في الوقت الذي يسعى فيه السيد الكاظمي الى تحقيق مالم يحققه اي رئيس وزراء قبله , يقف البعض من رموز القوى السياسية التي المح اليها ولكن من دون ان يسميها في صراع معه , وهذا الصراع يذكرنا بمضمون صراع بطل رواية موبي ديك ” الكابتن أهاب ” الى حد بعيد في صراعه مع رموز الطبيعة المتمثل بالحوت الابيض .
إلا ان الكاظمي لم يختر كلمة صراع مع رموز القوى السياسية , بل ولم يكن فرديآ بالتصرف او رهين ذاتية مع تلك القوى كما هو حال البطل ” الكابتن أهاب ” , ولم يظهر اي صراع معها على السطح كأن يكون بأستعراض قواه الأمنية كما تفعل احزاب القوى المناوئة لحكوماتها في دول اخرى كالصومال وبورما واثيوبيا واليمن الجنوبية والسودان ودول افريقية اخرى كثيرة ,
لأنه يضطلع بمهام رئيس لمجلس وزراء ارقى بلد بالعالم من الناحية الحضارية وقيادة شرائح حية وضرورية من اطياف الشعب والقادة والسياسيين , أستلمها وهي بمثابة كوب القهوة العربية الملون وواقع العراق المتأزم بسبب ضياع قيم النزاهة والوطنية بين افراده , ولا يمكن تحقيق ذلك ثانية بشكل فردي وبالقوة وبهدف نقله الى صورة افضل ومن دون ان ينفصل عنه في يوم من الأيام ,
ولا توجد أية حرية في اجندة القائد الوطني الذي يطالب بالتغيير والتجديد في الاساليب وطرق التعبير عن الصراعات الداخلية والضغوطات التي يتعرض لها فريق ادارته السياسية , ليختر صراعآ فرديآ مع تلك الرموز التي تضع امامه العراقيل كما نوّه عن ذلك وأعتبرها شرآ مطلقآ , وعلى طريقة الكابتن أهاب الذي اعترت نفسه الفوضى من جراء تلك الحرية الفردية عندما رأى في حوته الشرّ المطلق وطاردة الى ان انتهى الى الإنكسار بسبب غروره وانانيته وتضحيته بالمبادي الإنسانية ,
لأنه لا يمتلك تلك الحرية في ذلك . والقائد الوطني يرى عراقيل القوى الداخلية برؤى وخيال جميع اعضاء ادارته التي لاتحمل في طياتها الشر وبلا استعراض للقوة العسكرية على حساب القيم الإنسانية لكي لا يتحطم ماحولها من منجزات كما يفعل الدكتاتور في الأنظمة المستبدة ,
وعزاء هذه الاطياف من الشعب ان ترى مثل هذا القائد متجسدآ بالكاظمي وهو يمسك بالكوب العراقي الملون بأطيافه من مقبضه في تجربة جديدة مع المضمون الواقعي العراقي بعد 2003 وتحت رياح الكاتيوشا التي تتجه بالبلاد الى مفهوم دولة قواعد الأمراء وقطب رحى الفتن المشابهة لما حدث في الاندلس الإسلامية سنة 414 هـ .
اما من ناحية تلك الرموز التي تضع العراقيل امامه , فليس امامها إلا ان تلجأ الى العقل ليجد لها الطريق الساطع وليس المظلم لتنطلق فيه الى تجربة انسانية تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار لأنه بيت الجميع بكل مؤسساته الاجتماعية والسياسية التي تؤمّن لهم البيئة الاصيلة الباعثة على إقرار العدالة واستتباب الأمن بعيدا عن المعاناة والمطاردة والتبعية التي وقع في اشراكها المزيفون بالمباديء واللاهثون وراء المكاسب المادية الفردية الذين يحاولون ان يلبسوا الواقع العراقي ثيابا ليست له ,
ولا عاصم للجميع دون الوطن , ولينظروا الى عين الله ودموع الثكالى والإيتام والدماء التي سالت والشفاه التي اهتزت بالبكاء فوق تراب القبور الجماعية والرمزية الفارغة من الجنوب الى الشمال وليتضرعوا اليه بحب وشغف ان يفك قيوده ويعيد له وجهه الأخضر البهي الذي افترشته امريكا والقوى الغادرة للنهب والسلب واحرقت آثاره المجيدة وسرقة ثرواته ,
وجردوه من ثياب امجاده التأريخية بحجة السخط على النظام البائد وراح ضحية ذلك السخط الممنهج الوطن والشعب , والبسوه الثياب السياسية المستعارة وعلى رأسها الديمقراطية ذات الأنتخابات والدلالات المنهجية والبديهيات السياسية الجاهزة التي تفشل اي مسار للتطور والتنمية الاجتماعية بل وتزيد في إفساد الشعب لإنجاب المارقين والسفلة ,
فضلآ عن لوي اعناق الحقائق التأريخية بشكل متعمد لإعداد الوطن بالنهاية الى التطبيع مع العدو الصهيوني لينضم الى الترتيب الجديد وهو الهدف الرئيسي الذي تسعى اليه امريكا ,
وإلا لماذا هذه الحياة الصاخبة والواقع غير المستقر والاقتصاد المنهار والثروات المسروقة وتعب الشعب وجوعه وبطالة ابنائه الشباب وضياع مستقبل الكفاءات العلمية وكثرة القبور وعربات الفلافل والشاي والتوك توك وامتلاء الساحات بالمتظاهرين واطفال اعمدة المرور الضوئية وطوابير العمال الجالسين على الارصفة وهم يستجدون العمل وانتشار الأمراض والمخدرات وموائد القمار ؟
فأي سبب أمرّ من هذه الأسباب التي تدفع بالمواطن الى إقترف المعاصي ؟!
وأيُّ سبب أمرُّ منها وهي تدفع الوطن بالنهاية وفي خضم الصراعات التي يقف لها الأعداء مهلهلين , الى الإنضمام الى اقذر طابور في الكون وهو طابور التطبيع مع خنازير الدنيا والآخرة ؟!
ومنّ هو المجنون بيننا لنضج بالضحك عليه ؟! ومن منا لايضع بيد أيِّ رئيس للوزراء وبخياره مقبض كوب القهوة العربية الملون بأطياف الشعب العراقي ويعزز احساسه معه بالوحدة من دون مساومة وهو يراه بهذه السياسة المتحالفة مع الشعب , البعيدة عن منطق القوة والفردانية والطائفية والمحذرة من عواقب الفتنة ؟!