القاسمُ المشتركُ بينَ الأجزاء الثلاثة للعنوان اعلاه ,من نواحٍ فنيّة وآليّة وتنفيذية , هو ” الكتل الأسمنتية ” والتي يُصطلح عليها جماهيرياً بِ ” الصبّاتْ ” والتي في جانبيها الفلسفي والإجتماعي قد غيّرتْ مفاهيم الحياة وطباع المجتمع وافرزتْ أموراً اخرى كثيرة , إنما ليس مجالها هنا , لكنما نشير فقط الى واحدةٍ من اسباب تشييدها المرتبط بِ : < كلفتها + الجهة المستفيدة ماليّاً من ورائها + اعدادها المرعبة المجهولة والتي اشتملت على نصبها حتى في الطُرقات والأزقة في المناطق السكنية > .
في إشارةٍ تتجددُ يومياً حول احتمالات انهيار سدّ الموصل , وما قد يتعرّض له ” سدّ سامراء ” من انهيارٍ آخرٍ جرّاء قوة دفع وتدفّق مياه السد الأول , وما سيفرزه ذلك من مصائب وكوارث انسانية مهوولة , اليسَ منَ الأجدر والأوجب الإسراع بجمع آلاف القطع والكتل الأسمنتية وصفّها كحاجز شمال بغداد وبطريقةٍ هندسيةٍ تقلّل من كميات المياه التي قد تتدفق وتحول دون ُغرق بغداد حتى ولو بشكلٍ نسبي .!!
الأغرب من كلّ ذلك , أنْ يتزامن الإعلان الرسمي المفاجئ لنصب وتشييد ” سور ” حولَ ومنْ حولِ بغداد ” عبر نقل الجموع الغفيرة للكتل الكونكريتية في احياء العاصمة , وإعادة تركيبها وكأنها سور الصين العظيم , التزامن الغامض هذا قد أتى بعد أنْ تقهقرت داعش من الرمادي وتمّ ازاحتها , وبذلك تكون الحدود الغربية لبغداد مُؤمّنة بالكامل مع تواجد قطعات عسكرية مكثفة في مناطق الرمادي , ثمّ أنّ الحدود الجنوبية والشرقية للعاصمة مُحصّنه اصلاً وضمنيا وذاتياً لأية اعمال ارهابية او داعشية , والى ذلك , وَ وِفق ما تكرره نشرات الأخبار على مدار اليوم , فأنّ التحشّد الكثيف للوحدات والقطعات العسكرية شمال بغداد قائمٌ على قدمين وساقين مروراً بديالى وانعطافاً بصلاح الدين , وتمركزاً في ” سبايكر” ووصولا الى اطراف الموصل , فمن أينَ وكيفَ يتأتّى للدواعش من الدنوّ الى بغداد .!! , فلماذا تسييج وتطويق بغداد بهذا السور الشامخ .!
لمْ يستطع إعلام الدولة , ووسائل إعلام احزابها الحاكمة , ولا تصريحات الساسة , من إقناع قطاعات كثيرة من الرأي العام ” المهتم بها الشأن ” ولا إقناع العديد من الأوساط الإعلامية المحايدة والنُخب الثقافية حول أهمة وضرورة تشييد السور , وتفضيل ذلك بأستغلاله لحماية العاصمة من الغرق المحتمل وبأية نسبةٍ كانت , كما لمْ يستطع إعلام احزاب السلطة أنْ يكشف ويوضّح اسباب اختيار هذا التوقيت حول السور .!
هنالك مقولة شهيرة كادت تغدو كشعار منذ اكثر من نصفِ قرنٍ من الزمن , وعبر كافة الحكومات والأنظمة التي حفلت بها الدولة العراقية , ومفاد او نَص تلك المقولة هو : < الجيشُ سورٌ للوطن > , فإذ اضحى هذا الجيش معزز ومدعم بالشرطة الأتحادية والنجدة , وشرطة حماية المنشآت , والمرور , وعديد الأجهزة الأمنية المتنوعة , فهل من حاجةٍ الى سور .!