في تصريح له لوكالة الأناضول التركية , قال السيد باقر جبر الزبيدي رئيس كتلة المواطن التابعة للمجلس الاعلى الإسلامي الذي يتزّعمه السيد عمار الحكيم ( ستكون لنا لقاءات هذا الاسبوع مع القيادات الكردية لتشكيل الحكومة القادمة ) , وفي تصريح آخر تزامن مع تصريح السيد الزبيدي , قال النائب حسين عزيز عن تيّار الأحرار للمسلة ( إنّ التيّار سيبدأ بالمفاوضات لتشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية بعد مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات ) , وكأن حق تشكيل الحكومة والتفاوض على تسمية أعضائها , هو حق مباح للجميع , ربّما لا أحد ينظر لتصريح النائب حسين عزيز بذات الاهتمام الذي ينظر به لتصريح السيد باقر الزبيدي , كون السيد عزيز ليس من طبقة القيادات السياسية , ولهذا يهمنا أن نتعرّف على الخارطة الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومة ومن يمتلك حق التفاوض على تشكيل هذه الحكومة , فالمادة 76 من الدستور العراقي قد رسمت خارطة دستورية لتشكيل الحكومة , وهذه الخارطة تبدأ أولا بتكليف رئيس الجمهورية لمرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا , والخطوة الثانية بتوّلي رئيس الوزراء المكلّف بتسمية أعضاء وزارته , وعند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلّف بتشكيل الحكومة , يكلّف رئيس الجمهورية مرشحا جديدا لرئاسة مجلس الوزراء , فالخارطة الدستورية قد أعطت حق تشكيل الحكومة لمرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا حصرا , وهو الذي يملك حق التفاوض لتشكيل الحكومة وتسمية أعضاء وزارته .
ومن خلال هذا التوضيح للخارطة الدستورية التي رسمت طريق تشكيل الحكومة , يتّضح لنا أنّ كل من كتلتي الأحرار والمواطن غير معنيتين بالكتلة النيابية الأكثر عددا , لأنّ كتلة الأحرار قد حصلت على 34 مقعدا , وكتلة المواطن على 31 مقعدا , حتى لو اندمجتا في كيان سياسي واحد , إلا إذا استطاعتا أن تكوّنا كيانا سياسيا واحدا مع كتل سياسية أخرى , بحيث يصبح عدد امقاعد هذا الكيان السياسيى الجديد أكبر من مقاعد ائتلاف دولة القانون التي تجاوزت 115 مقعدا , ففي هذه الحالة يصبح لمرّشح هذه الكتلة الحق بتكليف رئيس الجمهورية لتشكيل مجلس الوزراء , وقد يكون مرشح هذا الكيان السياسي الجديد من الأحرار أو المواطن أو من باقي الكتل السياسية الأخرى المنضوية في هذا الكيان السياسي , ولكنّ هذا الأمر لم يحصل حتى هذه اللحظة , فلا زالت كتلة رئيس الوزراء نوري المالكي هي الكتلة النيابية الأكثر عددا بموجب الدستور حتى هذه اللحظة , ومرّشح هذه الكتلة السيد نوري المالكي هو من يمتلك حق التكلّيف بتشكيل الحكومة القادمة , وهو ايضا من يمتلك حق التفاوض مع الكتل السياسية الأخرى لتسمية اعضاء وزارته .
ولهذا اقول للسيد باقر الزبيدي أو للنائب حسين عزيز , إنّ تصريحاتكم حول تشكيل الحكومة القادمة لا تعدو أكثر من كونها ( لغو فارغ ) , فحين تتمكنون من تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا , يحق لكم في تلك الحالة الحديث عن هذه المفاوضات , بالمعنى الشعبي ( مو تحضرّون العطّابة كبل الفشخة ) , أمّا أن يصبح السيد باقر الزبيدي برمكيا ويهب رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان على مزاج ورغبة كتلته , فهذا أمر ليس من حقه ولا من حق كتلته , وربّ سائل يسأل السيد الزبيدي ويقول له ماذا تملكون من مقاعد لتقول إنّ ائتلاف المواطن لديه عدد من المرّشحين لرئاسة الوزراء ؟ أم أنّ السيد الزبيدي يعتقد أنّ ترشيحات محبيه على شبكات التواصل الاجتماعي تعطيه الحق بالتنافس على رئاسة الوزراء , كند للسيد المالكي الذي يمتلك ائتلافه فعلا أكثر من مئة مقعد ؟ .
أخيرا اقول للسيد باقر الزبيدي , إذا لم تحسنوا صناعة فن الممكن , فإنكم ستكونون الخاسر الأكبر , فأنتم لا زلتم بعيدين جدا عن المنافسة على رئاسة مجلس الوزراء , ونصيحتي الأخوية لكم في كتلة المواطن , ان تستثمروا حاجة نوري المالكي لشركاء لتشكيل حكومة أغلبية سياسية قوية , للفوز بعدد من المقاعد الوزارية في الحكومة القادمة , ولا ياخذنكم الغرور أبعد من هذا , فتخسرون كل شيئ كما حدث في الانتخابات السابقة , ورحم الله أمرء عرف قدر نفسه .