23 ديسمبر، 2024 2:30 م

السهر الليلي يحول السحور الى وجبة طعام فقط

السهر الليلي يحول السحور الى وجبة طعام فقط

كثيره هي الذكريات قسم منها نتذكره لحلاوته وقسم منها نتذكر مراره لحظاته..
بين الماضي والحاضر هناك الكثير من الذكريات وبينهما فوارق كثيره في الماضي يأتي شهر رمضان المبارك ومعه برنامج خاص به والجميع ملزمون بقدسية هذا الشهر وحتى الذين لا يلتزمون بفرائض واركان الاسلام تجدهم في هذا الشهر المقدس في الصفوف الاولى في المساجد
ويمنعون انفسهم من أي شيء محرم احتراما لهذا الشهر الكريم…
كانت صلة الارحام وتواصل الناس فيما بينهم من احد شعائر رمضان وانتظار فرحة العيد لدى الجميع بائنة على وجوههم…
كل شيء كان جميل وكان السحور لهو مذاقه الخاص وخاصه عندما تجتمع العائلة جميعها على مائده واحده
فيها نوع او نوعان من الطعام وغالبا ما تكون الالبان هي سيدة الوجبة…. حيث ان الطبيخ مستبعد تماماً من وجبات السحور في الماضي الا اذا كان هناك بقايا من طعام الفطور فربما يعاد تسخينه وتقديمه في وجبة السحور.. تذكرت اليوم وانا اتلقى دعوة من احد الاصدقاء لتناول وجبة سحور رمضانية في بيته وقد قدم لنا انواع المأكولات وكأنها وجبة غداء او فطور رمضاني وانا اتوجه لمنزل ذلك الصديق شاهدت المطاعم مفتوحة وهي تستقبل زوارها الذين اتوا اليها لتناول وجباتهم المفضّلة ولا اعرف ان كانوا من الصائمون ام زوار مطاعم عاديون… تذكرت عجائزنا يرحمهن الله وهن يعددن لنا وجبة السحور من اللبن (الخاثر) مع قوري الشاي وخبز الحنطة الخالص وربما احيانا ماعون من القيسي او كما يسمونها الطرشانه.. وعادتني الذكريات الى الاوقات بين الفطور والسحور وكيف لنا ان ننام ساعات لنجلس بعدها لتناول وجبة السحور عكس ما موجود في يومنا هذا تجلس الناس للسهر الى الصباح سواء في البيوت او خارجها دون كلل او ملل من السهر وحتى النعاس لم يعرفه الانسان في زمن العصرنة الحديثة. ومادام الإنترنت موجود فسلام على الدنيا ومافيها.. جيل كامل اليوم متعلق بمواقع التواصل الاجتماعي والانستكرام وغيرها اكثر من تعلقه بدراسته او عمله.. لقد اصبح السحور مجرد وجبة غذائيّة يأكل فيها الناس كلا حسب طلباته. ليتوجه بعد نهايته يبدأ صوم يوم رمضاني جديد يبدأون فيه النوم حتى ساعات متأخرة من النهار وليجتمعوا مجددا عند وجبة افطار جديد وهم يرددون اللهم لك صمنا وعلى رزقك افطرنا ولصيام الغد يارب نوينا. ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر ان شاء الله… ونحن نرى صيام هذه السنين لا يوجد فيه ظمأ والعروق مبلولة دوماً والاجر علمه عند الله…
رحم الله الاجيال السابقة الذين تحملوا عناء ومشقة الصيام بدون اجهزة تبريد وبدون مأكولات شرقية وغربية منوعة وبدون انترنيت ومناجلهم تحصد السنابل في ذروة الشهر السابع والشمس فوق ظهورهم عامودية… واعاننا الله اليوم وانقذنا من السهر لأننا جميعا نعرف ان رمضان ليس للنوم فقط وان العمل هو العبادة وان لذة التمرة وانت تخرجها من (الخصافة) في الماضي اطيب من قطعة الماكنتوش في يومنا هذا…
وصياما مقبولا ان شاء الله…