الكذب هو العمود الفقري لما نسميه ” السياسة” , فلا يوجد سياسي لا يكذب , ولا حزب لم يمارس الكذب , فلكي تجلس على كرسي التسلط على مصير الآخرين عليك أن تجيد مهارات الكذب.
والعلة في الأمر أن البشر يميل للكذب ويتبع الكذابين المخادعين ولا يريد الصادقين.
وهذه عاهة سلوكية مستوطنة في المسيرة البشرية منذ الأزل , وبموجبها إنطلقت الروايات والأساطير والحكايات , المترعة بالأكاذيب والخيالات المتصورة التي لا تتصل بالواقع , لكن البشر يلهث وراءها ويذعن لها , ويأنس بما تمنحه من مشاعر وأحاسيس.
ولا يمكن لصادقٍ أن يقود الناس , لأن الصدق ثقيل مرير ويكلف كثيرا , وفيه مسؤولية كبيرة , بينما الكذب يمكن التفاعل معه بأكاذيب متوالدة , تساهم في بث مشاعر القدرة على الإنجاز والتأثير.
ولهذا فالسياسي الناجح عليه أن يخبر مهارات وفنون الكذب , والضحك على الناس المغفلين السكارى بما يسمعون.
وهكذا تجد الدجالين في نعيم وإستحواذ على حقوق الآخرين , وهم لا يشعرون , فيسارعون لتصديق الأكاذيب والأضاليل , لأنها عسلية الطعم لذيذة المذاق , وتشعرهم بالسعادة والإنتماء والإنضمام إلى سوء المآل.
ومن الواضح أن معظم الساسة المتنفذين كذابين مهرة , ويعرفون كيف يخاطبون أعماق النفوس بالأكاذيب اللازمة لتعزيزها , وبث المشاعر المطلوبة , وبناء البشر المبتلى بهم , فيحركونه وفقا لمشيئتهم.
إنها معضلة سلوكية محيرة , جعلت الصادقين مقهورين ومنبوذين , وفي معاناة قاسية ومصائر شديدة , بينما الكذابون يسعون في الأرض مرحا , وينالون من الدنيا المغانم والمكارم.
فكن كاذبا لتدوم , فالصادق مذموم!!