18 ديسمبر، 2024 6:37 م

السياحة في أيران شيء أخر

السياحة في أيران شيء أخر

العراقيون، وبعد عزلة دامت لسنوات إبان حقبة البعث، زارت أعداد كبيرة منهم إيران، وجلّ الزائرين من الوسط والجنوب ويقصدون المراقد والمزارات الدينية، وانطلقت بعدها رحلات جماعية ينظّمها أشخاص يُطلق عليهم “حملة دار”، والتي تعني باللغة الإيرانية (صاحب القافلة)، وتطوّر الأمر بعدها إلى مكاتب سفر وشركات سياحية مرخصة, ولأن الاقتصاد الإيراني يترنح تحت العقوبات الامريكية , فقد وجد الإيرانيون ضالتهم في العراقيين كمصدر دعم لاقتصادهم.
المراقد المقدسة
ويُعدّ مرقد علي بن موسى الرضا، الإمام الثامن لدى الشيعة، والذي يقع في مدينة مشهد شمال شرق إيران، أهم وأبرز معلَم ديني إذ يجذب سنوياً ملايين الزائرين، أما في مدينة قم فيقع مرقد فاطمة بنت موسى بن جعفر الكاظم، سابع أئمة الشيعة، وأخت الإمام الثامن، الرضا، ويقع في قم أيضاً مسجد جمكران حيث يُعتقد أن رجلاً اسمه الشيخ حسن بن مصلح الجمكراني التقى المهدي (الإمام الثاني عشر للشيعة)، وأمره الأخير ببناء المسجد.
وفي مدينة شيراز، يقع مسجد شاه جراغ (بالفارسية: شاه‌چراغ)، ويضم المسجد ضريح الأخوين أحمد ومحمد ابني موسى الكاظم وشقيقَي علي الرضا، أما في العاصمة الإيرانية طهران فيقع ضريح شاه عبد العظيم الحسني، وهو من نسل أئمة الشيعة، ويرجع نسبه تحديداً إلى الحسن بن علي بن أبي طالب
وفي مدينة أصفهان يوجد مرقد السيدة زينب الصغرى بنت الامام موسى الكاظم وأخت الامام علي بن موسى الرضا, في منطقة سكنية واسعة تسمى الزينبية , أغلب سكانها من العراقيين الذين رحلهم نظام صدام حسين أبان حكمه عام/1980.

سياحة من نوع أخر
وبعد أن استقبلت إيران موجات كبيرةً من السائحين العراقيين بعد العام 2003، برزت فيها سياحة من نوع جديد : في البدايات كانت الأحاديث تدور حول ما يسمّى بزواج المتعة، وهو أمر تبيحه الطائفة الشيعية، وسرعان ما تحوّل من زواج متعة مؤطَّر بالحلال إلى جنس مقابل المال، الأمر الذي أنعش السياحة في إيران وزاد من إقبال العراقيين على زيارتها.
طريقة أخرى مبطنة يذكرها بعض أصحاب المكاتب السياحية للبحث عن الجنس، إذ يصر بعض الزبائن على وجود مترجمة عوضاً عن مترجم، وحين يتعذر تلبية طلبهم يتراجعون عن السفر، وينقل الكثير منهم شكاوى متكررة عن مترجمات ، إذ تعرضن للتحرش من قبل بعض السائحين .
الاعتداءات المتكررة
وبين الحين والآخر، تنتشر أخبار موثّقة لشبان عراقيين تحديداً، تعرضوا لاعتداء في إيران، عن طريق السلب والاحتيال أو عن طريق قطاع الطرق, على سبيل المثال، تعرض شاب في آب/ أغسطس 2021، لعملية سرقة من قبل عصابة إيرانية، ولم يحصل على مساعدة من قبل الشرطة إلى أن وجد حقيبته في أحد الأزقة، وهي منهوبة بالكامل وكُتبت عليها عبارات رديئة بحق المواطن العراقي.
ومن الحوادث الموثقة الكثيرة، مقتل مواطن عام/ 2019، الذي انتهت رحلته العلاجية بمقتله على يد عصابة إيرانية بقصد الاستيلاء على أمواله، وقال شقيقه حينها: “الجهات الإيرانية لم تستقبل الشكوى التي قدمتها وأهملتها”، مبيّناً أن “المنظومة الأمنية الدقيقة في الأراضي الايرانية تكشف عن علم حكومي بما يحصل هناك، إلا أنها تُفضّل الصمت لأسباب غير معروفة”.
وكانت صفحة سفارة جمهورية العراق في إيران قد نشرت في العام/ 2018، توضيحاً تصف من خلاله الأخبار التي تتحدث عن حالات القتل، والسلب، والسرقة، التي يتعرض لها العراقيون في إيران بأنها أكاذيب تصدر من إعلام رخيص، أيضاً وصفت الأخبار بأنها تهويل إعلامي، وبيّنت أن “الآلاف من العراقيين يقومون بزيارة المدن الإيرانية لأغراض السياحة وزيارة المراقد الدينية، بالإضافة إلى مدينتي المحمرة وعبادان، وإن حالات السرقة أو غيرها محدودة جداً، وتحدث في أي مدينة من مدن العالم”.
تجار وسماسرة
إن السائحين يأْتمنون سماسرة الجنس في إيران، بناءً على تجارب أصدقائهم الذين سبقوهم، وهي طريقة رائجة بين الشباب إذ يتبادلون في ما بينهم أرقام السائقين والمترجمين/ ات الذين يثقون بهم ويعتمدون عليهم في توفير الجنس، ويشير إلى أن السمسار الذي يتعامل معه موثوق ومجرب من قبله ومن قبل أصدقائه، بدليل أنه في كل رحلة تسير الأمور على ما يرام، فضلاً عن العلاقات الوطيدة لذلك السمسار مع رجال الشرطة.
ويذكر أن تلك الممارسات ولّدت غضباً وامتعاضاً لدى الكثير من الإيرانيين، لأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحرّم تلك الأمور لذلك اتخذت السلطات مؤخراً إجراءات صارمةً، منها زيادة الرقابة على الفنادق بحيث لا يسمح بتواجد رجل مع امرأة أجنبية، أي لا يُسمح بخلوة الرجل بالمرأة من دون رابط قربى، أو ورقة، أو وثيقة للزواج، والتشديد على مالكي العقارات الذين يؤجرون منازلهم للسائحين، مما يتيح لهم جلب النساء، بالإضافة إلى معلومات استخبارية عن أماكن وأشخاص يوفرون الجنس للسائحين، لذا شرعت السلطات بشن حملات مكثفة.
ونظراً “لسهولة التنقل بين العراق وإيران، بعد رفع تأشيرة الدخول أو الحصول على الفيزه مقابل مبلغ رمزي عن طريق مكاتب السياحة , يأتي السياح من دون برامج سياحية، وحين يصلون إلى المطار أو المعبر الحدودي ولكونهم لا يجيدون اللغة الفارسية , ولا يعرفون طبيعة المكان، فأي شخص يجدونه يتحدث العربية يتعاملون معه مباشرةً، وذلك يعرّضهم للنصب، والاستغلال، والاحتيال، وحتى إذا ما ذهبوا ليشتكوا لن تستطيع الحكومة أن تفعل شيئاً لهم، لأن هؤلاء الأشخاص غير معروفين بالنسبة لها، بينما لو تعامل السائح مع المترجم أو المرشد السياحي المجاز وتعرض على سبيل المثال للإساءة فبمجرد أن يتقدم بشكوى سينال حقه وفق القانون، لأن السلطات لديها قاعدة بيانات عن المرشدين السياحيين، والمترجمين المجازين من قبلها”. ()