دراسة حالة لنوعين من انواع السياسة في فترة ما بعد الحرب الباردة
يتبع المسؤولون السياسيون القياديون الكبار انماط مختلف من الساسيات في نشاطاتهم السياسية القيادية من حيث ارتكازها على نوع علاقة المجموعة التي يقودها هؤلاء السياسيون بالنخبة. ومن هذه الانماط: السياسة الشعبوية (Populist politics ) وسياسة هوية الجماعة( Identity Politics) ويتم اتباع ذلك وفقا للظروف المهيئة وبدعم من اغلبية افراد الجماعة.
السياسة الشعبوية تركز اساسا على نطاق او اطار من المواقف التي تؤكد على فكرة الشعب ووضعه بالنسبة الى النحبة التي غالبا ما تكون هذه النخبة تمارس السلطة. وقد ظهر هذا المصطلح وتطور في القرن التاسع عشر حسب موسوعة الوكيبيدا وقد توافق مع النشطات السياسية لعدة سياسيين واحزاب وحركات سياسية من مشارب متنوعة منذ ذلك الوقت وحتى القرن الواحد والعشرين.
وكانت سياسة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب ترتكز على هذا النوع من السياسة ومن الامثلة على سير الرئيس السابق على هذا النهج: اتهامه للاعلام الغربي والامريكي بشكل خاص بمولاته للسلطة اي النخبة في هذا الاطار واطلق على هذا الاعلام لقب عدو الشعب رقم واحد ( Public Enemy Number One)و اتهامه للحزب الديمقراطي الامريكي المعارض حيئذ بمعادداة الشعب ومطالبته بتعديلات على نظام الانتخابات وبناء جدار عملاق على الحدود مع المكسيك لمنع المهاجرين والغرباء من اجل مصلحة الشعب وتوفير فرص العمل للشعب الامريكي والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ من اجل التقليل من بطالة القوى العاملة الامريكية في مناجم الفحم. وغيرها الكثير من الافعال والنشطات التي تسهم كما يعتقد برفاه وازدهار الشعب الامريكي بمختلف هوياته حيث كان شعاره ( MAGA) اي جعل امريكا عظيمة مرة اخرى.
وقد سار على هذه الخطى في امريكا الجنوبية على سبيل المثال الرئيس البرازيلي بوسونارو الذي تغاضى عن عواقب وباء الكورونا كوفيد 19 من اجل عدم توقف اقتصاد البلد والتقليل من نسبة البطالة .هذه السياسة التي ادت الى ارتفاع نسبة الوفيات في البرازيل بشكل ملحوظ جراء هذا الوباء.
اما في اوروبا فتسير هنغاريا مثلا في نظامها السياسي الحالي تسير على الخطى الشعبوية حالها حال دونالد ترامب امريكا حيث قام فيكتور اوربان رئيس وزرائها بالتصدي للهجرة من الشرق الاوسط واسيا حفظا على مصالح الهنغاريين ومصلحة اقتصادهم على ما يدعي رغم معارضة دستور الاتحاد الاوربي والذي تعتبر هنغاريا عضوا من بين اعضائه.
لننتقل الان الى النوع الاخر من انواع السياسة الا وهو سياسة هوية الجماعة وهي نوع من السياسة يستند اساسا على علاقة الجماعة بالنخبة وتكون هذه الجماعة عادة لها خصائص جامعة كالاثنية او الدين او الجنس او غير ذلك داعية النخبة بالاعتراف بحقوقها كمجموعة لها نفس الحقوق والواجبات الممنوحة لباقي افراد المجتمع دون تمييز. والامثلة على ذلك ايضا كثيرة وابرزها سياسة التي انتهجها الزعيم الاسود مارتن لوثر كنج بمطالبته بحقوق السود والمساواة بين السود و البيض في المجتمع الامريكي بشكل خاص.
ومن امثال منتهجي هذه السياسة ايضا النساء الثلاث القياديات اللاتي قدن حركة حقوق المرأة وخاصة حق الاقتراع او التصويت في المجتمع الامريكي في منتصف القرن التاسع عشر حسب ما ورد في الوكيبيدا وهن: اليزيبث كادي ستاتون وسوزن انتوني ولوسيريتا موت.
وختاما هناك انواع اخرى من السياسة مثل السياسة الشمولية (Totalitarian Politics ) وسياسة التسلط (Authoritarian Politics) والسياسة الاليكراكية (Oligarchs) والسياسة الديمقراطية اللبرالية ( Liberal Democracy) وغيرها وسنلقي الضوء على هذه الانواع في مقالات قادمة ان شاء الله.