تستخدم السياسه مختلف الاساليب, الطرق و تتنوع الوسائل التى لاحصر لها فى تقديم اليرامج الحكومه والاهداف الرفيعه الى تتبناها وتحاول تحقيقها وتضعها فى يد وخدمة المواطنين وذلك للتاكيد على شرعيتها والتحامها مع الشعب ومصالحه. على ان الحكومات وقياداتها لها منهج وايديولوجيا, وبنفس الوقت, هنا وهناك مصالح ذاتيه وشخصيه تجرى المحاولات الحثيثه لتحقيقها, امرا لا خلاف عليه. فى اطار هذه المصالح الشخصية خاصه يستخدم المقدس الذى يتنوع وتزداد وتتعدد صوره ومكانته, للتاكيد على اهميته فى كل الازمنه والاوضاع. ان ذكر وتلاوة سيرته واعادتها بشكل مستمر فى مختلف الاحداث والمناسبات وعلى مختلف المنابر والقاعات وعلى مختلف الشرائح الاجتماعيه يعنى التاكيد على هذا المقدس والذى يتحول الى حقيقه قائمه, خاصة من اولئك الذين يستخدموا المقدس فى سيرتهم ووظائفهم الرسميه وغير الرسميه من اجل ان يفضى عليهم بعضا من مكونات وصفات هذا المقدس واستمراريته التاريخيه ممثلة فى شخوصهم , افكارهم واعمالهم, تضحياتهم, نزاهتهم ومصداقيتهم, وبالتالى شرعيتهم وضرورة وجودهم واستمراريتهم….الخ ان استخدام المقدس فى الدول المتقدمه والتى تقوم على نظام ديمقراطى ودوله القانون يحصل ايضا ولكن بوتائر خفيفه , وتتصاعد وتائر التاكيد على المقدس فى اوقات الازمات واجراء الانتخابات البرلمانيه او لرئاسة الجمهوريه ويؤخد المقدس صورة الخوف والرعب من خطر الرجوع الى ايام الدكتاتوريه وسلطة الرجل القوى او رسم صورة الازمات والتضخم وانهيار العمله وتفشى البطاله والعوده الى ما قبل الدوله والرفاهية الاجتماعيه. الا ان هذا المقدس واستخداماته وصوره فى الدول الدكتاتوريه هو جزء اساسى من نظام الحكم وايديولوجيته ويأخذ مكانه ومكانته يوميا دون انقطاع وباشكال تدعو الى القرف والسخريه. فى عراقنا الحبيب كان القائد الضروره عطوفا علينا ورحيمنا بنا حيث حافظ علينا من التيه بعدد من المقدسين والمقدسات, حيث اختصرها جميعا ,المقدس والقداسة, فى شخصه الكريم وكان لابد للجميع ان يعرف خريطة الطريق وكذلك يحمينا من, طريق الصد ما رد, انها حكمة القدر وافضاله علينا ورحمة بنا عباد الله البسطاء, ان القائد الضروره لم يكن نرجسيا فحسب وانما اصبح هو شخصيا المقدس ويتجسم المقدس فى حركاته وسكناته, فى قهقهته العاليه, تدخينه للسيكار الكوبى, وفى خطابهالسياسى وافضاله علينا بالدروس المكثفه فى كيقية غسل الاسنان واكل الطماطه وليس اخيرا عندما يحتل التلفزيون من الساعه الثامن مساءاوالى الساعه العاشره ليلا, وهو يقوم بذلك من منطلق العطف والكبرياء ان يفسح المجال للرعيه التبارك به وقضاء يوميا بضعة ساعات للتمتع بطلعته البهيجه والوقوف على اخر مستجدات عقلة الاحادى وتقديم فروض الطاعة والاذلال. ان كل من تسول له نفسه ان يشك فى ذلك ويتجاوز هذه المكرمة العظيمه بابسط الاشكال, نكته, سماع بضعة جمل دون ان يخبر عنها فهذا فهو لا يستحق العيش فى مملكة الحسن والجمال والعدل وقدسية المقدس ولذلك تفرض عليه العقوبه بالسجن او القتل, وفى ابسط الاحوال قطع الاذن او اللسان. ان هذا المتعنتر, ,عنتر زمانه, الشديد القاسى والغول المفترس على الشعب , انتهى دون اسف عليه اخيرا فى حفرة تحت الارض بمرافقه الجرذان والحشرات, ان ما كان, قد كان!!
منذ عام 2003 نعيش مع عدد متنوع من المقدسات والمقدسين, وبما ان نظام الحكم محصاصى, طائفى, قومى وقومى مناطقى فاصبحنا نعيش مع عدد كبير ومتنوع من المقدس والمقدسين, هذا بالاضافه الى مقدسى الاقليات الصغيره. ان الاكراد اخذوا بالمبدأ البرغماتى النفعىى حيث قد ركزوا على فاعلية مركزية المقدس التى تجسدت فى شخص القائد التاريخى العبقرى والعقل الستراتيجى السيد مسعود البرزانى, تيمنا بمركزية القائد الضروره وفاعلية مركزيه القرار. ان السيد مسعود البرزانى صاحب الرؤى والرؤيا والذى يستمد ارجحيته, فكره الخلاق وخلافته من الاب القائد المؤسس السيد مصطفى البرزانى الذى وضع الحجر الاساسى للدوله البرزانيه منذ اكثر من خمسون عاما واصبحت البذور نبتة يافعة ونواة قوية مثمره للانفصال والاستقلال برعايه الزاهى بنفسه والمتعالى بانجازاته وكبريائه المقدس, الاوحد ,الاب الكبير والراعى الحنون للجيل الصاعد السيد مسعود مصطفى البرزانى. انه المقدس الاوحد والقائد الكبير بدون منازع فى دولة كردستان الكبرى, والذى يشك فى ذلك فان مصيره معروف سلفا, ولماذ الشك وشعب كردستان ينعم بموارد نفط الاقليم وحصته الملياردريه من الحكومة المركزيه. اما عن شريك المحاصصه الكبير فقد تميز بعدد كبير من المقدس والمقدسين والمعصومين وقد جعل منها ادوات طيعة فاعله ومنهج مجرب بالنجاح, ايديولوجيه وخريطة طريق لها محطات, مناسباب, اعياد ميلاد ووفاة وكل واحدة منها لها طقوس ومراسيم, وبما ان اعداد القدسين والمقدسين كبير نوعما, فهى تتجدد اسبوعيا, شهريا وسنويا ولكل واحدة منها لها خصوصيتها فى الاعداد والتنظيم والميزانيه الدولاريه , وكما يبدو فان القسم والحلفان الذى يؤكد علية العامة والملالى وينساب لذيذا على اللسان ويخرج بثقة وعنفوان من الفم ليؤكد رهبة, قوة وفاعلية المقدس الشيعى. ان كل واحد من المقدسات يرتبط بمسمى معين له خصوصيته وفرادته الموثقه التى يعرف بها. لقد قدم الاسلام السياسى, العلماء, الملالى والافنديه, الذين فى السلطه او فاعلين ومؤثرين خارج الوظيفه الحكوميه من انهم ممثلى الشيعه والمذهب الشيعى او دعاة له ويستمدوا شرعيتهم فى الحكم من هذه المقوله, والحقيقه فانهم لم يهملوا يوما واحدا دون التذكير بالمظلوميه وبحجمها التاريخى وكانوا ايضا مبدعين مبتكرين فى تلاوة المشهد الحسينى وتحوله الى جلسة لطم وبكاء وعذابات للنفس والاثم التاريخى, وتاخذ ذكر السير الذاتية للائمة والمعصومين مكانا مهما فى حيث الناس على الاتصاف باخلاقهم وصبرهم ورفضهم لماديات الحياة والاعتماد على الخالق العطيم الذى بحكمته يوزع الارزاق, كونوا ايها الحاضرون مثلهم لتفوزوا بالجنة فهى الفوز العظيم. لقد تطورت المراسيم والفعاليات التى لاتنفطع والتى تكللت بالزيارات المليونيه والتى تجاوز عدد زوارها, الذين كانوا محرومون من معايشىة احداث الطف واستشهاد الامام الحسين ورفاقه زوار الكعبة وقبر النبى الكريم وكأن مقدس ذو شأن دخل حلبة المنافسه وعهد جديد يبشر بصعود الشيعه على مستوى العالم الاسلامى دون خوف اوارهاب ومطارده. ان اشكاليةالاسلام السياسى الشيعى لا ينحصر فى ممارسة تقديس المقدس فى تسخير امكانيات الدوله وتعطليلها عن العمل خلال المناساب الكثيرة وخاصة الزيارات المليونيه الى تأخذ اكثر من شهر, علما بان الدولة والحكومه ليس احادية المذهب. من ناحية اخرى فان الكتل والاحزاب الشيعيه التى تؤكد بنفس الوقت على شرعيتها واستحقاقها الانتخابى من خلال التضحيات وسنين النضال والمطارده والارهاب والقتل التى مارسها النظام الدكتاتورى ضدهم, كما يدون فى منشوراتهم ووعودهم للجماهير بدولة القانون والعدالة الاجتماعيه وتأمين حياة المواطنين العيش بكرامه ورفاهيه, كانت مجرد وعود وادعاءات, وهذا ما يعبر عنه الواقع والممارسه بعد وصولهم الى السلطه انهم لم ينجزوا اى من وعودهم وافكارهم, ناهيك عن دولة القانون والعدالة الاجتماعيه. ان هذه الاشكاليه اخذت ابعادا خطيره حيث تشير السنين الماضيه الى الىسرقة المبرمجه وتبديد المال العام واصبح الفساد المالى والادارى نموذجا جديدا لثقافه تبريريه متخلفة تؤكد على المصالح الشخصيه واصبحت الدولة مفلسة وقاب قوسيه او ادنى على السقوط والانهيار. لقد اخذت الجماهير تنشد الاهازيج بـ *باسم الدين باكونه الحراميه* واصبح القادة الشيعه, بما فيهم الملالى, الادعياء, وزراء , مستشارون مدراء عامون, درجات خاصه, رفحاويون, خدمه جهاديه….الخ ظاهرة اجتماعية تتسم بالتناقض الحاد بين الادعاء والممارسه, انهم الجائعون الذين لا يشبعون. ان الاساءات لا تقتصر على اضعاف الدوله وافقار الشعب وتعطيل قواه الماديه والمعنويه, وانما الاساءه الى المذهب والى الدين بشكل عام. حينما يتعالى صوت رجل الدين من احد الحضرات الحسينيه, او السياسى, الوزير, رئيس الكتله او رئيس الوزراء امام الصحفين او من شاشة التلفزيون ويعرض سيرة الامام على بن ابى طالب, او استشهاد الامام الحسين ورجاحة وبساطة وصدق الامام جعفر الصادق يبدوا كل ذلك, من كثرة التكرار, مجرد فقاعات صوتيه عديمة الطعم والمعنى, وذلك لان الواقع شىء اخر, ولان اوضاع هؤلاء الدعاة المذهبين الشيعه مثقلة بالكذب والسرقة والاحتيال واهمال الشعب والوطن, ويتبادر السؤال, هل ان المذهب له خزين من الاجتهادات ان يفرز مثل هذه الشخصيات ام انهم يوسيؤا الى المذهب بشكل ممنهج. ان الاسلام السياسى الشيعى فى صيغته الحاليه المتمثله بالقادة ورجال الدين الذين تربعوا على دولة المحاصصه يقدمون اشكالية حقيقه صارخه , ان المقدس قد اصبح واستخدم وسيلة للسياسه يمكن استخدامه لتمرير كل انواع القبائح. ان الشكوى والنقد الذى يقدمه رجال الدين والاسلام السياسى فى العراقى من ظهور تيارات وجماعات لا تأخذ بالتعاليم الدينيه وابتعادهم عن الدين والمذهب ادى الى انتشار الفساد والطلاق وزواج المتعه وتعدد الزوجات…الخ ان ما تذكرون وتنتقدون هو فى حقيقة الامر انعكاس لسلوككم وكذبكم واعمالكم السيئه التى قد افقدت ثقة شرائح واسعه فى المجتمع من جدوى وجودكم وما تطرحونه من خرافات اصبحت لا تجدى نفعا, واذا كان المذهب والدين فى سلوككم واطماعكم وكذبكم فلا خير فى مثل هذا المذهب وهذا الدين. لقد اسئتم الى المذهب ايضا فى تمسككم بالسلطه من اجل الحفاظ على مصالحكم الشخصيه. ان المقدس يكون مقدسا وجديرا بالاهتمام والاحترام واتخاذه نموذجا حينما يقدم افكارا وفلسفة وعملا ينير الطريق الى الامام وينشر الخير والاخلاق.