“شعرنا بالخجل ونحن نرى علم الحشد يُرفع على مقر الديمقراطي الكوردستاني في بغداد” …..
وصف ممزوج برومانسية لافتة عبر عنه السيد فالح الفياض اثناء حديثه عن حرق مقر الديمقراطي الكوردستاني في بغداد ورفع علم الحشد الشعبي فوقه بدلا من علم كوردستان بعد حرقه . ورغم ان السياسة تخلو من الرومانسيات فان هكذا ٧تصريحات تكشف احيانا الجانب الاخر “الانساني” عند الساسة .
ورغم مرور اكثر من اسبوع على حرق مقر الديمقراطي الكوردستاني وانزال علم كوردستان من عليه وحرقه , فان نتائج التحقيقات لم تُعلن لغاية الان , ولا زالت الايادي الاثيمة التي ارتكبت هذا الجرم في منأى عن اية عقوبة . وان كانت جرائم قتل النشطاء والمتظاهرين ، وقصف البعثات الدبلوماسية ترتكب خلسة من قبل ملثمين او مجهولين , فان الهجوم على المقر جرى في وضح النهار بحضور فضائيات وكاميرات سجلت العملية من زوايا مختلفة , توضح وجوه وهويات مرتكبي الجريمة , وتحت انظار قوات مكافحة الشغب التي كان قسم منها تراقب ما يجري بهدوء وسكينة , والقسم الاخر منشغل بتصويره وكأنه يُصور حفلة غنائية . لذلك فمن الغريب عدم الاعلان عن نتائج التحقيق رغم صدور قائمة باسماء قيل انهم متورطين في الهجوم .
ورغم اعتراف بعض قادات الحشد الشعبي بان الشارع المؤيد للحشد هو من قام بهذه الجريمة , فان السيد فالح الفياض نفى نفيا قاطعا اية علاقة للحشد بها او تبنيه لها . وهنا تضاف جريمة اخرى الى جريمتي الهجوم على المقر وحرقه وحرق علم كوردستان , وهي رفع المجموعة المهاجمة لعلم الحشد في محاولة منها لاظهار ان الحشد يتبنى
هذه الغوغائية , والحشد براء منها ” على حسب ما صرح به قاداته ”
لا نريد هنا ان نقول بان السيد الفياض ورفاقه في الحشد يمارسون التقية السياسية , فالرجل يتمتع بعلاقات جيدة مع كوردستان , وايضا لا نريد القول بان السيد الخجول ضعيف لا يسيطر على الهيئة التي يتراسها , فهو سياسي محنك وله علاقاته الواسعة والمؤثرة داخليا وخارجيا … كذلك لا نستطيع تكئيب المشاعر ” الجياشة ” وشعوره بالخجل مما جرى , خاصة وان بينه وبين الساسة الكورد سنوات نضال طويلة سواء قبل الالفين وثلاث او بعدها , لكن من حق المواطن الكوردستاني ان يتسائل الاسئلة التالية :.-
1- كيف يمكن تسجيل جريمة ضد مجهول ومرتكبوه مكشوفي الوجه ومعروفي الهوية ؟
2- ما معنى تزامن جريمة حرق المقر مع جريمة قصف اربيل التي وقعت قبلها بايام , وفشل الحكومة العراقية وقواتها الامنية من كشف مرتكبي الجريمتين بشكل رسمي لغاية الان ؟
3- هل هي محض صدفة ان دوائر الشك والاتهام في الجريمتين تدور حول فصائل مسلحة ؟
4- وان كان الحشد قد نفى تورط فصائله في الجريمتين , لماذا لا يتم الكشف عن الفاعلين الحقيقيين ومن يقف ورائهم ” الذين لا ينتمون للحشد” كما يُقال ؟
5- ما يزيد من حبكة السيناريو ان هناك موقع الكتروني مقرب من الفصائل المسلحة المنفلتة باسم ( موقع صابرين ) كان يهدد بالهجوم على مقر الديمقراطي الكوردستاني قبلها بثلاثة ايام , وكانت البيانات المنشورة عليه مذيلة باسم فصيل ( ربع الله) , وتشير بوضوح الى نيتهم حرق المقر , فكيف لم تتمكن الجهات الامنية العراقية واجهزة استخبارات مليشيات الحشد من منع وقوع تلك الجريمة , مع ان الغوغاء قد تحشدوا في نفس اليوم ونفس الساعة التي حددهما لهم موقع صابرين و”ربع الله” ؟
…. ان هذه الاحداث والصدف والمبررات والتداول السياسي والامني معها لايمكن مشاهدتها الا في الافلام الهندية .
اذا قبلنا جدلا بعدم وقوف الفصائل المسلحة وراء كل هذه الجرائم , سواء حرق مقر الديمقراطي وقصف مدينة اربيل , او قتل النشطاء والمتظاهرين , او قصف مقار البعثات الدبلوماسية , فلن يبقى امامنا سوى احتمالية واحدة وهي ان تكون الفصائل المنفلتة التابعة للجن الذين قتلوا ” سعد بن عبادة ” قبل الف واربعمئة سنة هي من تقف وراء كل هذه الجرائم , فحيثيات الجرائم هذه تشبه الى حد كبير حيثيات تلك الجريمة التاريخية ، ومن المحتمل ان يكون الفاعل واحدا ، فالجن دائما يقفون وراء الجرائم التي يُتهم بها الاسلاميون. عندئذ يمكن تبرير فشل القوات الامنية والحكومة العراقية في القبض على الطرف الثالث والفصائل المنفلتة , وسنشعر بنفس الخجل الذي شعر به السيد فالح الفياض في اننا فكرنا للحظة ان الفصائل المسلحة هي المتهمة بهذه الجرائم وهي برئية منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب.