18 ديسمبر، 2024 6:59 م

السياسي أمن الحساب فزاد في الفساد !!!

السياسي أمن الحساب فزاد في الفساد !!!

الشعور بالتردد في كتابة مقال صحفي يكون طبيعيا عندما يشعر الصحفي ان الكتابة رغم ما يتوفر لها من موضوع محفز وسبب مستفز ،تكون الكتابة بمختلف اصنافها وعناوينها وادواتها لايمكن ان تستوعب ما يحدث على الساحة العراقية ، خصوصا عندما تنتفض الارادة الشعبية ضد الفساد والمطالبة بابسط الحقوق التي يتمتع بها اي مواطن على ارض المعمورة ، فرص العمل وتقديم الخدمات الاساسية كهرباء وماء ، اقصد الكتابة عن الفساد ظلت عاجزة سابقاً واليوم والمستقبل ، تستمرهكذا تحمل وهماً مركباً ، حيث لاتستطيع تجسيد حقيقة ارادة الناس وعوزها وحاجاتها وترجمة اسبابها بضدق دون وجل أو ان تؤثر بتلك الاسباب والمسببين ، لان قناعتي ان الفاسد اصبح كـ (الذئب يستطيع ان يغير جلده ولكن لايغير طبعه).
اضافة لدواعي ذلك الشعور، ان دوامة الفساد الهوجاء التي عصفت في مفاصل الدولة ومؤسساتها طوال السنوات الماضية ويعرفها القاصي والداني( وعلى عينك يا تاجر) ، لازالت بعنفوانها دون هداوة ، بل زادت وتيرتها حتى ازكمت الانوف واصبح (الفساد عم البلاد….وخالها ) ، وارتدى كل الجلابيب في قواميس مفردات الفساد ، تزعم على كل شيء كأنه قدراً مقدراً لاينفك مع أنفاسنا ،ولم نرى تحقيقات مصحوبة بمحاكمات علنية في ملفات فساد بمبالغ فلكية ، واصبح الفساد السياسي شيء طبيعي وممارسة اعتيادية كالرشوة والابتزاز والمحسوبية والاختلاس وممارسة النفوذ، مع الفساد المالي وهدر المليارات على سبيل المثال لا الحصر ، فقط ما صرف على عقود الكهرباء يزيد عن(40 مليار دولار امريكي) ،للعلم الفساد في العراق احتل ولازال المراتب الاولى للدول الاكثر فساداً في العالم من بين 180 دولة وفق ما اصدرته منظمة الشفافية الدولية في 21 شباط 2018 عن مؤشر مدركات الفساد ..
لذلك ليس هناك حاجة لىتسليط الضوء لان( المُعرِف لايُعرف) ، لان الوضع لم يتغير او لدينا امل في التغيير ، رغم الالاف المقالات والتحقيقات والتقارير الصحفية الاستقصائية المنشورة طوال السنوات الماضية مع برامج تلفزيونية بعنواينها المختلفة في كشف ملفات الفساد الضخمة في مؤسسات الدولة بالحكومات المتعاقبة ،بالاضافة لتقارير هيئة النزاهة السنوية عن حجم الفساد وعدد المسوؤلين بمناصب عليا المتهمين بها و(ماخفي كان اعظم) ، حيث ظلت الساحة الاعلامية ميدان حرب ملفات الفساد بين السياسين واصبحت كلمة الفساد مشتركة في التلاسن والخصومة السياسية ، ولكن جواب عن السؤال حول النتيجة والفائدة من كل ذلك لم تكن الا العدم ، حيث ملفات الفساد لاتستخدم الا اوراق للتسقيط السياسي في فترة التي تسبق الانتخابات ، وبعدها تعود حليمة لعادتها القديمة و(السياسي الذي امن العقاب فزاد في الفساد) .
لكن العجب ان الصمت الشعبي المستمر عن جرائم الفساد وملفاته بالاموال الفلكية ، يضع تساؤلات كثيرة لان المجابه لم تكن الا بمحاولات خجولة بتظاهرات متفرقة محسومة نهايتها بالتمييع ووعود السياسيين التي تذهب مع ادراج الرياح ، ربما لا ادري نحن مؤمنين بان( هناك كلام لا يقول شيء ،وهناك صمت يقول كل شيء )، رغم رفعت الستائر عن ما خفي وراء كواليس من الاتفاقات السياسية وأنكشف مايُدار خلفها وسقوط ورقة التوت عن فضائح النخب السياسية و خطاباتها التضليلية خصوصا بعدما اصبح وضوحها كالشمس في عز الضحى باستيلائها على اموال الشعب وصرفها للمصالح الشخصية الضيقة . اليوم تعاد محاولة اخرى من الشعب بالمظاهرات التي عمت العديد من المحافظات ،المتظاهرون رفعوا شعارات بمطالبهم المشروعة واصواتهم بلغة صريحة وواضحة تعبر عن ارادة شعبية لتضع الحكومة على المحك ، ولامناص من الاستماع اليهم باذآن صاغية واتخاذ الاجراءات العاجلة لاحداث تغيير حقيقي في الاداء لانجاز و تلبية المطالب والابتعاد عن ممارسة سياسة المماطلة والتمييع والوعود الترقيعية الوقتية ، نعرف ان(من وعدك بكل شيء ، لم يعدك بشيء) ، لذا لايمكن ان تكون الوعود لمعالجة المشاكل وتحقيق المطالب دون سقف زمني للانجاز بعد تخطيط ودراسة مستوفية للعراقيل والمعوقات ومصارحة الشعب بذلك ، والحذر من استغلالها من المتربصين والمتصيدين في ماء العكر وممارسة خلط الاوراق وتفويت الفرصة عليهم ، لان( التسويف فن اللحاق بالامس) كما يُقال ، الابتعاد عن ادمان التصريحات الوهمية والتضليلية التي طالما شبع منها المواطن مثل الاكتفاء الذاتي وتصدير الكهرباء لدول الجوار وبناء ناطحات السحاب ومضاهاة عمران الدول المتقدمة ، رغم ملوحة الماء لدينا لم نعالجها لحد الان ، لذلك ( لاخير في وعد اذا كان كاذباً…..ولاخير في قول اذا لم يكن فعل )، ليعلم سياسينا ان شعبنا يملك الوعي العميق والادراك الكامل لما يدور ويٌدار على الساحة العراقية من تصفية حسابات للقوى الاقليمية والدولية وتنفيذ الاجندات السياسية وفق الارادة الخارجية ، نقول للسياسي ( تستطيع ان تخدع كل الناس بعض الوقت او بعض الناس كل الوقت ولكن لاتستطيع ان تخدع كل الناس كل الوقت ) . اليوم فرصة حقيقية للسياسيين ومن يحمل عناوين المسؤولية في الحكومة والسلطات الاخرى التشريعية والقضائية مؤازرة الشعب وتقديراً لمواقفه البطولية التي اصبحت مثلاً يحتذى به في العالم اجمع حيث اثبت بصموده وتضحياته الجسام لتحرير الارض من الارهاب وقوى الشر عنوان في الوطنية وايثار النفس ، ونقولها صراحةً ان جميع السياسيين بمختلف عناوين مسوؤلياتهم يتحملون ما يعانيه شعبنا اليوم ، وسؤال قيل ويُقال( اذا صلح القائد فمن يجرؤ على الفساد؟) ، وان(السياسة هي الاجراءات والطرق المتبعة لاتخاذ القرارات من اجل تسير الحياة … اذا وليت امرا فابعد عنك الاشرار فان جميع عيبوهم منسوبة اليك ).