23 ديسمبر، 2024 8:53 م

السياسة والمجاري

السياسة والمجاري

ورد في الحكمة: حدِّث العاقل بما لا يعقل، فإنْ صَدَّقَ، فلا عقلَ له.
وكم هم اليوم الذين تنطبق عليهم هذه الحكمة مع شديد الاسف، اما سذاجة واما عنادا واما بغضا، وهذا ما جعل البلد يتأخر عن بقية البلدان ويُمكِّن السراق والفاسدين من السيطرة على مقدراته.
فبالأمس وكالعادة طلَّ علينا دولة الرئيس المالكي في كلمته الأسبوعية التي يخاطب بها شعبه العراقي متهما خصوما سياسيين لم يسمّهم بالتسبب في إغلاق شبكات المجاري، مما أدى الى حدوث الفيضانات وتوقف الحياة في اغلب محافظات العراق بسبب موجة الأمطار التي طالت معظم مناطق الوسط والجنوب العراقي.
اضافة الى اتهامه البعض من المواطنين في الانسدادات، بسبب رميهم المخلفات والأحجار في المجاري.
وبدلاً من تقديم الاعتذار للشعب العراقي وتوجيه كل كوادر الدولة ومؤسساتها لمساعدة المنكوبين وتعويض المتضررين، والسعي لإيجاد حلول جوهرية لهذه الانتكاسات المتكررة، قام دولة الرئيس بتوجيه أصابع الاتهام للجميع دون تمييز، سياسيين كانوا ام مواطنين، وكأنّه يتحدث بلسان رجل معارض للحكومة وخارج منظومتها، وليس كرجل الدولة الاول والمسؤول عن كل ما يجري فيها.
وقد غاب عن دولة الرئيس ان هذه الموجة النادرة من الأمطار والتي أصابت بعض دول الجوار العراقي، وخصوصا دول الخليج، كانت قد احدثت أضرارا في تلك الدول كما أحدثتها في العراق، الا ان الفرق بيننا وبينهم، ان تلك الدول أعلنت حالة الطوارئ وسخّرت كل جهودها ووضعت كل إمكاناتها من اجل السيطرة على هذا الوضع الاستثنائي، فتحملت حكومات تلك البلدان المسوولية كاملة امام شعبها دون توجيه الاتهام واللوم لأي احد سواها.
وليت شعري لو ان دولة الرئيس اتعظ من تلك الدول وتحمل المسوولية كما تحمّلوها هم، ولو لمرة واحدة في حياته، وأكرر مرة واحدة فقط، لاننا ما عهدناه يوما اعترف بالتقصير عن اي سلبية حدثت سابقا وستحدث، علما ان تقديم الاعتذار للشعب عند حدوث قصور او تقصير في عمل الحكومة لا يعني نهاية العالم او قيام القيامة، بل هو عين الإنصاف والحرص والدلالة على الشعور بالمسؤولية، وكفى استصغارا لعقول الناس وسحقا على إنسانيتهم، فالشعب طيلة هذه الفترة بلا أمن ولا خدمات، وفوق ذلك، يناله اللوم والاتهام من قبل المسؤول الاول عمّا يجري من انتكاسات يومية بحق هذا الشعب المظلوم، ولله في خلقه شؤون.
اللهم احفظ العراق وأهله وجنبه يارب شر الأشرار وكيد المنافقين والفجار.