23 ديسمبر، 2024 7:46 ص

السيد عادل عبد المهدي وتحدي الوجوه القديمة وأصدقاء الأمس!

السيد عادل عبد المهدي وتحدي الوجوه القديمة وأصدقاء الأمس!

لا أدري كيف قبل السيد عادل عبد المهدي تكليفه بتشكيل الحكومة؟ لا سيما وأنه سبق أن قدم أستقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية، وكذلك أبتعد عن الواجهة السياسية، قرابة الخمس سنوات، حيث أنه أوحى وأشعر كل رفاقه السياسيين بعدم رغبته بقبول المناصب الوزارية والسيادية بعد أشتغاله بمنصب نائب رئيس الجمهورية، ووزيرا للنفط ، ووزيرا للمالية، فآثر متابعة المشهد السياسي والتعليق عليه من بعيد من خلال المقالات والتحليلات السياسية التي كان ينشرها في صحيفة العدالة التي يمتلكها ويشرف عليها!. أن مثار أستغرابي لكيفية قبوله بتشكيل الحكومة وذلك هو لصعوبة الملف العراقي المعقد منذ قرابة 15 عام! وبكل تفاصيله وخاصة المهمة منها السياسية والأقتصادية والأمنية، وقد سبق (للمهدي) أن شخص تلك الصعوبات وتعقيداتها بأكثر من مقال وتحليل وتغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي!. وفي حقيقة الأمر أرى وقد يتفق معي الكثيرين بأن قبول منصب رئيس الحكومة في العراق يعتبر من أكبر التحديات وأخطرها! وذلك لصعوبة المشهد العراقي محليا وكثرة وعمق التدخلات الأقليمية والدولية في شأنه، مما يعقد ويصعب العمل أمام رئيس الحكومة، وعليه فأن من يقبل بمنصب رئيس الحكومة في العراق أما أن يكون قادرا على ذلك التحدي بشجاعة وأقدام قولا وفعلا، أو لا يكون؟، كما أن السيد (المهدي) وهو أن أبتعد بعض الشيء عن صورة المشهد السياسي ألا أنه لم يكن بعيدا عن كل مجريات وأحداث الوضع السياسي العراقي الداخلي والخارجي،وهو يعرف الكثير من بواطن الأمور وأسرارها!، لكونه هو أصلا شخصية قيادية في المجلس الأعلى الأسلامي. المعروف عن المشهد السياسي العراقي أنه يعيد أجترار نفس قيادات الأحزاب ووجوهها السياسية منذ عام 2003 ولحد الآن تلك الوجوه التي كرهها الشعب ورفضها تماما، والمضحك في الأمر أن السياسيين يعرفون ويعترفون بذلك في أكثر من لقاء وحوار!، بسبب من فشلهم الذريع والكبير الذي أورث العراق جبال من الصعاب والأزمات التي لها أول وليس لها آخر!.وأن ظهرت في كل دورة برلمانية بعض الوجوه الجديدة، فهي على قدر أصابع اليد، ولم يشهد منها أي تأثير، بل هي سرعان ما خفت أقدامها ورقصت على طبول القيادات والوجوه السياسية القديمة وما يطلق عليهم تسمية ( الحرس القديم)!. المشكلة في أن هذه القيادات والوجوه السياسية التي ظهرت منذ عام 2003 رغم رفض الجماهير لها لفشلها السياسي وفسادها وسوء سمعتها عالميا؟!،حيث لم تكن على مستوى الطموح والأمل والمسؤولية ،بل فقدت كل أحترام وثقة الجماهير العراقية بها بكل مللها ونحلها وتنوع بيئاتها الأجتماعية والفكرية والدينية والقومية والمذهبية، وذلك لكونها أنشغلت بمصالحها السياسية والحزبية والشخصية والفئوية الضيقة، أضافة الى أنشغالها بالصراعات فيما بينها من أجل تلك المصالح وكذلك صراعها لأسباب طائفية وقومية، كما وتقع عليهم مسؤولية ما وصل أليه العراق من فساد تصدر به قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم منذ 2003 ولحد الآن، حيث لم تكتفي هذه الوجوه بكل الخراب والفساد الذي أورثته للعراق ، بل لازالت تتصارع للبقاء والظهور في المشهد السياسي بكل قوة وشراسة!؟. ومن المؤسف والمؤلم بنفس الوقت أن نسمع الرئيس الأمريكي (ترامب)، في أحد مؤتمراته الصحفية والأعلامية الأسبوعية وهو يقول بكل صلافة وصفاقة!: (علينا أن نأخذ نفط العراق!، فهو يمتلك ثاني أكبر أحتياطي في العالم، حيث يقدر موجوده ب (5/5) ترليون برميل!، مؤكدا أن العراق بلد لا يمتلك سيادة كما وأن حكامه فاسدون!!، والمؤلم أكثر أن تصريحه هذا قوبل بالتصفيق من قبل الحاضرين!).أن تصريح الرئيس الأمريكي (ترامب)، هذا ليس بجديد! فقد سبق أن صرح به لأكثر من مرة!، ولكن الغريب هو أننا لم نسمع من حكومتنا ولا من أي سياسي كان او من زعيم حزب أوعبر وزارة الخارجية العراقية أن تم الرد عليه بأي كلام! ، ولو من باب ذر الرماد في العيون!. فبعد كل هذا، نسأل دولة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة (المهدي): هل بأمكانه أن يتصدى لأصدقاء الأمس من الوجوه السياسية القديمة والذين توجد على الكثيرين منهم مؤشرات فساد كبيرة؟!، وهل يستطيع أن يتصدى للعشائر التي أستهترت كثيرا بعد أن أنفلت عقالها وباتت ترى نفسها أكبر من العراق، حيث فرضت أرادتها على واقع الحياة العراقية، وكيف سيكون ذلك التصدي؟، لاسيما وقد عرضت الفضائيات والكثير من مواقع التواصل الأجتماعي لقطات (للمهدي) وهويقف بين رجالات من العشائر يستمع منتشيا (للمهوال) وهو يكيل له المديح ويهوس له؟!!. وهل يستطيع التصدي للوضع الأمني المنفلت تماما، ويعيد فرض سلطة القانون وهيبة الدولة، من خلال تفعيل دور وزارة الداخلية وباقي الأجهزة الأمنية والتي يرى الكثير من العراقيين بأنها ليست على قدر المسؤولية في حفظ الأمني الداخلي للعراق. وهل يستطيع أعادة الهيبة والأحترام للقانون؟ بعد أن حجمته سلطة العشائر والمليشيات والعصابات ومافيات الجريمة المنظمة؟.وهل يستطيع أبراز أمكانياته في تحريك عجلة الأقتصاد العراقي المتعثرة بل والواقفة بأعتباره (رجل تكنوقراط أقتصادي)!؟. هذه أبرز وأهم الملفات التي تحتاج الى التصدي أليها بكل حزم وقوة ، أضافة الى ملفات أخرى كثيرة. لربما يرى الكثيرون بأن السيد (المهدي) لا يستطيع أن يغير من الواقع أي شيء!، لكون أن الملف العراقي واقع تحت تأثير الولايات المتحدة الأمريكية ودول الجوار والدول الأقليمية للعراق منذ عام 2003 ولحد الآن!. لذا صار من الصعب لدى عموم العراقيين تخيل مجيء رئيس حكومة يتسم بالشجاعة والنزاهة والقوة محبا للعراق يستطيع أن يتمرد على الواقع السياسي الشاذ للعراق والذي فرضته أمريكا وخططت له بالتعاون مع دول الجوار والدول الأقليمية للعراق؟!. ولكن ومع كل ذلك اليأس والأحباط لدى عموم العراقيين ألا أنني أرى بصيص أمل في شخص الدكتور (المهدي)!، وهو أنه من أكثر الشخصيات السياسية أيمانا وتأثرا بثورة الأمام الحسين عليه أفضل السلام وطالما ظهر في المناسبات الحسينية وفي عشرة عاشوراء وهو يلبس الدشداشة السوداء ( والعرقجين الأسود)، ويضع شال أخضر على رقبته!، كما ونشرت له صور أيضا وهو يشارك الرادود الحسيني والمواكب باللطم!، وكذلك يقوم بنفسه بتوزيع الطعام على الزوار!. وهنا يكمن بصيص الأمل ، حيث أن (المهدي) وعموم العراقيين بل العالم أجمع يعرفون بأن الأمام الحسين (ع) خرج من أجل الأصلاح لأمة جده الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، بعد أن أصابها التصدع. فهل أيمان السيد (المهدي) بثورة الأمام الحسين(ع) يمكن أن يدفعه الى القيام بثورة أصلاح عراقية كبيرة ويغير كل هذا الواقع المؤلم للعراق، ويقلب الطاولة على الجميع!، ويعيد أصلاح ما دمرته أمريكا ودول الجوار ودول الأقليم والطبقة السياسية غير المرغوب بها والتي حكمت العراق منذ غام 2003 ؟ أم سيكون حب الأمام الحسين(ع) وثورته والتغني بها شيء والسلطة والمال والجاه شيء آخر؟ هذا ما ستكشفه لنا الأيام القادمة والتي بالأكيد ستكون حبلى بالكثيرمن الأحداث والمواقف في ظل الظروف الملتهبة التي تمر بها المنطقة .