقها المرجع الأعلى حول (السنة) الشريك في الوطن, والإحترام لكل الأقليات الأخرى.
أرادت المرجعية الرشيدة, أن يكون موطن الرافدين لكل العراقيين, لذلك إنبرى المجاهدون عند إطلاقه لوجوب الجهاد الكفائي, للدفاع عن مقدساته, وأرضه وعرضه, وأستحضر ملايين العبر, من النهج المحمدي وتراثه العظيم, لرص الصفوف وإشاعة روح التسامح والتكاتف, وتفويت الفرصة على المغرضين, وأبواق التفرقة والتحريض.
طالب الحكومات وبإصرار, الحفاظ على الوطن وخدمة المواطن, حيث كان مدركاً لمعاناة الشعب وواقعه المرير, في ظل سياسة الفشل والفساد, من أشخاص لا يعيرون هماً سوى جمع المال, على حساب سمعتهم ووطنيتهم, فتجدهم لا يملكون الكرامة التي أصبحت عملة نادرة, لا وجود لها بين السراق.
أستمد قوته من قاعدته الجماهيرية الناطقة بالحق, والتي سبق وأتهمها المنافقون, بأنها مرجعية صامتة لا فائدة منها, وعلى مر التاريخ كانت هناك حوادث جمة ألمّت بالعراق, ولسنا مغالين أو واهمين إن قلنا, إنّ اكثرالجرائم التي يتعرض لها بلدنا, هي جرائم الإرهابين والبعثين والتكفيرين, مما تطلب من المرجع الأعلى التدخل, ومواجهة التحديات التي تحاول إرجاع العراق الى معادلة التفرقة, والطائفة والمذهب.
صوت نادى بالإعتدال, وجابه نظيره المتشدد, بالحكمة والموعظة الحسنة, فكلمته كانت الحل الوحيد, والفصل السديد للتعايش في عراق, أراده الأعداء والمتطرفون, مقطع الأوصال.
لم يتستر على أخطاء اية شخصية من أي جانب, بل نادى بالإصلاح والتغيير, وأن على السياسي غير المؤهل لخدمة البلاد, أن يتنحى عن منصبه, وينحني إعتذاراً للشعب, فدعواته كانت البلسم لجراح العراقيين النازفة, ونتائج فتواه لم تكن مقنعة, لمحبيه ومواليه فقط!, بل كانت فوق التوقعات, حين أستجابت لها جميع الطوائف, رغم المراهنات والمؤامرات على قتل الفتوى, وإعطائها صبغة الطائفية.