22 ديسمبر، 2024 8:13 م

السياسة والخالية من الضمير والمساواة والهم الاكبر الترقيع والتأجيل والتبرير والتحوير !!!

السياسة والخالية من الضمير والمساواة والهم الاكبر الترقيع والتأجيل والتبرير والتحوير !!!

الترقيع هو اصطلاح يعرفه الاباء والفقراء والمعوزين,,الاباء ممن عاشوا عمر الدوله في خمسينياتها حتى اليوم اي من المخضرمين ,فقد كانت بناطيلهم تتفتق ولضيق ذات يد الاجداد فقد كانوا يرقعوها بمعنى إضافة قطعة قماش لا تقترب من قماش البنطلون لا من قريب ولا من بعيد وقد تكون من لون آخر, لدرء البرد عن السيقان الوجعى,,والآن ما زال الفقراء ممن ابتلوا بضنك العيش يستخدمون نفس الاسلوب فهو متوارث , كما أن الدوله قد ورثته في ظل الديون المتراكمه والفساد المستشري, وقلة الحيله لا الامكانات…

من يعيش في البلاد منذ زمن يعي الفرق الشاسع في شوارعها وساحاتها ونظافة ارصفتها وخضرتها سابقاً وما آلت اليه في هذا الزمن الرديء, الشوارع تغزوها الحفر والمطبات وتجمعات المياه الآسنه, فلم تقوم الامانه في الاعوام الخمسه الماضيه بتزفيت ولو حي او شارع, بل لجأت الى سياسة الدوله في الترقيع, هنا قلاب زفته وهنالك عرباية زفته ومدحله صغيره, لترقيع حفره قد تسببت بكسر عشرات الاكسات لسيارات هي كما حصّالة الاطفال لكثرة الخرخشه, سرعان ما تجرفها مياه الامطار,,يقول قائل في وصف شوارع عمان وأنت تقود سيارتك تنزل في حفره وترتقي على مطب وفجأه يظهر امامك الشارع…لكثرة الحفر والمطبات, اما الارصفه فلا حرج هنالك بقايا من بلاط كان اصفر هنا او هناك لا انصحك بالمرور فوقه فقد تداهمك حفره تتسبب في التواء كاحلك..

اما الدوله فهي من اوجدت هذه السياسه حتى ان هنالك بعض مؤسسات الدوله اخضعت سياسات الترقيع الى الاعتماديه الدوليه لسلامة الخدمه المقدمه ونوعيتها,الموازنه دائما في عجز لولا سياسات الترقيع الدوليه من دعم للموازنه على شكل هبات لا نعرف اين تذهب وقروض نعي انها تسببت بارتفاع المديونيه, وملاحق الموازنات وارتفاع نسب البطاله وشيوع الفقر كمُكوّن اساس للمجتمع الاردني, وتراجع خدمات وزارة الصحه الصحيه لهجران اطباءها الوطن لتقديم خدمه متميزه للاشقاء في الجوار مقابل دراهم معدوده اما لشراء بيت او لتدريس ابن عاق لم يحظى بمقعد في الجامعات الرسميه بالرغم من ان اقساطها قد لا تقل عن اقساط الجامعات الخاصه مع تردي مخرجات التعليم وضعف مستويات الخريجين..

ناهيك عن ما تقدمه وزارة التعليم فلا داعي للتربيه فقد انتقلت الى رحمة الله, مدارسها آيله للسقوط ومعلميها دائماً مضربين وإن أتوا فاعطاء المعلومه في حدها الادنى, في المقابل نشط سوق المتاجرين بالتعليم والصحه من اصحاب محال الخضار وخصوصاً تجار الجمله ففتحوا المستشفيات الخاصه واستثنوا المواطن الاردني من العلاج فيها مرحبين بالليبيين وغيرهم,واسسوا المدارس الخاصه عالية الاقساط بدون تعليم, ومؤخراً اضافوا مساقات التعليم الغير اردني لكن يقوم عليه اساتذه غير اكفياء قد لا يتقنون الانجليزيه لتدريس مواد اجنبيه,,عجبي!!!

الدوله ترقّع الموازنه, والأمانه ترقّع الشوارع, ورب الأسره يرقّع الراتب, والطالب يرقّع المصروف ليكفي, والأم ترقّع الملابس,, وهكذا دواليك..لكن مؤخراتنا لا زالت مكشوفه..لا كمواطنين بل ايضاً الدوله, وقبل ان انهي انصح بالرثي فهي أقل تكلفة ,,,الرثي لا الرثاءالسياسة هي المصطلح الحضاري المتطور عن الأدارة , ينبثق عنها ويحتويها , ويضم بين جنباته معان وايضاحات كثيره لأرهاصات تطبيق مصطلح الأدارة , فيما يختص هو بميزات لا يلامسها المصطلح الأعم للأدارة الا في جوانب تكاد تكون محدودة . فمبتنيات الأدارة حصريه ضيقه تعتمد الملامسة الحقيقية للواقع وترتكز على امكانات مادية ومعنوية واضحة المعالم يمكن فهمها وسبر اغوار اهدافها بسهوله لدى معظم الناس , بينما السياسة فضفاضة مترامية الأطراف , أميبية الحدود , أخطبوطية الأذرع , لا تكاد تلامس نقطة على سطحها الواسع فاذا بك تبتعد عن اطرافها الأخرى متكلفا جهدا كبيرا للعوده الى حوزتها واللحاق بتوسعاتها التي تشبه الى حد ما نقطة زيت في ماء متحرك , وبذلك فهي تحتاج الى طاقات وامكانات كبيرة للتعامل معها وايفائها متطلباتها للوصول الى نتائج مرضيه على اقل التقادير . ومن الضروري جدا ان يفهم ان السياسة تعتمد مرتكزات تماوجية الثبوت منها مصلحية , نفعية , تبادلية , تلفيقية ( لايقصد الكذب والأفتراء وانما التعامل مع الأضداد ) , تغاضي وقتي , تعامي , تغيير اتجاهات وروما للأختصار نقول ان مرتكزات السياسة تتلخص بمباديء ميكافيللي مضافا اليها تعدد الرؤى وتصاهر السياسة الأدارية والسياسة الأقتصادية التي برزت بوضوح في اواخر القرن الماضي

من هذه المقدمة البسيطة اردنا ان ننفذ الى ما يجري في العراق واقعا وتطبيقا وتنظيرا ولنا في هذه الوقفة تساؤلات تخص الواقع السياسي العراقي

هل من الممكن اطلاق مصطلح سياسة على ما يجري في العراق ؟

أم ادارة ؟ أم خليط بين السياسة والأدارة ؟ أم ارتجال ومواقف اهتبال الفرصة؟

لعل اقرب ما يمكن اطلاقه على السياسة في العراق الجديد ان لم يكن الأقرب مطلقا هو سياسة الترقيع وترقيع السياسة , فهذا المصطلح يحتوي على شيء من كل ما ذكر اعلاه . فساسة العراق الجديد ولنقل اغلبهم وليس كلهم يفتقدون المنهج الواضح والطريق السليم في تعاملهم مع القضايا والأحداث ناهيك عن التخبط العشوائي في المعالجة السياسية والأرتجال الواضح نتيجة عجز هؤلاء في بناء فكرهم السياسي وتطبيقه على ارض الواقع , وللأنصاف لابد لنا ان نعطيهم بعض العذر نتيجة الظروف غير الطبيعية التي يمر بها البلد سواءا الأمنيه منها او الأقتصادية او السياسية مضافا لها الأرث الثقيل الذي خلفه اللآنظام السابق بمغامراته الطائشه وارتجاليته غير المبررة وضيق تفكيره وعدم التزامه بادنى الأعراف السياسية بل حتى الأعراف التي تلتزمها قبائل غابات الأمازون . هنا لابد من اعطاء العذر لمعتذر بقدر تعلق الأمر بهذه الظروف , ولكن يبقى التفتق الذهني والحنكة والدراية والشجاعة وحتى الدوران الأيجابي ( تغيير الأتجاهات ) يبقى منفذا واسعا لمن اراد ان يسوس العباد والبلاد

قبل ان نسوق امثلة واقعية من الشارع العراقي لابد لنا ان نعرج على بعض القضايا سالبة التأثير بل قاتلة التاثير على مجمل الوضع العراقي فاللصوصيه والأنهزاميه وتساقط الأسماء والتحزب والتحشيد الأعمى للكتل الجماهيرية والعوز الفكري والأنتزاء على المناصب والهلهله العقائدية كلها عوامل ساعدت في رسم صورة الواقع العراقي المشوه غير المتكامل بل المتجه انحدارا الى نقطة اللارجعه ان لم يتدارك باسرع وقت ممكن

في الميزانية الأنفجارية لهذا العام وحسب الأرقام المعلنه يستطيع العراق ان يضع رجلا على قاعدة صلبة للنهوض بالواقع المزري الذي يعيشه المواطن بل يعيشه البلد بكل قطاعاته , ولكننا نفاجأ بتخصيصات ترقيعية لمحافظات القطر ووزاراتة , فمثلا تجد مدينة بحجم البصرة وبحجم معاناتها في الفترة الظلامية الهامشية تجد تخصيصاتها التي من المفترض ان تنهض بواقع هذه المحافظة المزري تجدها لا تلبي جزءا عشريا من متطلبات النهوض الخدمي وهكذا في باقي محافظات القطر , هذا اذا قلنا اننا نستطيع السيطرة على الفساد الأداري والمالي المتفشي والذي يزيد الهم هما والطين بله

البصرة بحاجة الى ما يقارب الملياري دولار لبث الحياة في مفاصلها الخدمية والأقتصادية والأجتماعية وحتى السياسية تجد ان جل تخصيصاتها تجاوزت المائتي مليون دولار بقليل .. فماذا نسمي هذا ؟؟

أليس ترقيعا ؟؟

والمضحك المبكي ان مليارات اربع اعيدت الى خزينة الدولة لعدم وجود المكان المستحق صرفها فيه او عليه ؟؟

والملاحظ ايضا عدم وجود التخطيط المسبق والمعرفة بطرق صرف التخصيصات وتنفيذ سايساتها على الواقع فتجد ان القطاعات الخدمية الأكثر تضررا تترك على حالها بينما يعتنى بقطاعات اخرى يمكن وصفها بالترفيهية او الترفية مقارنة بمثيلاتها . ففي مدينة كالناصرية بكل ما عانته من ظلم وقهر وتخلف متعمد تجد ان الأولوية كانت لتزيين مدخلها الشمالي بقوس حجري ومتنزه وليت ما خطط له قد تم , فالقوس الحجري سلم وهو لم يكتمل كليا واما المتنزه فكان تنفيذه كارثة حقيقية , سور حديدي صبغ باللون الأخضر يضم مساحات واسعه من الأراضي المنخفضة عن مستوى الشارع والمليئة بالماء الآسن وجل ما تم تنفيذه ان رميت بضع وجبات من التراب ضاعت وسط هذا الكم الهائل من الأوساخ … هنا نسأل ؟؟

ثم الا يعرف الأخوة القائمون على التخطيط المدني والمالي والحضاري ان في هذه المحافظة من لا يجد مأوى له ولأطفاله , ومن لا يجد عملا يحفظه من الأنزلاق في متاهات الجريمة , ومن لايجد متنفسا لمشاكله وازماته ؟؟؟

وبالقلم العريض أيهما أولى منزلا يحفظ كرامة الأنسان أم متنزها ترفيهيا برغم اهميتة ؟؟؟

ولو اردنا الأطناب في سرد امثلة من سياسات الترقيع التي ينتهجها سياسيوا العراق لكان لزاما علينا ان نجد وقتا مضافا الى الوقت ومتسعا مضافا الى المتسع ولربما افضى ذلك الى ازمة اقتصادية في الأقلام والأوراق وهي تعاني الأمرين اصلا ؟؟؟

أظن أن أزمة العراق هي أزمة ضميـــــــــر !!؟؟

ولنختم مع سياستنا الخارجية فهي تدحرجية ارتجالية مشخصنة غير متوازنة تتلقف المواقف ثم تدس انفها فيها من غير روية ولا تدبر مما يؤدي الى فقدان العراق لهيبته السياسية ومكتسباته ويؤسس ارضيات عدائية جديدة قد تجر الويل على بلدنا كما حدث في العهد المظلم , فما اغنانا عن اخذ موقف ثابت ومتشنج اتجاه الجزر الثلاث المتنازع عليها بين ايران والأمارات وكأننا في عهد المقبور اذ اخذها شعارا لمحاربة جيرانه فدفع ثمنها غاليا وكان اول المنقلبين عليه هم الأماراتيون اصحاب الجزر ؟؟؟

من هنا وجب القول ان العراق قد وقع بين طبقتي الرحى ردحا طويلا من الزمان ففقد الكثير الكثير من ثرواته البشرية والأقتصادية والعلمية ودُمّرت بناه التحتية وانزل من علياء تسنمه العلمي والسياسي والاقتصادي ليربض فقيرا في رحبات التطور والمدنية التي قفزت بقوة الى الأمام بينما ظل العراق مسمرا ومكبلا عند مشارف الفقر والعوز والفاقة والتخلف والمرض والجهل والعبودية فلابد لأبنائه جميعا ونخص السياسيين منهم بالعبأ الأكبر ليحملوه على اكتافهم ويبذلوا الغالي والنفيس في سبيله ليتداركواه وينتشلوه من اسفل الدرجات التي يقبع فيها الآن الى مصافي الدول المتقدمة

الضمير , التخطيط السليم , الأيثار , الكفاءه , الموازنة في المواقف , وضع الأصبع على الدنبلة والواقعية في تخطيط وتنفيذ السياسات بانواعها في البلد هي من اقصر الطرق للنهوض بواقعنا المزري

سئل أعرابي يوما: كيف أنت في دينك؟ أجاب: أخرقه بالمعاصي وأرقعه بالاستغفار.

أرى أن هذا ديدن ساستنا من رؤساء الكتل وزعماء الأحزاب، بمسيرة المليون ميل في العملية السياسية، والتي لاأدري متى يستقرون على قرار سليم، ويضعون أقدامهم في المكان الصحيح لتبدأ منه الخطوة الأولى بالاتجاه الصائب فيها، وعلى مايبدو ان إثني عشر عاما غير كافية لتصويب الخطى وتوحيد الرؤى، حيث بات مانراه من تقدم في المسيرة بضع خطوات يفرحنا تحقيقها، يعقبه حتما تقهقر فيها وفي اتجاهها أضعافا مضاعفة، حتى صار مؤكدا ان القائمين على أمر البلد يعملون بالضد من مصلحته، إذ أن ما يتفتق من رحم ساستنا من خروقات بحق الوطنية والمهنية فضلا عن الإنسانية والأخلاقية، بلغ حدا يصعب معه التصحيح والتصليح، وما يقابله من حلول خجولة لاتكاد تصيب من عين النجاح ومرمى الفلاح إلا بقدر مايصيب الرامي حجرا في الظلام. ولعلي أصيب إن شبهت حال ساستنا في المشاكل وحلولها بمثلنا الدارج: (الشگ چبير والرگعة صغيرة) والأمثلة في هذا كثيرة لايحتويها عمود او صفحة او عدد من صحفنا.

ويبدو ان مثلنا القائل؛ (الإيده بالثلج مومثل الإيده بالنار) ينطبق تماما على مايحدث في الهوة الكبيرة التي تفصل بين قبب مجالس البلد الثلاث، وبين المواطن المسكين الذي وضع يد الانتظار على خد الصبر وراح يصيح:

أذكر حكاية ليس لها من الواقع شيء لكن لها من المعاني الكثير، إذ جاء في أحد الأيام رجل كان يملك حصانا الى طبيب بيطري حيث كان الحصان مريضا، فقال الطبيب البيطري لصاحب الحصان: إذا لم يتعافَ الحصان في ثلاثة أيام، نقتله. فذهب خروف كان قد سمع الحوار الدائر بينهما وقال للحصان انهض! لكن الحصان كان متعبا جدا… وفي اليوم الثاني قال له انهض بسرعة، لكن الحصان لم يقدر أبدا… ولما كان اليوم الثالث قال الخروف للحصان: إنهض وإلا سيقتلونك، فنهض الحصان أخيرا. فقال الفلاح وهو سعيد جدا: لقد نهض الحصان يجب أن نحتفل، اذبحوا الخروف..!.

في عراقنا الجديد من غير المعقول ان نبلغ من القوة ما يمكننا من تجاوز العقبات التي أتت بها السنين السابقات ببساطة، ففضلا عن التي خلفها النظام السابق هناك تركة من سني الاحتلال، وفوق هذي وتلك نضيف ونجدد بشكل يومي مشاكل وعقبات أكثر من التي ورثناه كما يقول المثل: (فوگ الحمل تعلاوة). ويكفينا مايواجهنا اليوم من شرور أتت من دول وجهات من كل فج عميق، تريد الدمار وتبغي الخراب بالعراق من شماله الى جنوبه.

لقد آن الأوان -إن لم يفت بعد- للملمة جراحنا وهندمتها وتطبيبها بالعلاج الناجع والشافي بشكل جذري، لابترتيقها سطحيا وترقيعها شكليا، وبذا ننجو من الوقوع في فخاخ لاتقوم لنا بعدها قائمة،:

التسويات وسياسة “الترقيع” ما هي إلا تمويه وغطاء لفشل نظام المحاصصة القائم. قرارات يدفع ثمنها المواطن ويبيعونها ك “إنجازات”، بدل أن يكون المواطن هو محور الإصلاحات والمستفيد الأول ضمن استراتيجية حلول واضحة جدية ومستدامة”.