السياسة يعرفها البعض بأنها علم السلطة أي ذلك الذي يدرس السلطة باعتبارها مفهوماً شاملاً يمتد إلى كافة الاجتماعات البشرية فمنذ وجد الإنسان علي ظهر الأرض والعيش مع الآخرين ضرورة تتطلبها الطبيعة الإنسانية وهي بدورها تفرض ضرورة وجود علاقات مبنية علي أساس التفاوت والاختلاف مما يتطلب وجود حقوق وواجبات والتزامات واختلافات بصدد كل هذه مما يفرض وجود سلطة فالسلطة وضع اجتماعي وهي علاقة بآخر،فالسلطة إذن هي إحدى مسلمات الطبيعة البشرية،يكمن سبب وجودها من شرعيتها في الهدف الذي تشكلت من أجله في المجتمع،وهناك من يعرفها حسب تعريف بسمارك ( الرجل الحديدي ) بأنها فن الممكن ولكن لو تأملنا تصرفات الساسة والذين هم من يمثل السياسة فسنجد أن تعريفها الأمثل هو ( السياسة مهنة غير شريفة ) واعتقد أن هذه التعريف هو الأكثر ملائمة لمفردة السياسة،فالسياسي مستعد ببيع كل القيم في سبيل الحفاظ على منصبه ومكانه ولنا أمثلة كثيرة تؤكد هذا القول وعلى سبيل المثال لا الحصر لنستعرض بعض ساستنا العرب وكيف أن السياسة وحب المناصب جعلهم يبيعون حتى الدم والنسب ولو عدنا للوراء لثلاث عقود وما آل إليه الخلاف بين المرحوم حافظ الأسد وشقيقة وكيف أن الطائرات الحربية قصفت مقر شقيقه لوجدنا أن حقيقة المهنة اللا شريفة قد تجلت بهذا التصرف،أما أمير قطر وكيف استولى على الإمارة بعد ذهاب والده الشيخ خليفة للخارج واستيلاء الابن العاق على مقاليد الحكم وطرد والده حتى وصل به الأمر من منع والده حضور فاتحة زوجته ( والدة حمد )،وليس بعيدا عنا عندما جاء ملك الأردن السابق المرحوم الملك حسين من أميركا لسبب بسيط وهو تغير ولي العهد من شقيقه الحسن إلى ولده من البريطانية الأمير عبد الله الحالي وهو لا يستحق أن يكون ملكا لان القانون لا يجيز لابن زوجة الملك الغير عربية أن يستلم دفة الحكم مما جعل الملك حسين أن يتلاعب على القانون الملكي بمنح زوجته البريطانية الجنسية الأردنية حتى يكون ابنها ملكا على الأردن وهذا ما تم بالفعل.
إنها مهنة لمن لا شرف له،رُب سائل يسأل هل كل الساسة هكذا؟؟؟ وهنا وجب أن يكون جوابنا كلا،ولكن علينا معرفة نقطة حساسة وهي أن السياسي الذي لا يبيع قيمه هو سياسي فاشل وفق المقاييس السياسية ولكنه ناجح وفقا بالمقاييس الأخلاقية والأهم من كل هذا أن الأخلاق والسياسة هما على طرفي نقيض فكلما ارتفع في داخل الإنسان أحد الأطراف هبط الطرف الآخر وهذا ما أكده كتاب الأمير لنيقولا ميكافللي،لا ثقة بأي سياسي ناجح فالنجاح يعني أن يكون فاشلا أخلاقيا وهذه الفرضية لا تقبل القسمة ولا الضرب ولا الشواذ،ربما قبل عقود أو أكثر عرفنا من كان يهتم بالسياسة حبا بوطنه وأبناء شعبه،ولكن الآن وبعد أن عاصرنا ساسة العراق قبل وبعد السقوط وقرأنا وسمعنا وشاهدنا كيف أن السياسية هي مهنة غير شريفة وعليه من خلال التحصل الحاصل نقول أن السياسي بلا هوية أخلاقية مهما كان منمقا بحديثه ومخرجا للمسرحيات الأخلاقية ومدافعا عن الشعب فهو لا يتعدى أن يكون رجلا بلا أخلاق مطلقا،بدليل أن عشقه وولعه بالكرسي يدفعه حتى لإنكار حقوق الله وقبلها حقوق الإنسانية إن شعر أن هذه الحقوق تمس ولو شيئا بسيطا من مركزه ومكانته .
إنها مهنة لمن لا مهن له ودليلنا التكالب والتراشق بين الساسة واختلافهم حتى على تقسيم الكعكة فهذا يريد والآخر يتمنى وغيره يحوك الدسائس والآخر يستخدم بعشوائية الكواتم وبعضهم مولع بالمفخخات والمتواضع بينهم يشتري الأقلام ويحرض الناس وهكذا دواليك ، ختاما نقول وبحسبه صغيرة أن المهنة الغير شريفة لا يتعامل معها إلا من كان بعيدا عن الشرف ، فمن يمتهن مهنة السرقة لا بد أن يكون سارق وهل وجدنا رجلا نزيها يسرق أو رجلا سارقا يصلح أمرا ، هكذا هي سنة الحياة فالشريف لا يتعامل إلا بمهن شريفة والعكس صحيح والعاقل يصدق ما نقول والسياسي يقول ما هذا الكلام إنكم جهلة لا تفهمون أبجديات السياسية وهنا وجب أن نقول له من حقك أن تتهمنا بالجهل لأننا لسنا نتمتع بالشرف ذاته الذي تتمتع به ،وعليه نلخص مقالتنا بجملة مفيدة.
” السياسة مهنة غير شريفة والسياسي رجل غير شريف لأنه يتعامل بمهنة غير شريفة” .