أصبر على مرارة الحق وإياك أن تنخدع لحلاوة الباطل .. الأمام علي (ع).
السياسة والدين هما كالشاخص وخياله لا يفترقان، ولست مع الذين يفصلون الدين عن السياسة ولا حتى العكس، ولست أيضاً مع الذين يدعون بأن الدين لله والوطن للجميع، بل الدين والوطن (لله ولنا جميعا)، لم تنجب البشرية رجال سياسة ودين كـ (محمد وعلي) عليهما الصلاة والسلام.
فالسياسة الداخلية والخارجية للنبي محمد (ص) أسهمت في بناء دولة إسلامية متكاملة متمثلة داخلياً بصلح الحديبية والقضاء على المشاكل الداخلية والمآخاة بين المهاجرين والأنصار وإعداد المسلمين ذهنياً وعقائدياً وعسكرياً، فضلاً عن إيجاد المشاريع التي أسهمت في رفع المستوى المعاشي للمسلمين ولعل الصحيفة التي أعدها الرسول ص تمثل أعظم إنجاز وإنتصار سياسي للتعايش والدفاع المشترك (المسلمين – اليهود – النصارى).
خارجياً تمثلت سياسته بمخاطبة الملوك ورؤساء القبائل وإرسال السفراء والمندوبين برسائل شفوية وخطية أثبتت قدرته (ص) على إدارة الدولة ومد الجسور بين الممالك والأمبراطوريات واثبتت السياسة الخارجية ببعد النظر لسيد الخلق وما حققته من مكسب عظيم للاسلام، وكانت الشورى عمود تلك السياستين.
أما الأمام علي (ع) فقد تبنى نظام حكمه نظاماً مركزياً مقرونأ بالصلاحيات الواسعة للموظفين مع منهج سياسة يعتمد على (الرؤية الإلهية والرجوع الى النص القرآني والنبوي) مما حدد المسار الصحيح في بناء الدولة وكذلك حدود العلاقة بين الحاكم والشعب وجعلت الجهاز القضائي منفصلاً عن الأجهزة الأخرى.
إذن من يساوم على دين ودنيا محمد وعلي، هما السياسة كلها وهما الدين كله بل هما العلم والحكمة والمعرفة والأقتصاد هما نموذج المجتمع وهيكله القوي الصحيح.
أن بناء المجتمع العربي ومنها الدولة العراقية الحديثة وفق منهج الأسلام لا يعني أن نتزين باللحى أو الخواتم بل يجب ان يكون على نهج وسياسة (محمد وعلي) (ص)، نحن مهزومون منذ أن تسيد صاحب النسب على صاحب العقل والفكر، منذ أن اصبحت خطبة الجمعة تعلو على حلقات النقاش والدراسة، منذ أن تسممت أفكارنا بأن صاحبة الحجاب في الجنة وغيرها في النار، منذ أن تشبعت افكارنا بأن بناء مسجد خير من بناء ألف جامعة أو معهد، وتمت الهزيمة الكبرى حينما إنشغلنا ببعضنا ما بين تكفير وقتل وتهجيروغيرنا ذهب منشغلاً بالبناء والعمران وأكتساب وتسخير التكنلوجيا في بناء مجتمعه المعاصر وتحديث مناهجه الدراسية والبحثية… إذن السياسة هي الدين والدين هو السياسة..