أصبح من الواضح أن موقف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتأرجح بين الإرضاء والضغوط، خاصة فيما يتعلق بموضوع القمة العربية التي يطمح من خلالها إلى إعطاء العراق فرصة ليعيد دوره الفاعل والمتوازن في المحيط العربي. لكن هناك معارضة تقابله من خلال الضغوط التي يتعرض لها من قبل الكتل في الإطار التنسيقي، الذي يعتبر الداعم الأساسي والأقوى في الحكومة العراقية.
كل المؤشرات تشير إلى أن السيد السوداني، ومنذ تسلمه رئاسة الوزراء، يعيش على حبال مشدودة بين طلبات الداخل ومعارضة البعض لسياسته الخارجية، وبين الضغوط التي يتعرض لها من قبل القوى الخارجية، الأمر الذي وضعه في مواجهة قوتين: قوة الإطار التنسيقي الذي جاء به إلى السلطة، وبين الأعمال الشخصية له والأحلام التي تراود كل رئيس وزراء يميل إلى الصف العربي ويحاول أن يبني صورة رجل دولة يريد من خلالها إعادة العراق إلى محيطه العربي والإقليمي الصحيح، وأن يعيد ثقله ومكانته الدبلوماسية بصورة متوازنة.
قراءة الواقع السياسي العراقي تجد أن الكتل الشيعية القوية داخل البرلمان العراقي، التي دعمت الرئيس السوداني، تتحرك باتجاهات متعددة، خاصة فيما يخص ملف تواجد القواعد الأمريكية والتعامل مع الملفات الأمنية، والعلاقات مع إيران وتركيا، وموقفه الأخير من الحكومة السورية، مع المعارضة الشديدة لبعض هذه الكتل التي تنتمي إلى خيمة الإطار التنسيقي لتلك المواقف…
السوداني يحاول اليوم أن تنجح القمة العربية في بغداد ويعتبرها فرصة ذهبية لإعادة العراق إلى الساحة العربية، وأن يكون أحد الداعمين الأقوياء للقرار العربي، خاصة وأن الجامعة العربية أصبحت شبه مشلولة وربما مقعدة تماما من ناحية الكثير من القرارات في ظل الظروف التي تمر بها الشعوب والدول العربية. فهو يعتبر العراق قد أصبح مؤهلاً ليكون داعماً حقيقياً للقضايا العربية من خلال الجامعة العربية، وأنه يَعتبر العراق اليوم جسر محبة للتواصل بين الأشقاء وليس ساحة للصراع أو تصفية الحسابات، ويدرك جيداً أن هذا الطموح بحاجة ماسة إلى دعم من قبل الشركاء السياسيين في الداخل، ولابد أن تكون هناك قدرة على إقناعهم بأن الانفتاح على العالم العربي لا يعني إعادة حسابات الماضي وتصفية الخصوم.
لذلك تجده يواجه التحدي الأكبر من خلال الحفاظ على التوازن في الداخل رغم هشاشته ورغم التشظي الذي يعيشه في بعض الأحيان مع بعض الكتل، سواء الشيعية تحت خيمة الإطار التنسيقي أو الكتل السنية أو كتل التحالف الكردستاني.
ويبقى السؤال: هل سوف ينجح السيد السوداني في الإفلات من قبضة الإطار دون فقدان الدعم السياسي لهم وتقديم صورة محترمة ومستقلة للنظام السياسي العراقي الجديد، وإظهار صورة حكومة عراقية قوية متماسكة من الداخل أمام قادة الدول العربية، أم أن المطرقة ستبقى أقرب إلى رأسه من آماله المعلقة فوق طاولة القمة؟
أيام قليلة تفصلنا عن القمة، ننتظرها وآمالنا بنجاحها كبيرة رغم ما يرافقنا من خيبة أمل نتيجة ما نسمعه من تصريحات إعلامية من هنا وهناك.