19 ديسمبر، 2024 2:01 ص

السيد أُسامة النجيفي وعبارة “لا تروحون زائد”!

السيد أُسامة النجيفي وعبارة “لا تروحون زائد”!

في حفل الأستقبال الذي أُقيم على شرف السيد أُسامة النجيفي أثناء زيارته الأخيرة الى العاصمة الأميركية واشنطن قبل أكثر من أسبوع ، وعندما طلب منه السيد مظلوم مروكي ممثل المجلس الشعبي ( الكلداني السرياني الآشوري ) تقديم الشكر للحكومة العراقية ورئاسة مجلس الوزراء على إقرارهم مبدئياً تشكيل محافظة في سهل نينوى على أساس جغرافي، جاء رد السيد النجيفي بالرفض، مدعياً بأنهم لا يؤيدون تشكيل محافظة في سهل نينوى ولا يريدون تفتيت الموصل الى أقسام، ثم أضاف “ولا تروحون زائد”.
حقيقة أستوقفتني هذه العبارة بالأخص عندما تكون قد بدرت من شخص يجلس على رأس هرم السلطة التشريعية في العراق، فبالإضافة الى مشروعية الدعوة لتأسيس محافظة في سهل نينوى من الناحية الدستورية إسوة بباقي المحافظات المُعلن تشكيلها ( بالرغم مما يشوب الدستور العراقي من تهميش متعمد بحق الشعب الآشوري تاريخاً وحاضراً )، لكن السيد أُسامة النجيفي وشقيقه السيد أثيل النجيفي محافظ نينوى يقفون بالضد من هذا المشروع بحجة الخوف من تقسيم محافظة نينوى وأستقطاع أراضيها، نحن هنا لا نلغي حرية السيدين أُسامة النجيفي وأثيل النجيفي في إبداء رأيهم وإعلان موقفهم من المشروع ودورهم المهم في هذه المسالة، بقدر ما نحاول مناقشة هذا الموضوع بشكل عقلاني ومنطقي والوقوف على معطيات الواقع وجانبـه القـانـوني، ولـكن أسلوب رد السيد أًسامة النجيفي الذي تخللته عبـارة “لا تروحون زائد” على الطلب المذكور للسيد مظلوم مروكي يجعلنا نصاب بخيبة أمل كبيرة أزاء مواقفه هو وبعض الساسة الذين يشاطرونه هذا الرأي، نتسائل من كان يقصد بعبارته هذه التي تذهب أبعد من أعتبارها صيغة أمر لتصل الى درجة الكشر عن الأنياب، هل كانت موجهة الى شخص السيد مظلوم مروكي؟ أم الى تنظيماتنا السياسية ؟ أو الى الشعب الآشوري المسيحي في العراق؟ ولكن كونها أتت بصيغة الجمع فإن المعني بها هم إما تنظيماتنا السياسية أو الشعب الآشوري، وفي كلتا الحالتين فهي لا ترتقي الى أسلوب المخاطبة الدارج والحوار المتمدن،  وتعتبر بحد ذاتها عبارة أستفزازية تُقزم المقابل وتُقلل من أهميته وتلغي دوره ووجوده، كان على السيد أُسامة النجيفي تجنب هكذا أسلوب متشنج خاصة وهو يشغل منصب رئيس مجلس النواب العراقي ( السلطة التشريعية في البلاد ).
وفي سياق هذا الموضوع وما يشوبه من مواقف متباينة تتراوح بين القبول والرفض وألحيادية، كان لابدّ لنا أن نتطرق الى ما تعرض له شعبنا الآشوري المسيحي في مركز محافظة نينوى والأقضية والبلدات التابعة لها طوال السنوات العشرة الماضية، فقد تعرض أبناء شعبنا في مركز المحافظة الى أستهداف مباشر ومبرمج من حيث القتل على الهوية والتهجير القسري لم يسلم منه حتى رجال الدين أمثال الشهيد المطران فرج رحو مطران نينوى لكنيسة بابل على الكلدان والأب الشهيد رغيد كني ورفاقه الشمامسة وغيرهم المئات من شهدائنا وآلاف العوائل المهجرة التي أضطر قسم منهم للعيش في المقابر لشهور في المدن الشمالية هرباً من العصابات الأجرامية التي أستهدفتهم بشكل مباشر وتستهدفهم لحد يومنا هذا، حيث سقط  شهيد آخر قبل ايام في نينوى لرفضه صناعة كواتم الصوت!، كل هذه الفضائع وقعت وتقع أمام مرأى ومسمع الساسة في العراق.
من جهة أُخرى فلم تسلم بغديدا وبرطلا وتلكيف وغيرها من بلداتنا في هذه المنطقة من التغيير الديموغرافي والأستيلاء على أراضيها من قبل الدخلاء عليها.
وهنا لابُدّ لنا أن نوجه بعض الأسئلة الى السيدين أُسامة النجيفي وأثيل النجيفي المحترمين:
1-  ماذا كانت الإجراءات الفعلية التي أتخذتموها على الأرض لردع والحد من تلك الهجمات الإجرامية المستمرة لحد يومنا هذا؟
2-  اين هي الملفات الخاصة بهذا الشأن؟ 
3- متى ستُعلن نتائج التحقيقات حول الأغتيالات وعمليات التهجير القسري التي تعرض لها المسيحيين في الموصل؟
4- ما هي الخطوات الجدية التي تنوون القيام بها من أجل الحفاظ على جغرافية وديموغرافية بلداتنا المذكورة أعلاه، وحماية أهاليها من التهديدات المستمرة ؟
5- ما هي برامجكم بخصوص الدعم المادي والإداري ومشاريعكم لتوفير فرص العمل لإبناء هذه المنطقة لرفع مستوى المعيشة فيها ؟
أليست هذه الأمور البديهية مسؤولية تقع على عاتق السيد رئيس مجلس النواب ومسؤولية مباشرة للسيد محافظ نينوى؟
بالتأكيد هي كذلك، ولكننا اليوم فقدنا الأمل وغابت الثقة بالمسؤولين الحكوميين وفي مقدمتهم السيدين أُسامة النجيفي وأثيل النجيفي، ونشك في دعواتهم الخجولة وخطاباتهم المستهلكة التي لم تقلل من معاناتنا المستمرة، فكم من الزائد برأيكم ذهبنا سيادة رئيس مجلس النواب ؟. إذا كان مطلب تشكيل محافظة في سهل نينوى بصيغته المطروحة يعتبر تفتيت لمحافظة نينوى بحسب رأيكم، فماذا تسمي دعوة السيد أثيل النجيفي المفاجئة في إقامة أقليم نينوى ؟ بحسب رؤيتكم فهذه أيضاً تعتبر محاولة لسلخ نينوى عن العراق، أم أن معاييركم تختلف بحسب مصادر المقترحات والدعوات؟. أُذكركم بأن للآشوريين الدور الأكبر في إنهاء وصاية تركيا على ولاية الموصل وضمها الى العراق في بداية القرن المنصرم وقدموا الشهداء والتضحيات من أجل ذلك، فلا داعي لهاجس الخوف الذي ينتابكم من أستقطاع سهلها عن مركز نينوى، أو أستقلاله من العراق. 
ما تعرض له شعبنا الآشوري المسيحي في السنوات القليلة الماضية في العراق وضع مصداقية المسؤولين العراقيين وتياراتهم السياسية على المحك، وبعضها في دائرة الأتهام. كان الأجدر بهم أيلاء أهمية قصوى وإعطاء خصوصية لشعبنا من خلال وضع وتشريع قوانين خاصة به وتطبيقها بشكل كامل على الأرض، كوننا تعرضنا الى مذبحة لا تقل خطورة عن مذبحة سميل، أدت الى هجرة أكثر من نصف شعبنا من العراق بعد تغيير النظام عام 2003، وأنتم كنتم تمثلون السلطة في البلد خلال هذه الفترة. ومن جهة أُخرى فإننا نوجه أصابع الأتهام الى قياداتنا القومية السياسية في العراق، التي تدعي تمثيلنا، كونها مقصرة بشكل كبير في هذا الشأن وأدائها كان في أدنى مستوياته في مجال تثبيت خصوصيتنا القومية في مراكز القرار، واليوم يعتبر مطلب المحافظة الذي يدعون النضال من أجله ويعتبرونه أنجاز قومي ذو طابع أشمل من أعتباره حق قومي وليس كما يسوقون له لأغراض أنتخابية، فهو مطروح بشكل مبعثر بحيث  فيه لشعبنا مثلما لبقية المكونات المجاورة في هذه الرقعة الجغرافية في الوقت الذي تساهم تلك المكونات في ترسيخ عملية التغيير الجغرافي والسيطرة على أراضي مدننا في سهل نينوى، ولم يعلن لحد الآن الحدود الجغرافية للمحافظة المزعوم إقامتها في سهل نينوى، مما يساورنا القلق  ويجعلنا نشعر بأن هذه المحافظة أشبه ما تكون بإعلان تشكيل محافظة دهوك في عام 1969 التي كان الآشوريون يمثلون الغالبية في مركزها حينها، ولكن بعد إعلانها محافظة وخلال فترة زمنية قصيرة أصبحنا أقلية فيها، عسى أن لا يتكرر ذلك في سهل نينوى، خاصة إن هذا المطلب لا يوجد لنا فيه خصوصية تذكر.

أحدث المقالات

أحدث المقالات