اولاً يتوجب القول كحقيقة سياسية انكم انسحبتم من البرلماان لكنكم الغائب الحاضر بقوة في العملية السياسية، فالاطار عين على تشكيل الحكومة وعين عليكم بما يمكن ان تفعلوه بتغريدة او ” كصكوصة ” كما تقول على مستوى ماهو متوقع من اشتغالكم السياسي ومايشكّل مفاجاة لنا جميعاً فقد عودتنا على مفاجآت من طراز خاص خارج تقليدية العمل السياسي وهو مايربك خصومك في الاطار وماقبل الاطار .
واود القول اني اختلف معك في متبنيات سياسية وفكرية كثيرة واتفق معك في توجهاتك الوطنية الخالصة البعيدة عن التبعية لاي جهة ،وانك بسبب مواقفك الوطنية محارب من قوى تستهويها أجندات الخارج وان كانت تتقاطع مع مصالح واجندات الداخل !.
واسمح لي كمواطن عراقي ان اختلف معك في ميررات انسحابكم من مجلس النواب فتركت الساحة لخصوم تربصوا بك فاهديتهم ماكانوا لايتوقعونه في مفاجأة من العيار الثقيل ربما تكون فريدة من نوعها في تاريخ الديمقراطيات العالمية .
حاولت ان اتفهم مبررات الانسحاب في تغريدة وزير كم السيد صالح محمد العراقي ، لكّن وربما لقصور عقليتي السياسية وجدتها مبررات للبقاء والكفاح من اجلها اكثر مما هي مبررات مقنعة للانسحاب ، الانسحاب الذي ترك ظهور حلفائك ،من السيادة والديمقراطي الكردستاني وبعض من الشارع غير الصدري، مكشوفة أمام خصوم تفوقت عليهم في الانتخابات وشكّلت الكتلة البرلمانية الاكبر على قاعدة الاغلبية السياسية .
واستطعت مع حلفائك من الاستحواذ على رئاسة اللجان النيابية وتمرير قانوني الامن الغذائي وتجريم التطبيع ، وكان بامكانكم السير في هذا الطريق وتحقيق الكثير من الاصلاحات على مستويي تعديل القوانين وتشريع غيرها ، باستخدام قوتك النيابية مع الحلفاء والتلويح بالشارع كورقتين قويتين لايملكها خصومك ، وكانت قوتهم منزوية في الثلث المعطل الذي كان بامكانكم تعطيله بلعبة من ألاعيب التحالف المفتوحة على كل الاحتمالات التي كانت تصب نتائجها لصالحكم بتقدير وتحليل خبراء الشأن العراقي حتى من خارج الحدود في الصحافة العالمية .
سماحة السيد مقتدى ..تقول تغريدة الوزير في اول مسببات الانسحاب هو الخوف من اشتراك الفاسدين والمفسدين في حكومة تشكلها انت ، فما هي النتيجة ؟ النتيجة ان الفاسدين في المشهد الحالي سيستحوذون على الجمل بما حمل .
فيا حمّل السبب الثاني موقف المستقلين ، ولا ارى فيه سببا ينتج عنه قرار سياسي تأريخي من جنابكم ، فيما كان السبب الثالث هو اصرار الخصوم على التوافق ، وهو اصرار معروف ومعلن وصراع بين مشروعكم الاصلاحي ومشروعهم الذي يكّرس واقع الحال الكارثي ، فكان من نتائج الانسحاب تكريس مشروعهم حتى الآن.
اما عدم مناصرة الطبقات الواعية كالاعلاميين والمحللين السياسيين ، فاعتقد ان فيه شيء من التجني ، فالاقلام والاصوات التي ساندت مشروع الاغلبية لم تكن قليلة وانا واحد من الاقلام التي دافعت عن المشروع دون النظر اليه ان كان صدرياً ام لا ، واختلاف المواقف هو الآخر امر طبيعي في عالمي السياسة والاعلام فالاختلاف مصدر قوة وليس ضعفاً .
اما تسلط المنتفعين والمنشقين والدنيويين من التيار ، فالامر كان مناطاً بكم بتنظيف وتنقية التيار منهم ، ولم يكن المنشقين في موضع التأثير الكبير .
واشد المخاوف لديكم ، وهي نفس مخاوف الحريصين على العراق وشعبه ، من اقتتال شيعي ـ شيعي ، فاعتقد ان احتمال حدوثه كان ضئيلاً بوجود مصدات داخلية ودولية وحتى اقليمية تمنع اندلاعه ، لانه صراع كان سيغرق الجميع دون استثناء ويفتح ابواب الجحيم على المنطقة برمتها وهذا غير مسموح به .
من الطبيعي سماحة السيد الصدر ان تصطدم حكومة الاغلبية بالفساد ، فالدولة حقيقة دولة فساد والمنطق هو التصدي له وليس تركها بيد الفاسدين انفسهم .
دعني اقول لجنابكم ..ان رؤيتكم للواقع السياسي نابعة من وجودكم في عمق الصراع وآلياته وسط غابة من البنادق ، وربما انتم الاكثر دقة في تحديد ماهو مطلوب لتحقيق اهدافكم بجمهوركم الفقير العريض ، فيما تنبع رؤيتي من موقع المراقب الذي يرى بعض الاحيان سطح الامور وتغيب عنه رؤية ماخلف الستار ، فتكون رؤيته قاصرة وتحليله ناقصاً ..
مازالت بيدكم ورقة الشارع لو اجدتم استخدامها بالتنسيق مع شارع الاغلبية التي رفضت هذا الوجود السياسي الفاسد المتحكم في البلاد والعباد ، فان اللوحة السياسية القادمة ستكون قراءتها مختلفة جوهريا ، الا اذا اتحفتنا بمفاجأة من عيار مختلف تجعلنا نقرأ المشهد بصورة مختلفة ..
مع محبتي وتقديري وامنياتي بان تكون قوى الخير قادرة على انتشال هذه البلاد من المستنقع الذي تخوض فيه ..