ماري أنطوانيت ، ملكة فرنسا النمساوية الأصل ، وزوجة ملك فرنسا في منتصف القرن السادس عشر ، كانت قليلة التعليم ، ومتهورة جدا ، منغمسة للغاية في الملذات وتبديد الأموال ، ومولعة بالحفلات والسباقات والتمثيليات المسرحية ، وكانت السبب في إنتشار البذخ والفساد والرشى داخل البلاط ، وقد أتّهِمَت بالتجسس لصالح بلدها الأم (النمسا) ، كل ذلك والدولة الفرنسية كانت تمر بأزمة مالية خانقة ، فقد انتشر الفقر والجوع بشك لا مثيل له في فرنسا ، لكنها لم تكن تعير أي إهتمام لما آل إليه وضع الجماهير المزري ، لذلك كانت مكروهة جدا من عامة الشعب ، بسبب الفارق الهائل بين داخل أسوار (قصر فرساي) وخارجه ، بشكل أدى إلى إندلاع الثورة الفرنسية عام 1789 .
تُنقل عنها عبارتها عندما سَألت عن سبب حصار الجماهير الجائعة لقصر فرساي ، وعندما قيل لها إنهم بحاجة للخبز قالت (ولماذا لا يأكلون الكعك ؟) ! ، وحقيقة لم أستطع التأكّد من صحة قول هذه المرأة ، لكنه غير مفاجئ ، ويتناسب تماما مع “عقلية” تلك المرأة بكل ما بها من خيانة وإنعدام المسؤولية والإثراء بكافة أشكاله ، وبعدها الشديد عن واقع المحكومين ، وقد أدّت تلك العقلية إلى أن يسقط صاحبه (رأسها) في سلّة تحت المقصلة .
سقت هذه المقدّمة بعد أنتباهي إلى الشبه الشديد بين السياسي العراقي وماري أنطوانيت ، فكلاهما عميل وثري بشكل غير مشروع ، كلاهما يمتلك أكثر من جنسية ، كلاهما منغمس في الملذات وكرّس الفقر وإستفاد من التناحر ، كلاهما فاسد وراشٍ ، كلاهما أحاط نفسه بأسوار عالية لا يسمعون من خلاله أنين الفقراء ومعاناة البشر ، هذه على الأقل تسكن في قصر باريسي واحد هو قصر فرساي ، لكن سياسيونا ملأوا بغداد والمحافظات بقصور عديدة ، فأغلقوا الشوارع ووضعوا الحمايات ، فقطّعوا أوصال مدننا .
إن تحدّث أحدهم ، يتفوّه بعبارات مثيرة للسخرية ، عن النضال والغربة وغير ذلك من الهراء ، لكن لا يستطيع كتم تفاهته وكذبه فتراه يتفلّتُ منه أثناء الحديث ، يحملون عقليات أن للنضال ثمن مالي يجب قبضه بصورة مشروعة أو غير مشروعة ! ، ربما لهم الحق في ذلك ، وإن كان إثرائهم كله ناتج عن فساد غير معقول وبالدليل ، لكن ألا يشعرون بمعاناة العراقي ووضع البلد المزري ، وأحدهم يلبس ساعة ثمنها 13 الف دولار ويقول يكل صفاقة “هذا ثمن النضال” ! ، أو يلبس “قندرة” سعرها يقارب الأف دولار ؟! ، وما خُفي أعظم بكثير ، ألا يأخذون درسا من التاريخ وهم يعلمون أنهم لا يشكلون سوى نكات يومية ومسخرة في الإعلام والرأي العام ومواقع التواصل الإجتماعي ؟ ، ألا يرون مآل الطغاة ؟، فأين ماري ، وأين صدام ؟..